نظرة تحليلية في سلوك بشار الأسد

  • 2/8/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يُحسَبُ لبشار الأسد أنه متصالح مع نفسه إلى حد كبير، فسلوكه وردود فعله تتماشى تماما مع منظومة القيم والمبادئ التي يؤمن بها ونشأ عليها. من الأمثلة على هذه المنظومة ما تردد ويتردد كثيرا على ألسنة مؤيديه من أقوال، مثلا: «قم بتجويع كلبك فيتبعك.. شعب نمرود لا يمكن حكمه إلا بالحذاء.. شعب لا يُحكم إلا بالضرب.. شعب لا يستحق الديمقراطية»... إلخ. والناظر إلى سلوك الأسد يدرك تماما تماشيه مع هذه الأمثلة وغيرها من تجويع وتعذيب وقتل عشوائي وامتهان للكرامة الإنسانية. بلا شك أن هذا الشخص يعاني من اضطراب نفسي يتجلى في عبثيته وسلوكه الاستعلائي وعدم قدرته على التصرف بما يتناسب مع الحدث، فهو يهرج ويطلق النكات ويضحك في مواقف ينبغي عليه فيها أن يكون جادا ورصينا، إضافة للقسوة والوحشية المفرطتين وعدم القدرة على التعاطف مع الضحايا وكثير منهم سلميون وأطفال، وهذا دليل على اضطراب عاطفي عميق ونقص في التطور النفسي ناجم عن عوامل عدة منها نمط التربية وبيئة المنزل والأسرة والمدرسة وغيرها. هذا الاضطراب النفسي لا يعني إطلاقا أنه فاقد للأهلية ولا يعفيه أبدا من المسؤولية عن تصرفاته أمام القانون، ولذلك ينبغي الحذر عند الكلام عن حالته العقلية لأن لذلك تبعات قانونية جدية. إذن، بشار الأسد يتصرف تماما كما هو متوقع منه، ولا ينبغي أن تكون هناك مفاجأة في ذلك، ولكن ما يثير الاهتمام والاشمئزاز هنا هو قدرة البعض وإصرارهم، ومنهم من يعيش في دول ديمقراطية تعددية، على تبرير هذا السلوك والدفاع عنه في كل محفل، مما أدى لسقوطهم سقوطا أخلاقيا مريعا خاصة أن كثيرين منهم رجال ثقافة وصحافة ودين. من هذا يتضح أن استمرار الثورة السورية إلى اليوم أسهم بشكل أو بآخر في إسقاط كثير من الأقنعة والنظريات، ووضع الكثيرين، ومنهم من يحسب على المعارضة، في وضع حرج نتيجة ازدواجية معاييرهم ونفاقيتهم وباطنيتهم أحيانا. إن المفاعيل السياسية والفكرية والأخلاقية للثورة السورية يجب أن تتعدى مجرد إسقاط نظام الطاغية، إلى هدف بناء الشخصية الوطنية السورية على أسس جديدة سليمة تمنع وصول ديكتاتورية أخرى بقناع آخر، كما حدث في ثورات أخرى سواء في كوبا أو إيران أو الجزائر، حيث أصبحت الشعوب تبكي مستعمريها أو طغاتها السابقين وتقطع الفيافي والبحار للهجرة إليهم. * طبيب وناشط معارض سوري مقيم في بريطانيا

مشاركة :