يواجه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، محاكمة مدنية بتهمة اغتصاب كاتبة صحفية قبل نحو ثلاثة عقود. ومن المقرر أن تبدأ يوم الثلاثاء عملية اختيار هيئة القضاة في محكمة نيويورك الفيدرالية. ونفى ترامب اتهام الكاتبة إي جين كارول بأنه اعتدى عليها في متجر كبير في مانهاتن، وقال إنها اختلقت الادعاءات بغية تحقيق الشهرة. وعلى الرغم من أن هذه الدعوى لا تعد قضية جنائية، إلا أن العواقب المترتبة عليها بالنسبة لترامب قد تكون خطيرة. وإذا كسبت كارول القضية، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يُدان فيها الرئيس السابق، الذي وجه إليه أكثر من عشرين اتهاما من هذا القبيل، قانونيا بتهمة الاعتداء الجنسي. ويواجه ترامب عددا من الدعاوى القضائية الأخرى، من بينها أكثر من عشرين اتهاما يتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية، والتحقيق في دوره المزعوم في إثارة أعمال شغب في الكونغرس الأمريكي في السادس من يناير/كانون الثاني عام 2021. كما يسعى ترامب إلى خوض سباق الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفيما يلي توقعات بشأن ما سيحدث في المحاكمة. ما هي الاتهامات؟ تقول كارول، البالغة من العمر 79 عاما، إن الاعتداء حدث في متجر "بيرغدورف غودمان" في مانهاتن أواخر عام 1995 أو أوائل عام 1996. وقالت إنهما تقابلا بالصدفة أثناء التسوق، عندما استشارها ترامب في شراء ملابس داخلية لامرأة أخرى وطلب منها مازحا تجريبها له. ولكن بمجرد دخولها إلى غرفة تغيير الملابس، اندفع نحوها، ودفعها إلى الحائط واعتدى عليها. وتدعي كارول، التي تكتب سلسلة مقالات نصائح بعنوان "اسأل إي جين" في مجلة "إيلي" منذ عام 1993، أنها تمكنت من إبعاده بعد "مشقة كبيرة". وقالت في شكواها إنها لم تبلغ الشرطة بالحادث لأنها "شعرت بصدمة ولم ترغب في اعتبار نفسها ضحية اغتصاب". وقالت صديقتان لكارول، وهما كارول مارتن وليزا بيرنباخ، إن الكاتبة أخبرتهما بالحادث في غضون أيام من وقوعه. وهما مدرجتان على قائمة الشهود المتوقع استدعاء كارول لهم للإدلاء بشهادتهم. ماذا قال ترامب؟ نفى ترامب مرارا الاتهامات المنسوبة إليه من كارول منذ عام 2019. ووصف ادعاءاتها، على منصته "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي، بأنها "احتيال كامل"، وقال إن الاغتصاب المزعوم "لم يحدث مطلقا"، وخلال إفادة قانونية في القضية، في أكتوبر / تشرين الأول، نفى ترامب مرة أخرى الاتهامات، مضيفا أن الكاتبة "ليست من النوع الذي أفضله". ولم يتضح حتى الآن إذا كان ترامب سيمثل أمام المحاكمة، التي من المتوقع أن تستمر لمدة تصل إلى أسبوعين. وليس مطلوبا حضور ترامب، وقال محامو كارول إنهم لا يخططون لاستدعائه كشاهد. ويعتزم محامو المتهمة إطلاع هيئة المحكمة على تسجيل صوتي، يُعرف باسم شريط "أكسيس هوليوود"، يُسمع فيه ترامب وهو يتفاخر بالإمساك بالأعضاء التناسلية للنساء. كما يعتزم محامو كارول التواصل مع نساء أخريات تحدثن عن اعتداء ترامب عليهن للإدلاء بشهاداتهن أمام المحاكمة. لماذا هي قضية مدنية؟ عادة يعطي قانون التقادم، الذي يسمح للأشخاص برفع دعاوى مدنية في نيويورك بشأن وقوع اعتداء جنسي، فترة ثلاث سنوات فقط، ما يعني أن فترة التقادم الجنائية لهذه القضية انتهت منذ فترة طويلة. بيد أنه في عام 2022، أقرت نيويورك قانونا للناجيات من الاغتصاب، يتيح للضحايا فترة سنة واحدة لرفع دعاوى قضائية بشأن وقوع اعتداء جنسي في الولاية وادعاءات تتجاوز فترة التقادم. ورفعت كارول دعواها القضائية على ترامب فور تطبيق القانون. وكانت الكاتبة، قبل هذه القضية، قد رفعت دعوى على ترامب تتهمه فيها بالتشهير بعد أن وصفها بالكاذبة في أعقاب نشر مذكراتها، بيد أن هذه الدعوى متوقفة حاليا نظرا لأن المحاكم تناقش حاليا الوضعية القانونية لمقاضاة الرؤساء السابقين. من الذي يمول مصاريف الدعوى لكارول؟ تشير ملفات المحكمة إلى أن ريد هوفمان، المؤسس المشارك لمنصة "لينكيد إن" والداعم للحزب الديمقراطي، ساعد في دفع المصاريف القانونية لكارول. وسعى محامو ترامب إلى تأجيل المحاكمة بعد أن علموا دور هوفمان، وقالوا إن دوره يثير تساؤلات بشأن دوافع كارول، ورفض القاضي مطلبهم، لكنه سمح لهم بسؤال كارول عن مصدر التمويل. ودافع هوفمان، في بيان، عن دعمه لكارول، قائلا إنه "لم يتخذ أي خطوات لإخفاء الدعم المالي الذي قدمه لهذه الدعوى بعد أن بدأت". وأضاف: "محاكمنا آلية عدالة لجميع المواطنين، وليس فقط لمن لديهم ما يكفي من المال والسلطة للتلاعب وتحويل دفة اللعبة لصالحهم".
مشاركة :