علماء يكشفون أسرار إمبراطورية دفعت الصين إلى بناء سورها العظيم

  • 4/26/2023
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سيطرت‭ ‬إمبراطوريّة‭ ‬بدويّة‭ ‬على‭ ‬السّهوب‭ ‬الآسيويّة‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون‭ ‬منذ‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬حيث‭ ‬تاجرت‭ ‬بالبضائع‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الحرير،‭ ‬وبنت‭ ‬قبورًا‭ ‬مزخرفة‭ ‬للموتى،‭ ‬وفرضت‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬البعيدة‭.‬ وشَهِدت‭ ‬الإمبراطوريّة،‭ ‬التي‭ ‬عُرِفت‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬،‭ ‬صراعًا‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬الإمبراطوريّة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منافستها‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وأدّى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬أجزاء‭ ‬منه‭ ‬قائمة‭ ‬حتّى‭ ‬اليوم‭.‬ ولعدم‭ ‬وجود‭ ‬سجلات‭ ‬مكتوبة‭ ‬عنهم،‭ ‬باستثناء‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬مؤرخون‭ ‬صينيّون‭ ‬اعتبروهم‭ ‬برابرة،‭ ‬اختفت‭ ‬إمبراطوريّة‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬‭ ‬وشعبها‭ ‬بين‭ ‬ظلال‭ ‬التّاريخ‭.‬ والآن‭ ‬كشفت‭ ‬أدلّة‭ ‬قديمة‭ ‬للحمض‭ ‬النووي،‭ ‬بمساعدة‭ ‬نتائج‭ ‬حفريات‭ ‬أثريّة‭ ‬حديثة،‭ ‬عن‭ ‬أسرار‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسيّة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر‭.‬ وأكمل‭ ‬فريق‭ ‬دولي‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬تحقيقًا‭ ‬وراثيًا‭ ‬في‭ ‬مقبرتين‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬الغربية‭ ‬لإمبراطورية‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬يُعرف‭ ‬الآن‭ ‬بمنغوليا،‭ ‬وكانت‭ ‬إحداهما‭ ‬مقبرة‭ ‬للنّخبة‭ ‬الأرستقراطية،‭ ‬بينما‭ ‬خُصِّصت‭ ‬الثّانية‭ ‬للنخبة‭ ‬المحليّة‭.‬ وتوصّل‭ ‬العلماء‭ ‬إلى‭ ‬تسلسل‭ ‬جينومات‭ ‬17‭ ‬فردًا‭ ‬دُفِنوا‭ ‬في‭ ‬المقبرتين،‭ ‬ووجدوا‭ ‬مستوى‭ ‬‮«‬مرتفعا‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬من‭ ‬التّنوع‭ ‬الجيني،‭ ‬ما‭ ‬يُرجّح‭ ‬أنّ‭ ‬الإمبراطوريّة‭ ‬كانت‭ ‬متعدّدة‭ ‬الأعراق،‭ ‬والثّقافات،‭ ‬واللغات،‭ ‬وفقًا‭ ‬للدّراسة‭ ‬الجديدة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬Science‭ ‬Advances‭.‬ ورُصِد‭ ‬التّنوع‭ ‬الجيني‭ ‬بين‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفرديّة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬الإمبراطوريّة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرّد‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬متجانسة،‭ ‬وحّدتها‭ ‬قضيّة‭ ‬مشتركة‭.‬ وفي‭ ‬بيان‭ ‬صحفي،‭ ‬أوضح‭ ‬كبير‭ ‬المؤلفين،‭ ‬والأستاذ‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬البيولوجيّة‭ ‬بجامعة‭ ‬‮«‬سيؤول‮»‬‭ ‬الوطنيّة،‭ ‬تشونغ‭ ‬وون‭ ‬جونغ‭: ‬‮«‬لدينا‭ ‬الآن‭ ‬فكرة‭ ‬أفضل‭ ‬عن‭ ‬كيفيّة‭ ‬قيام‭ (‬شعب‭) ‬شيونغنو‭ ‬بتوسيع‭ ‬إمبراطوريتهم‭ ‬عبر‭ ‬دمج‭ ‬مجموعات‭ ‬متباينة،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الزّواج‭ ‬وصلة‭ ‬القرابة‭ ‬لبناء‭ ‬الإمبراطورية‮»‬‭.