برأت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة خمسينيا من تهمة الاعتداء على عرض سيدة أربعينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تعاني من عاهة تضع قدراتها العقلية في سن فتاة لم تبلغ الـ 14 عاما، إلا أن المتهم لم يكن يعلم بذلك وهو ما اتضح للمحكمة من خلال التقارير الطبية التي اطلعت عليها والمتعلقة بحالة المجني عليها والتي بينت أن حالتها يصعب على الإنسان العادي اكتشافها كون الحالة المرضية التي تعاني منها حالة تخصصية لا يمكن لأحد معرفتها سوى أصحاب الاختصاص. وكانت النيابة قد أسندت إلى المتهم تهمة الاعتداء على عرض المجني عليها والتي لم تتم الرابعة عشر من عمرها عقليا، وذلك بعد بلاغ من المجني عليها ووكيلها، حيث أفادت بأنها تعرفت على المتهم منذ فترة وأنه اعتدى عليها عدة مرات، فيما أقر المتهم بعلاقته بالمجني عليها لكنه لم يكن يعلم بحالتها المرضية، كما أنها لم تخبره بحالتها أو يظهر عليها أية علامات تفيد قصور حالتها العقلية. فيما استمعت المحكمة إلى الطبيب النفسي واطلعت على تقارير طبية تكميلية، وتبين أن المجني عليها لديها عاهة مستديمة متمثلة في قصور عقلي يجعل إدراكها وقدرتها العقلية في عمر يقع بين 8 إلى 10 سنوات وهي حالة مرضية يصعب على الشخص الطبيعي التعرف عليها إلا من أصحاب الاختصاص فقط. حيث قالت المحكمة إن الثابت من أوراق الدعوى والتقرير التكميلي للجنة الطب النفسي بوزارة الصحة أنه خلص إلى أن أمر معرفة الشخص العادي بوجود مرض نفسي لدى المجني عليها ونوعية ذلك المرض وشدته هو أمر غير ممكن كونها مسألة تخصصية لا يقدر عليها سوى أهل الاختصاص فقط. وأضافت المحكمة أنها محصت أوراق الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الإثبات التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي وداخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وتشككت في صحة علم المتهم بالعمر العقلي للمجني عليها كما تشككت في صحة علمه بكونها معيبة الإرادة، ولا تطمئن إلى قيام وجود عناصر القصد الجنائي كركن أساسي من أركان الاتهام في حقه، ولذلك فإن المحكمة ترجح دفاع المتهم وترى أن للواقعة صورة أخرى غير تلك التي تناولتها الأوراق. وقالت المحكمة إنه ثبت من دون شك أن المجني عليها معيبة الإرادة وتعاني من تخلف عقلي تتراوح مدته بين البسيطة إلى المتوسطة الشدة وإن قدرتها العقلية من دون المستوى الطبيعي وعمرها العقلي يقع بين الثامنة إلى العاشرة من العمر، ولما كانت الأحكام الجنائية تؤسس على الجزم واليقين ولا تؤسس على مجرد الظن والاحتمال وقد انتفى القصد الجنائي لدى المتهم ومعرفته بذلك العمر العقلي للمجني عليها، الأمر الذي يتعين معه على المحكمة والحال كذلك القضاء ببراءته مما أسند إليه من اتهام عملا بنص المادة 255 من قانون الإجراءات الجنائية، ولهذه الأسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهم مما نسب إليه.
مشاركة :