الأحداث فى السودان نظرة تحليلية

  • 4/20/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

السودان هى الدولة الجميلة القريبة لقلب مصر ولكل المصريين، كنا دولة واحدة وكان الملك فؤاد الأول هو ملك مصر والسودان، وجاءت ثورة يوليو 52 لكى تعطى السودان استقلاله، ولكنها ظلت فى قلب كل المصريين. السودان حدودنا معها هى 1250 كيلو وهى الامتداد الطبيعى لمصر جنوبا، ويربطنا معا شريان الحياة النيل العظيم. ومنذ سنوات كانت هناك وحدة مع السودان اسمها التكامل. كان المصرى يسافر للسودان ببطاقته الشخصية، والسودانى يحضر لمصر بنفس بطاقاته، لذلك يعيش معنا الآن فى مصر خمسة ملايين سودانى بلا جواز سفر ولا إقامة، والآن، أصبح السودان دولة مستقلة، يمثل لمصر الأمن القومى المباشر، أى مشكلة فى السودان تؤثر علينا، هنا فى مصر والعكس صحيح. ولكن للأسف خلال الثلاثين عاما الماضية جاء الرئيس البشير بعد انقلاب عسكرى ليحكم السودان. وتصبح من أكثر الفترات السوداء فى تاريخ العلاقات المصرية السودانية. لقد كان إخوانى الهوية وهو الرئيس الوحيد الذى أيد صدام حسين فى غزو الكويت، وهو الذى احتضن الإرهابيين الأفغان مثل بن لادن فى السودان. لذلك تم تصنيف السودان عالميا فى قوائم الإرهاب وعلى أرض السودان تم التخطيط لعملية محاولة اغتيال الرئيس الراحل مبارك فى إثيوبيا. كذلك وقف ضد مصلحة مصر والسودان خلال محادثات مياه النيل مع إثيوبيا، وأخيرا منح تركيا ترخيص جزيرة سواكن فى المجرى الملاحى للبحر الأحمر تحت ستار أن تركيا لها آثار تاريخية هناك منذ غزو الإمبراطورية العثمانية اليمن، لذلك كانت العلاقات المصرية السودانية فى عهده من أسوأ ما يكون. وبعد رحيل الرئيس البشير جاءت ثورة شعبية فى السودان، وبدأت الأمور تعود إلى طبيعتها. بين الدولتين المصرية والسودانية، وكان أبسط مثال على ذلك جهود مصر لرفع اسم السودان من قوائم الإرهاب من الولايات المتحدة، حتى تستطيع أن تبدأ إصلاحاتها الاقتصادية. وخلال السنوات الماضية اشتعلت الأمور فى السودان. حيث طالب الشعب بحكومة مدنية، ووقفت مصر تماما على الحياد، ولم تنضم إلى أى جانب، وكان قرار مصر أن قرار الشعب السودانى آو اختياره يجب أن يحترم. وعلى المستوى العسكرى بدأت مصر إعادة التواصل مع القوات المسلحة السودانية. حيث تم إرسال العديد من أطقم التدريب والصيانة وتم تنفيذ تدريبات مشتركة مثل نسور النيل للقوات الجوية المصرية والسودانية وحارس الجنوب مع القوات البرية وفجأة تطور الأمر فى السودان عندما بدأت تتحول بوجود حكومة مدنية فى الحكم بدلا من المجلس العسكرى، وأصبح لزاما على السودان دمج القوات المسلحة السودانية. برئاسة الفريق البرهان، مع قوة التدخل السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، فقد كانت الأحزاب ترى عملية الدمج خلال سنتين، وأصر دقلو أن يتم الدمج خلال عشر سنوات. وهنا ظهرت المشكلة من سيكون القائد العام للقوات المسلحة السودانية فى الحكومة المدنية الجديدة وفجأة بدأ الصراع العسكرى يوم 15 إبريل، وحتى الآن لا أحد يعرف من الذى بدأ القتال، فهناك الجيش السودانى بقيادة الفريق البرهان، رئيس مجلس السيادة السودانى، وهناك قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو. هذه القوات التى تعتبر شبه عسكرية، نشأت فى البداية تحت اسم مليشيات الجنجاويد. التى كانت تقاتل بسم الحكومة فى حرب دارفور، وخرجت بسمعة سيئة فى تلك الفترة. وفى عام 2013 تشكلت كقوة عسكرية سودانية بشكل رسمى تحت سيطرة المخابرات السودانية، وفى عام 2019 أصبحت ضمن القوات السودانية بأوامر الرئيس البشير، وعين محمد حمدان دقلو وأعطاه رتبة الفريق، ولكن مع قيام الثورة الشعبية، تخلى محمد حمدان دقلو