العثور على ميزة تنافسية في عالم مضطرب

  • 2/14/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

خلال المنتدى المالي الخامس لدول مجلس التعاون الخليجي الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا الشهر، ستسلط يوروموني ومجلس التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين الضوء على استراتيجية البحرين المستقبلية للخدمات المالية. وأعتقد أنه يجب دراسة هذه الاستراتيجية على خلفية العالم المضطرب لأنه من خلال ذلك فقط يمكن أن تكون هذه الاستراتيجية قوية ومرنة بما يكفي لتنجح في تحقيق نتائج إيجابية لمملكة البحرين والمنطقة. إن الاضطراب ليس بالضرورة أمراً سلبياً، رغم أنه يمكن أن يكون سلبياً بالتأكيد عندما يكون غير متوقع أو غير مقبول. ولكن إذا انطلق الخبراء الاستراتيجيون من مبدأ أن الاضطراب هو القاعدة وليس الاستثناء، فيمكن عندها اتخاذ قرارات استراتيجية منطقية وعقلانية. دعونا نأخذ مجالاً واحداً يمكن على سبيل المثال أن تحقق مملكة البحرين من خلاله الازدهار في عالم مضطرب وتحوّل سماته الأساسية الى ميزة مستدامة. البحرين هي مملكة حميمية (البعض يقول صغيرة جغرافياً) ولها حدود هادئة وسيادة واضحة عليها. وفيها مستهلكون متطورون نسبياً ونسيج سكاني مشابه لذلك الموجود في دول المنطقة الأخرى. وكل ذلك يجعل منها مكاناً مثالياً لاختبار وتطبيق نماذج أعمال جديدة وتكنولوجيات جديدة. وما سينجح في البحرين سينجح في دول أخرى من المنطقة والعالم. والاستثمار المطلوب للوصول إلى السوق وتحقيق نتائج مفيدة صغيرة، وهنا تشكّل المساحة الجغرافية للبحرين ميزة. فكلفة الفشل منخفضة، وعلينا أن نتذكر أن معظم الشركات الناشئة تفشل (أو أن عليها على الأقل أن تحسّن ما تقدمه بشكل كبير). وفي القطاع المالي تحديداً فإن مملكة البحرين تتمتع بميزة مهمة وهي أن لديها جهة تنظيمية متطورة وعالية الخبرة. كما أنها تتميز بانتشار كبير للمؤسسات المالية مقارنة مع عدد السكان. كما أن لديها تاريخ يمتد 40 عاماً من الابتكار الناجح ومثال على ذلك المالية الإسلامية. وباختصار فإن مملكة البحرين قادرة على تحقيق النجاح. إن بناء البحرين لتكون بيئة فريدة للتبني السريع للعمليات الجديدة ونماذج الأعمال الجديدة والتكنولوجيات الجديدة يتخطى قطاع المالية، حيث ان له تطبيقات في العديد من المجالات ليس أقلها الحكومة الالكترونية والسياحة والتصنيع الذكي. وقد كانت الفكرة الرئيسية للمنتدى الاقتصادي العالمي 2016 هي الثورة الصناعية الرابعة التي تغطي تصنيع الروبوتات النموذجية، وذكاء الآلات والنماذج الجديدة لإدارة سلسلة الإمداد. ولا يوجد سبب يمنع تبني مثل هذه الطرق في مملكة البحرين. إن الهدف الأساسي هو اختيار فائزين في القرن الحادي والعشرين. ولا يعلم أحد كيف سينتهي المطاف بحالة الاضطراب الحالية، فمن المبكر جداً تحديد توجهات جديدة طويلة الأمد. ولكن ما نعلمه هو أن العديد من الأشخاص الأذكياء في أنحاء العالم يركزون بشكل متزايد على العثور على حلول، وأعتقد أن البحرين يمكن أن تستفيد من ذلك بحق إذا اتسمت سياستها بالقبول والمرونة والترحيب بهؤلاء الأذكياء بحيث تكون المكان الذي يمكنهم من تحقيق ذلك بشكل أفضل. ويتطلب اغتنام هذه الفرصة في الأساس تغييراً في العقلية، ليس فقط لدى صانعي السياسة (رغم أهميتهم) ولكن كذلك لدى قادة الأعمال والمالية. يجب تشجيع الابتكار (وقرينه الفشل) في جميع القطاعات. ومع ذلك فإن الحكمة المالية تظل دائماً مهمة، كما يجب اتباع طرق إزالة المخاطر عن الابتكار. وهناك العديد من الطرق للقيام بذلك، ولكنها جميعها تتطلب في الأساس تشجيع الشباب المتحمس على التجربة. ويجب كذلك أن نتذكر أن العثور على حل غير ناجح هو تقريباً بنفس أهمية العثور على حل ناجح.

مشاركة :