بين مختصون أن "الهيموفيليا" مرض اضطراب وراثي نادر لا يحدث فيه تجلّط الدم بشكل صحيح نتيجة نقص البروتينات الكافية لتخثر الدم بسبب طفرة أو تغيبر في أحد الجينات التي توفّر التعليمات اللازمة للبروتينات لتشكيل تجلط الدم. وقالوا في حديثهم لـ"اليوم" إن الهيموفيليا أو مرض الناعور يصيب الذكور وقد يصيب الإناث بنسب قليلة مقارنة بالذكور يؤدي إلى تلف الأعضاء والأنسجة، داعين إلى تجنب بعض الأنشطة الرياضية التي تتطلب الاحتكاك الشديد، مع أهمية الوقاية في جميع مناشط الحياة. قالت نائب رئيس مجلس إدارة والمستشار العلمي للجمعية السعودية لطب وخدمات نقل الدم، استشاري أمراض الدم وطب نقل الدم في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، د. سلوى بنت إبراهيم هنداوي: تتحدد شدة الإصابة بالهيموفيليا حسب كمية نقص العوامل في الدم. وأوضحت أن أنواعه تتمثّل في الهيموفيليا (أ): ناجمة عن نقص عامل التجلط رقم 8 وهو الأكثر شيوعًا، والهيموفيليا (ب): ناجمة عن نقص عامل التجلط رقم 9، والهيموفيليا (ج): ناجمة عن نقص عامل التجلط رقم 11، والهيموفيليا المكتسبة من الممكن أن يصيب الرجال والنساء على حد سواء. وأضافت هنداوي: علاج الهيموفيليا يهدف إلى منع حدوث مضاعفات النزيف، خاصة نزيف الرأس أو المفاصل؛ ويشمل العلاج أدوية عامل التخثر المعدلة وراثيًّا، لمنع وعلاج النزيف فترة طويلة، تُعطى هذه الأدوية عن طريق الحقن في الوريد أو تحت الجلد. وأشارت إلى أن "طرق الوقاية من هذا المرض تتمثّل في استخدام بعض الأدوية لمنع نوبات النزيف، والحفاظ على الوزن الصحي حتى لا يكون الشخص عُرضة للنزيف، وممارسة الرياضة بحذر واختيار الأنشطة التي لا تضغط على المفاصل، ورفع الطرف المصاب، إذا أمكن ذلك، وتجنّب تناول الأدوية المسكنة للآلام بكثرة مثل (الأسبرين)، وضع أكياس الثلج على المنطقة المصابة لتقليل التورم، والتأكد من استشارة الطبيب قبل الخضوع لأي عملية جراحية، وذلك لاتخاذ الاحتياطات اللازمة". قالت استشارية علم أمراض الدم بمستشفى الملك فهد الجامعي د. حنان الدعيلج: "أكثر الأنواع شيوعًا هو هيموفيليا A و يحدث ذلك غالبًا بسبب طفرات وراثية في جين عامل التخثر الثامن المحمول على الكروموسوم X مما يجعل الذكور أكثر عرضة للاصابة بشكل كبير جدا مقارنةً بالإناث". وأضافت أنه في حالات قليلة من الهيموفيليا الوراثية يكون الانخفاض في عامل التخثر التاسع (هيموفيليا B أو مرض كريسماس) أو في العامل الحادي عشر (هيموفيليا C) وهي في عمومها أقل انتشارا و أخف حدة من هيموفيليا A. وأشارت إلى أن هناك حالات نادرة من الهيموفيليا يكون الخلل فيها مكتسبًا لا وراثيًا سببه تكوين الجسم لأجسام مضادة لعامل التخثر وهي مرتبطة في غالبيتها بالسن والإصابة بأمراض أخرى كالأمراض المناعية مثل الروماتيزم أو السرطان أو فترة النفاس. وتابعت الدعيلج: الأعراض قد تظهر في سن مبكرة جدا كأن يصاب الرضيع بنزيف غزير بعد الختان أو قد يصاب في سن الطفولة عندما يبدأ في النشاط والحركة بنزيف في المفاصل والأنسجة الرخوة وكدمات مفرطة. ولفتت إلى هيمنة حالات النزف المفصلي المؤلم المتكرر على المسار السريري للمرضى المصابين بشدة، والتي إن لم تُعالج فقد تؤدّي إلى تشوه وإعاقة تدريجي للمفاصل، كذلك قد يعاني مريض الهيموفيليا النزيفَ المطول بعد قلع الأسنان أو أي عملية أو اجراء جراحي، وترتبط الشدة السريرية للمرض عكسيًا بمستوى الانخفاض في عامل التخثر. كما أشارت الدعيلج إلى أن توفر مركزات العامل الثامن المخزنة في الثلاجات المنزلية أدى إلى تغيير كبير في علاج الهيموفيليا حيث يمكن علاج الطفل المصاب في المنزل. وذكرت أنه مؤخرا أضاف العقار الحديث (Emicizumab) نهجًا جديدًا له نجاح ممتاز في الحفاظ على نشاط التخثر وتقليل تواتر النزيف الشديد، وينصح مرضى الهيموفيليا بالحصول على رعاية أسنان وقائية منتظمة، وغالبًا ما يحتاج الأطفال المصابون بالهيموفيليا وأولياء أمورهم إلى مساعدة مكثفة في الأمور الاجتماعية والنفسية. من جهتها، ذكرت الأستاذ المساعد في علم الجينوم والوراثة الطبية -قسم طب المختبرات بجامعة أم القرى- د.أفنان صلاح سلاكا: "يعد مرض الهيموفيليا من الأمراض الوراثية المتنحية، والاستشارات الطبية الوراثية تعد من أفضل سبل الوقاية من مخاطر ولادة طفل مصاب قبل حدوث الحمل وخصوصاً في العائلات التي ظهرت بها حالات بهذا المرض". فيما أوضحت الاختصاصية في علم الوراثة يارا العسالي أنه لا يوجد علاج نهائي لهذا المرض؛ لكن يوجد علاج يهدف إلى منع حدوث مضاعفات النزيف، ويجب الحرص على الاستشارة الطبية الوراثية للوقاية من ولادة طفل مصاب قبل الزواج أو قبل حدوث الحمل.
مشاركة :