أكد مشاركون في ندوة الإمارات ما بعد النفط، التي عقدها مركز الخليج للدراسات في دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، صباح أمس السبت، أن رأس المال البشري المواطن سيتزايد دوره في اقتصاد الدولة. وأوصوا في الندوة التي أدارتها الدكتورة فاطمة الشامسي، نائب مدير جامعة باريس سوربون بأبوظبي، على أهمية تحقيق تنمية متوازنة ترتكز على الاستثمار في العنصر البشري، وتطوير وتمكين القدرات الوطنية في مختلف القطاعات، سواء القطاع الحكومي أو الخاص. اتفقوا على أن النفط لعب دوراً رئيسياً في اقتصاد الإمارات، وأنه شكل منذ بدايات تأسيس اتحاد الإمارات، ما يزيد على 80% من الناتج القومي، غير أنه يشكل اليوم حوالي 30% من هذا الناتج، في إطار توجهات الدولة نحو تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعة، والتركيز على تنويع الاقتصاد ورفده بقطاعات حيوية، تعكس استراتيجية الدولة في تحقيق التنمية المستدامة. وأشاروا إلى أن الإمارات استفادت من ثروة النفط لجهة استبداله بثروة مادية تنعكس على حياة الناس مثل المستشفيات والمدارس والمساكن ومشاريع البنية التحية... إلخ، فضلاً عن الثروة المالية التي تقدر بمئات مليارات الدولار. وفي الإطار، أكد المشاركون أن خلوة الإمارات ما بعد النفط، فضلاً عن عامي القراءة 2016 والابتكار 2015 والاستراتيجية الوطنية للابتكار، جميعها تقدم دليلاً ملموساً على تطلعات الدولة. وأكملوا بأن رؤية الإمارات 2021 وخطة أبوظبي 2030 تشكلان جزءاً من استراتيجية الدولة نحو تطوير وتنويع القطاعات الاقتصادية والمعرفية، وأن هذه الخطط التي وضعت أدركت تصورات الدولة لتنمية وتطوير العقول البشرية، وسعيها إلى تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة تقود إلى التقدم والرخاء. كما لفتوا الانتباه إلى أن التعديل الوزاري الجديد أخذ بعين الاعتبار الشباب والمستقبل والتعامل مع التغير المناخي والسعادة، وأن التركيز على استحداث وزارات جديدة ينسجم مع استراتيجية الدولة في التحول نحو اقتصاد معرفي يعتمد على قاعدة إنتاجية موسعة ومتنوعة. وفي المحور الأول، الذي بحث دور النفط في الاقتصاد الإماراتي، أجمع المشاركون على أن النفط أسهم فعلاً، وبشكل كبير في العديد من القطاعات الاقتصادية بالدولة، وأن الأخيرة بدأت بشكل تدريجي تقلل من الاعتماد على هذا المورد. غير أن أحد المشاركين قال إن النفط، وإن أسهم في تمكين البنية التحتية والخدمية والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتطورة في هذا الجانب، إلّا أن الدولة لا تزال تعتمد بشكل كبير على القطاع الخدمي. وخلال المحور الأول، استعرض عدد من المشاركين نموذج النرويج الدولة الغربية المتقدمة التي لم تعتمد على النفط كمورد أساسي، بل إنها خصصت صناديق سيادية لأجيال المستقبل من العائدات النفطية، في الوقت الذي ركزت فيه هذه الدولة على تنويع قطاعاتها الإنتاجية والاستثمار في قطاعات تحقق ميزة نسبية لها، موصين بأهمية دراسة التجربة النرويجية والاستفادة منها. أما المحور الثاني فخصص للحديث عن الجهود الإماراتية لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وأكد المشاركون على أن الإمارات تعتبر اليوم وجهة سياحية مهمة وتنافس دولاً تتمتع بإمكانيات سياحية قوية. وعددوا الكثير من المشروعات الاقتصادية والحيوية التي تسهم في تمكين الاقتصاد الوطني، والتوجه نحو الطاقة المتجددة والاعتماد على الطاقة النووية خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث ذكر أحد المشاركين أن الإمارات التزمت خلال قمة المناخ التي عقدت في باريس أواخر ديسمبر/كانون الأول 2015، بأن تعتمد على الطاقة النظيفة بنسبة 24% في العام 2020. كما جرى نقاش معمق حول دور القطاع الخاص في العملية الإنتاجية والاقتصادية، حيث شدد رأي على أن دور هذا القطاع محدود في عملية التنمية، وأن القطاع الحكومي هو المحرك الأساسي للتنمية، في حين رأى موقف آخر أن القطاع الخاص يلعب دوراً كبيراً في تنويع الاقتصاد الإماراتي، وأن توجهات الدولة في المستقبل ستحيل الكثير من النشاطات الاقتصادية إلى القطاع الخاص، لاسيما أن قطاعات مهمة مثل الطيران وتصنيع هياكل الطائرات والنقل، فضلاً عن قطاع الفندقة والسياحة، وجميعها تلعب أدوراً مهمة في الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، وأن المطلوب هو التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة. المحور الأخير الذي ناقش خلاله المشاركون موضوع الإمارات ما بعد النفط.. الرؤية والسياسات، أوصوا بأهمية إيجاد تشريعات تناسب المرحلة الحالية والمقبلة، تتواءم مع توجهات الدولة في تعزيز الابتكار والإبداع. وفي حين اعتبروا أن مستقبل الدولة باهر ومتميز على صعيد التطور الاقتصادي والمعرفي، فقد أوصوا بأهمية التنسيق الإقليمي والدولي لجهة التركيز على عقد شراكات اقتصادية، لجلب مشاريع مشتركة مع دول متقدمة على أن تكون داخل الدولة، وتستهدف تشغيل الكفاءات المواطنة، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، والحاجة إلى قاعدة بيانات لواضعي السياسات التي تخدم تطور الدولة. كما أوصوا بضرورة ترشيد الاستهلاك والتوازن في الاقتصاد، والتروي في ترشيد الإنفاق الاستثماري، كونه أساس النمو المستقبلي، وأثره ينعكس سلبياً على التنمية، فضلاً عن أهمية وجود مجلس استشاري تخصصي لتقديم المشورة لصناع القرار. المشاركون في الندوة شارك في الندوة التي سينشر مركز الخليج للدراسات تفاصيلها في وقت لاحق، كل من: الدكتور أحمد مراد، القائم بأعمال عميد كلية العلوم، في جامعة الإمارات، الدكتور جاسم المناعي، عضو مجلس إدارة بلوم بنك، الرئيس السابق لصندوق النقد العربي، الدكتور سليمان موسى الجاسم باحث وأكاديمي، الدكتورة شيخة الشامسي أستاذة جامعية في الاقتصاد، الدكتور عبدالله إسماعيل أكاديمي وباحث في معهد روتشستر للتكنولوجيا بدبي، الدكتور علي توفيق الصادق مستشار اقتصادي، الدكتور محمود علي الإرياني خبير اقتصادي، الدكتور معاوية العوض مدير معهد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية بجامعة زايد، نجيب عبدالله الشامسي مدير عام الهيئة الاستشارية في مجلس التعاون الخليجي، الدكتور وسيم مينا أستاذ مشارك في جامعة الإمارات.
مشاركة :