الإبداع والتميز ظل هاجس الجميع، الكثيرون يريدون النجاح والبعض يحاول جاهداً نيل أعلى الشهادات ومع ذلك لا يتحقق النجاح بمفهومه الدقيق المتمثل في تحقيق إنجاز نوعي أو إبداعي يترجم الشهادات التي حصل عليها لذلك يتحول مفهوم النجاح والإبداع من تحقيق الإنجاز إلى الحصول على مؤهل عال. ما يلفت الانتباه والجدير بالتأمل أنه وإلى العصر الحالي وبالرغم من تطور العلوم والمعارف نجد أن أكثر الأشخاص نجاحا هم الأقل حظوة بالتعليم النظامي وهذا يؤكد أن التعليم النظامي غير قادر على صنع مبدعين وعلماء قادرين على تحقيق إنجازات نوعية، وهذا على مستوى العالم ككل وليس على المستوى الوطني فقط، فكل ما تقوم به مؤسسات التعليم هو تنميط الأفراد وجعلهم نسخاً مكررة من بعض ويكون الفيصل بين الطلبة جودة المؤسسات التعليمية على مستوى العالم التي ترفع من مستوى الطلبة أو تتيح لهم حيزاً أكبر للتفكير. حرص الأستاذ بجامعة شيكاغو ميهالي شكزنتميهالي وعلى مدى ثلاثين عاما على الإجابة عن تساؤل القواسم المشتركة بين المبدعين النجاحين وأبرز العوامل التي ساهمت في نجاحاهم، فحرص على إجراء مقابلات شخصية شملت 91 عالماً من حقول معرفية مختلفة و 14 فائزاً بنوبل، وكانت النتيجة التي توصل إليها هو وجود قاسمين مشتركين، تمثل الأول في جانب الفضول والبحث المستمر والتنقيب في التجارب غير المألوفة وعدم الاقتناع بالمسلمات، بينما تمثل العامل الآخر في الحافز للقيام بمثل هذه الأعمال لاسيما وأن العمل في غير المسلمات لا توجد له نتائج واضحة أو يمكن التكهن بالنتائج قبل انتهاء العمل، ولكن الإصرار والرغبة في تحقيق النجاح يلهمهم لإتمام العمل. وفي المقابل يدعم القاسمين المشتركين وجود رؤية واضحة والعمل في مجال يستهويه الفرد والقدرة على ربط الأمور المختلفة بين الحقول والمعارف وإجراء التجارب غير المألوفة وهو ما يحقق لهم السعادة أكثر من الأعمال الروتينية التي لا تلبي طموحهم. وصفة النجاح والإبداع هي ذاتها التي استخدمت منذ قرون وحتى وقتنا الحاضر وهي الرؤية الواضحة والرغبة الجامحة في العمل والمثابرة وهذا ما يؤكد سبب نجاح توماس أديسون الذي طرد من التعليم النظامي بتهمة الغباء وهي ذات السبب الذي قاد بيل جيتس وستيف جوبز للنجاح وكذلك مؤسسي جوجل اللذين بدآ مشوارهما بمحرك بحث واليوم يسعيان لأن تكون الشركة من أكبر منتجي الطاقة على مستوى العالم. maghrammba@gmail.com
مشاركة :