أسعار الفائدة المتأرجحة والسيطرة على التضخم «2 من 2»

  • 4/20/2023
  • 23:38
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أدى تزايد الاحتياجات التمويلية للمالية العامة إلى رفع أسعار الفائدة الحقيقية في بعض الدول، مثل اليابان والبرازيل. وكان لبعض العوامل الأخرى، مثل تزايد عدم المساواة أو تراجع أنصبة العمالة، دور أيضا، وإن كانت أقل تأثيرا. وتبدو الصورة أكثر تباينا في الأسواق الصاعدة، حيث شهدت بعض الدول، مثل الهند، ارتفاعا في سعر الفائدة الطبيعي خلال الفترة الماضية. وبشأن الآفاق المتوقعة لأسعار الفائدة الحقيقية، فلا يتوقع أن يطرأ تغير كبير على سلوك هذه العوامل مستقبلا، وبالتالي ستظل أسعار الفائدة الطبيعية منخفضة على الأرجح في الاقتصادات المتقدمة. ومع زيادة التطور التكنولوجي في اقتصادات الأسواق الصاعدة، يتوقع بلوغ نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج مستويات مقاربة لمثيلاتها في الاقتصادات المتقدمة. وإذا ما اقترن ذلك بارتفاع أعداد المسنين، يتوقع على المدى الطويل تراجع أسعار الفائدة الطبيعية في اقتصادات الأسواق الصاعدة إلى المستويات المسجلة في الاقتصادات المتقدمة. وهذا توقع إيجابي بالطبع على غرار الآفاق المتوقعة للعوامل الأساسية المحركة لأسعار الفائدة، غير أن هناك افتراضات بديلة ربما تتسق مع ما نشهده حاليا في عالم ما بعد الجائحة: أولا، قد يكون من الصعب سحب الدعم الحكومي، ما سيؤدي إلى زيادة الدين العام. ونتيجة لذلك، قد يتآكل ما يسمى بعائدات الحيازة المادية، أي: العلاوة التي يدفعها المستثمرون في صورة فوائد ضائعة نتيجة حيازة الإصدارات المحدودة من سندات الدين الحكومي التي تمتاز بالأمان والسيولة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة الطبيعية. ثانيا، إن التحول إلى اقتصاد أنظف دون التأثير في الميزانية عادة ما يؤدي إلى تراجع أسعار الفائدة الطبيعية عالميا على المدى المتوسط، حيث يسفر رفع أسعار الطاقة "نتيجة تطبيق مزيج من الضرائب والقواعد التنظيمية" عن انخفاض الإنتاجية الحدية لرأس المال. غير أن التمويل بالعجز للاستثمارات العامة في البنية التحتية وإعانات الدعم الخضراء ربما يوازن هذه النتائج أو يعكس مسارها. وقد تتفاقم القوى المفككة للعولمة، ما يؤدي إلى حالة من التفكك التجاري والمالي، وارتفاع سعر الفائدة الطبيعي في الاقتصادات المتقدمة وتراجعه في اقتصادات الأسواق الصاعدة. وأي من هذه السيناريوهات منفردا لن يكون له سوى تأثير محدود في سعر الفائدة الطبيعي، لكن اجتماعها، ولا سيما السيناريوهين الأول والثالث، سيسفر عن تداعيات ملموسة في الأجل الطويل. وعموما، يشير تحليلنا إلى أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة الحقيقية ستكون مؤقتة على الأرجح. وعند السيطرة مجددا على معدلات التضخم، يرجح أن تسعى البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة إلى تيسير السياسة النقدية، وخفض أسعار الفائدة الحقيقية إلى مستويات ما قبل الجائحة. غير أن مدى اقتراب أسعار الفائدة من تلك المستويات سيتوقف على تحقق السيناريوهات البديلة من عدمه، التي ينشأ عنها إما ارتفاع دائم في مستويات الدين والعجز وإما تفكك النظم المالية. وفي الاقتصادات الصاعدة الكبرى، تشير التوقعات المتحفظة بشأن الاتجاهات المستقبلية للعوامل الديموغرافية والإنتاجية إلى اقتراب هذه الاقتصادات تدريجيا من أسعار الفائدة الحقيقية في الاقتصادات المتقدمة.

مشاركة :