نبه إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، أن الطلاق يعرض الأبناء للانحراف بشتى أنواعه، لافتاً إلى أن تماسك بيت الزوجية واستمرار الحياة السوية بين الزوجين، يقي المجتمع من مفاسد وأضرار جسيمة قد تنتج بالطلاق، مستشهدا بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً). وقال في خطبة الجمعة أمس: «إن سنة الله تعالى وشريعته جرت باقتران الرجل بالمرأة بعقد النكاح الشرعي، ليبنيا بيت الزوجية تلبية واستجابة لمطالب الفطرة البشرية من طريق النكاح لا من طريق السفاح، إذ أن طريق الزواج هو العفاف وامتداد العمر بالذرية الصالحة، وطريق السفاح والزنا هو الخبث وأمراض القلوب، وفساد الرجل والمرأة». وأكد أن عقد الزواج ميثاق عظيم، ورباط قوي، وصلة شديدة، لقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)، وقال المفسرون إن ذلك عقد النكاح، وهذا العقد اشتمل على مصالح ومنافع للزوجين، مصالح للأولاد ومنافع لأقرباء الزوجين والمجتمع. ولفت إلى أن نقض عقد الزواج وإبطال ميثاقه وقطع حبل الزجية بالطلاق يهدم تلك المصالح والمنافع، ويقع الزوج في فتن عظيمة تفتره في دينه ودنياه وصحته، وتقع المرأة بالطلاق في الفتن أشدّ مما وقع فيه الزوج، ولا تقدر أن تعيد حياتها كما كانت، وتعيش ندامة لاسيما في هذا الزمان الذي قلّ فيه الموافق لحالها، ويتشرّد الأولاد ويواجهون حياة شديدة الوطأة، تختلف عمّا كانت عليه، فيفقدون كل سعادة تبتهج بها حياتهم، ويكونون عرضة للانحراف بشتى أنواعه ويتضرر المجتمع بالآثار الضارة التي تكون بعد الطلاق، وتستحكم القطيعة للأرحام وتحصل مفاسد وأضرار عديدة لا تحصى. وأرجع كثرة حالات الطلاق إلى أسباب عديدة واهية وعلل واهمة، من أكبرها الجهل بأحكام الطلاق في الشريعة، وعدم التقيد بالقرآن والسنة، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية أحاطت عقد الزواج كل رعاية وعناية، وحفظته بسياج من المحافظة عليه لئلا يتصدّع وينهدم ويتزعزع أمام عواصف الأهواء، لأن سبب الطلاق قد يكون من الزوج وقد يكون من الزوجة وقد يكون من بعض أقاربهما، فعالجت الشريعة كل حالة فأمر الله سبحانه وتعالى الزوج أن يعظّم عقد الزواج لقوله: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا). ودعا الزوجين إلى ضرورة المسارعة في إصلاح أي خلاف يحصل بينهما في بدايته لئلا يزداد ضرره، مبيناً أن من أهم عوامل بقاء الزوجية الإصلاح بين الزوجين من أهل الخير المصلحين حتى يتحقق لكل منهما حقه الواجب له على صاحبه. وحضّ المرأة على الحرص على مشاركة زوجها في سروره وأحزانه وأن تكون عوناً له على طاعة الله وتخدمه بالمعروف، محافظة على بيتها وتربية أولادها، وأن تقوم بحقّ أقرباء الزوج لاسيما والديه، كما على الزوج أن يؤدي حقوق أقاربه بصلتهم لاسيما أقرباء الزوجة.
مشاركة :