عن البشير وانضم للثورة وأصبح نائب رئيس مجلس السيادة السودانى. وفجأة أصبح الأمر صعبا، من الذى سيصبح القائد العام للقوات المسلحة السودانية فى الفترة المقبلة، ومن هنا نشأ القتال، ولقد قالت صحيفة الصنداى تايمز إنه انقلاب، ولكنى أختلف معها وأقول إن ما حدث هو صراع على السلطة العسكرية فى السودان، وليس صراعا على الحكم، بمعنى الذى سينتصر، سيكون هو القائد العام الجديد فى الحكومة المدنية السودانية. وخلال هذا القتال العسكرى كان هناك دور للدولة العميقة وأقصد بها فلول النظام القديم للبشير. الذى بلا شك، أصبح سعيدا بما يحدث على الساحة السودانية، ويقول للجميع ألم يكن نظام البشير أفضل، وأعتقد أن فلول النظام حاليا لا تؤيد طرفا على حساب آخر، فهى تذكى وتشعل نار القتال بين الطرفين. وعندما نتساءل هل هناك أمل فى حل هذا القتال وإيقاف إطلاق النار لأن الخاسر هو شعب السودان. فى البداية نقول إنه من وجهة نظر العسكريين دائما فإن إيقاف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات يقوم على أساس أن قوة كل طرف تقاس على أساس قوته على أرض القتال، لذلك من سيجد نفسه قويا على الأرض. سوف يقبل التفاوض ووقف إطلاق النار ليكون له ميزة كبيرة فى التفاوض، وهناك ثلاث قوى أو سيناريوهات لحل هذا الموضوع فى المستقبل القريب. من خلال أطراف ثلاثة، الطرف الأول وهو الطرف العربى، ويقصد به مصر والسعودية والإمارات وجامعة الدول العربية. حيث تعتبر مصر أكثر الدول اهتماما بأمن السودان لإنها امتداد للأمن القومى المصرى، كما أن الدولتين مشتركتين فى تأمين البحر الأحمر. الممر الرئيسى لثلث التجارة العالمية. وكذلك هما مشتركتان فى قضية مياه نهر النيل، كذلك وجود العديد من الطلبة المصريين والعاملين فى السودان والقوات العسكرية المصرية التى كانت مشتركة فى التدريب المشترك، كما أن هناك فى مصر 5 ملايين سودانى يعيشون على الأرض المصرية. ثم السعودية وهى دولة تشترك مع السودان فى أمن البحر الأحمر، كما أن السودان دعمت السعودية فى القوة المشتركة فى حرب اليمن، كما أن السعودية قدمت دعما ماليا كبيرا للسودان فى الفترة السابقة، تجىء بعدها الإمارات بدورها القيادى حاليا فى المنطقة. وأيضا دعمت السودان ماديا فى الفترة السابقة. أما جامعة الدول العربية فقررت عقد اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين، وطالبت بوقف إطلاق النار على الفور، أما القوة الثانية، وهى الاتحاد الإفريقى ومنظمة الإيجاد الإفريقية، وهى يمكن أن تقوم بدور الوساطة أيضا لسرعة وقف إطلاق النار والوصول إلى حل لصالح الشعب السودانى. وأخيرا، تجىء بعد ذلك مجموعة الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة، وعلى الرغم من تصريحات بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى والبريطانى وباقى الدول الأوروبية، التى نادت بوقف إطلاق النار، إلا أننى أعتقد أنه كان من الواجب على منظمة الأمم المتحدة أن تضع مزيدا من الضغوط بإرسال مندوبها فى المنطقة فى إفريقيا، للاتصال بالأفراد المتحاربة فورا لإيقاف إطلاق النار والبدء فى الوصول إلى حل سلمى لصالح الشعب السودانى. وفى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن الرئيس السيسى أن مصر مستعدة للوساطة لحقن دماء السودانيين وأن مصر لا تتدخل فى شؤون أى دولة وهكذا هناك أمل فى أن يتم وقف إطلاق النار فى الفترة القادمة رغم اعتراض الطرفين على ذلك. خاصة فى فترة عيد الفطر المبارك، وهكذا سوف تبرز الأيام القادمة إلى أين تقودنا الأحداث، لكن فإن هم الجميع هو سرعة الوصول إلى تحقيق السلام بين الأطراف المتحاربة، والوصول إلى حل يحقق السلام للشعب السودانى فى منطقة الشرق الأوسط

مشاركة :