حليب الأم .. فوائد للرضع ومكاسب للأمهات

  • 2/14/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتضح من خلال آخر الدراسات الجادة حول إرضاع الأطفال بحليب الأمهات أن فوائد العملية الصحية والاجتماعية والاقتصادية متعددة وأن التركيز على خفض الاعتماد على المواد التي تعوض حليب الأمهات أصبح ضرورة ملحة لا في البلدان النامية فحسب بل أيضا في بلدان الشمال. فواضعو هذه الدراسة التي نشرت نتائجها مؤخرا في مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية الشهيرة يخلصون إلى أن دعم الاعتماد المتزايد على حليب الأمهات في مجال الإرضاع من شأنه إنقاذ 800 ألف طفل و20 ألف إمرأة من الموت كل عام. وهذا التوجه يسمح -حسب واضعي الدراسة- بخفض حالات الإصابة بالإسهال لدى الأطفال بنسبة 50 في المئة، وبالإصابة بأمراض لديها علاقة بالجهاز التنفسي بنسبة 30 في المئة، وكذا الشأن بالنسبة إلى الوفيات المفاجئة لدى الرضع. وأما الأمهات المرضعات في البلدان النامية وبلدان الشمال فهن قادرات من خلال هذه العملية على تجنب الإصابة بأمراض سرطانية ولاسيما تلك التي تصيب الثدي والرحم. وتؤكد منظمة "اليونيسيف" العالمية التي تعنى بالطفولة أن الرضيع الذي يتغذى على حليب الأم لديه قدرة على الثبات أمام عدد من الأمراض القاتلة بنسبة تفوق 14 مرة تلك التي لدى الرضع الذين لا يتناولون حليب الأم. ولكن منظمة الصحة العالمية التي تقف وراء مبادرة إجراء آخر الدراسات الميدانية حول الموضوع فيما يزيد على 160 بلدا تحذر اليوم من مغبة ظاهرتين تتمثل إحداهما في تزايد حملات الترويج الشرسة التي تقوم بها شركات عالمية لمواد بديلة عن حليب الأم في بلدان الجنوب من جهة، أما الظاهرة الأخرى التي تقلق منظمة الصحة العالمية من جهة أخرى فهي تباطؤ التوجه الرامي إلى إرضاع الأطفال من حليب الأم في بلدان الشمال. فنسبة اعتماد الرضاعة انطلاقا من حليب الأم لم تصل بعد إلى 10 في المئة مثلا في فرنسا. بل إن النسبة لم تتخط حتى الآن 1 في المئة في المملكة المتحدة، وهذا من شأنه تشجيع هذه الشركات المتخصصة في بيع منتجات تعوض حليب الأم على تحقيق مبيعات بقيمة 19 مليار دولار عام 2014 في انتظار رفع هذا المبلغ إلى 70 مليار دولار في عام 2019. وتخلص الدراسة إلى أن دعم حليب الأم في عملية تغذية الرضع إجراء مهم جدا يسمح بتوفير مبالغ عامة من خزينة الدولة يمكن إنفاقها في أغراض حيوية أخرى منها مكافحة البطالة، وتحسين الخدمات الصحية ومقاومة الفقر. وقدرت المبالغ المالية التي يمكن توفيرها في الولايات المتحدة في هذا السياق بمليارين و400 مليون دولار مقابل قرابة 30 مليون دولار في بريطانيا العظمى و242 مليون دولار في الصين الشعبية. بنوك للبن الأمهات والملاحظ أن عدة بلدان أصبحت لديها اليوم مؤسسات مهمتها الإشراف على جمع "ألبان الأمهات" بطرق شبيهة بتلك التي تدار من خلالها بنوك الدم والتي تساعد كثيرا على إنقاذ المحتاجين إلى الدم من الموت. وتوجد هذه المؤسسات مثلا في بلجيكا وجنوب إفريقيا، وهي تتولى الإشراف على جمع كميات من حليب الأمهات وتعقيمها وتجميدها في البراد واستخدامها عند الضرورة حسب مواصفات طبية دقيقة. ولوحظ في السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام لدى هذه المؤسسات بالجوانب المتعلقة بالأبعاد الأخلاقية المتصلة.

مشاركة :