‬ ومن‭ ‬بين‭ ‬المقابر‭ ‬الفردية‭ ‬التي‭ ‬دُرِست‭ ‬كانت‭ ‬المقابر‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بمكانة‭ ‬أعلى‭ ‬ملكًا‭ ‬للنّساء،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنهنّ‭ ‬لعبن‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬‭.‬ وتزيّنت‭ ‬التوابيت‭ ‬المُتقنة‭ ‬برموز‭ ‬ذهبيّة‭ ‬للشّمس‭ ‬والقمر،‭ ‬بإشارة‭ ‬إلى‭ ‬القوّة‭ ‬بالنّسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭. ‬واحتوى‭ ‬أحد‭ ‬الأضرحة‭ ‬على‭ ‬بقايا‭ ‬6‭ ‬خيول‭ ‬وعربة‭.‬ وقال‭ ‬عالم‭ ‬آثار‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الدّراسة‭ ‬والأستاذ‭ ‬المساعد‭ ‬بقسم‭ ‬فنون‭ ‬وآثار‭ ‬آسيا‭ ‬الوِسطى‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬ميشيغان‮»‬‭ ‬بريان‭ ‬ميلر‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تمتلك‭ ‬تلك‭ ‬النّخبة‭ ‬من‭ ‬النّساء‭ ‬الأغراض‭ ‬لعرض‭ ‬مكانتهنّ‭ ‬فقط‭ (‬مثل‭ ‬الأحزمة‭ ‬والقلادات‭)‬،‭ ‬بل‭ ‬لتفعيل‭ ‬نفوذهنّ‭ ‬أيضًا،‭ ‬مثل‭ ‬الأواني‭ ‬الفاخرة‭ ‬لاستضافة‭ ‬الولائم‮»‬‭.‬ وكشفت‭ ‬الدّراسة‭ ‬أيضًا‭ ‬معلومات‭ ‬حول‭ ‬حياة‭ ‬أطفال‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬‭. ‬وتمامًا‭ ‬مثل‭ ‬الرّجال،‭ ‬تم‭ ‬دفن‭ ‬المراهقين‭ ‬مع‭ ‬الأقواس‭ ‬والسّهام،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬ينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الأولاد‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الـ11‭.‬ وترى‭ ‬عالمة‭ ‬آثار‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التّاريخ‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬بون‮»‬‭ ‬أورسولا‭ ‬بروسدر‭ ‬أنّ‭ ‬البحث‭ ‬يعرض‭ ‬نظرة‭ ‬أعمق‭ ‬على‭ ‬النّسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لشعب‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬،‭ ‬باستخدام‭ ‬علم‭ ‬الوراثة‭ ‬كأداة‭.‬ وقالت‭ ‬بروسدر‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬أحدث‭ ‬دراسة‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬متحمّسة‭ ‬لرؤية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدّراسات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النّوع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬مضيفة‭: ‬‮«‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬كوني‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬دفن‭ ‬النساء‭ ‬البالغات‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬الأغراض‭ ‬فخامة،‭ ‬فأنا‭ ‬متحمّسة‭ ‬لرؤية‭ ‬أنّ‭ ‬علم‭ ‬الوراثة‭ ‬يدعم‭ ‬هذا‭ ‬الرّأي‮»‬‭.‬ وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬أُسيء‭ ‬فهم‭ ‬شعب‭ ‬‮«‬شيونغنو‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬بروسدر،‭ ‬وذلك‭ ‬لاستناد‭ ‬المعلومات‭ ‬على‭ ‬نصوص‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬الإمبراطوريّة‭ ‬واليونان‭ ‬القديمة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يُعتبر‭ ‬الرعاة‭ ‬الرّحل‭ ‬أقل‭ ‬شأنًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

مشاركة :