رد مصري رسمي على وثائقي نتفليكس 'كليوباترا ذات بشرة فاتحة'

  • 4/28/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - تدخلت السلطات التشريعية والحكومية في موجة الغضب المندلعة في مصر عبر المواقع الاجتماعية ولدى علماء الآثار بسبب إعلان منصة نتفليكس للبث التدفقي عن عرض مرتقب لقصة وثائقية تلعب فيها الممثلة السمراء أديل جيمس دور الملكة كليوباترا. ورغم أن هذه ليست أول مرة يتم فيها تجسيد شخصية كليوباترا على الشاشة يعيب المنتقدون على الفيلم اختيار ممثلة سمراء لتجسيد دور الملكة التي حكمت مصر بين عامي 51 و30 قبل الميلاد ويعتبرونه تزييفا للتاريخ. وأكد المجلس الأعلى للآثار في مصر أن كليوباترا كانت "ذات بشرة فاتحة اللون وملامح هيلنستية". وسيُبثّ فيلم "الملكة كليوباترا" الذي أنتجته جايدا بينكيت سميث وتمّ تقديمه على أنّه "مستند إلى إعادة بناء الشخصيات والأحداث وشهادات خبراء"، في العاشر من مايو/أيار على نتفليكس. ويؤكد المقطع الإعلاني أنّ هذه القصة الوثائقية تعيد رسم حياة آخر الشخصيات الفرعونية المصرية "أثناء كفاحها للدفاع عن عرشها وعائلتها وعملها"، غير أنّ هذا الوثائقي يثير جدلاً كبيراً قبل البدء بعرضه. واعتبر العديد من مستخدمي الإنترنت أنّه بمثابة إعادة كتابة للتاريخ، بينما جمعت عريضة عبر الإنترنت بعنوان "أوقفوا الوثائقي عن كليوباترا على نتفليكس بسبب التزوير التاريخي"، أكثر من 40 ألف توقيع. وفي بلد يشهد مطالبات متكررة بحظر نتفليكس بسبب محتوى يُعتبر مسيئا لمصر أو لـ"قيمها العائلية"، طالبت النائب صبورة السيد البرلمان مرة أخرى، بحظر المنصة. ونشر المجلس الأعلى للآثار، الخميس، بيانا مطولا ذكر فيه خبراء شدّدوا جميعا على أنّ كليوباترا كانت "ذات بشرة فاتحة اللون وملامح هيلنستية (يونانية)". وأضاف المجلس أنّ "آثار الملكة كليوباترا وتماثيلها خير دليل"، مرفِقاً البيان بصور تماثيل رخامية تُظهر كليوباترا بملامح أوروبية، وصور عملات يونانية. وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري أنّ "ظهور البطلة بهذه الهيئة يعدّ تزييفاً للتاريخ المصري". وأشار إلى أن حالة الرفض للفيلم قبل عرضه "تأتي من منطلق الدفاع عن تاريخ الملكة كليوباترا السابعة والذي هو جزء مهم وأصيل من تاريخ مصر القديم، وبعيداً عن أيّ عنصرية عرقية"، مضيفا "كان يجب الرجوع إلى متخصصي علم الآثار والأنثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية التي سوف تظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم". وكتب عالم الآثار زاهي حواس على صفحته بفيسبوك قائلا "الملكة كليوباترا لم تكن سوداء وهي أصلا يونانية، وإذا شاهدنا تماثيل وأشكال أبيها وأخيها فلن نجد أي دليل يؤيد هذا الادعاء الذي سوف يذاع على منصة نتفليكس". وتابع "كانت كليوباترا مثل الأميرات والملكات المقدونيات، وإذا نظرنا إلى تماثيل الملكة والعملة فلن نجد أي دليل يؤيد الادعاء أن كليوباترا كان سمراء البشرة.. أنا لست ضد أصحاب البشرة السمراء إطلاقا ولكن وجدت أن من واجبي كأثري أن أوضح الحقائق". وانتشرت حملات شعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطالب نتفليكس بعدم عرض الفيلم وكتب البعض تعليقات ساخرة ولاذعة لبطلة العمل عبر حسابها على تويتر مما اضطرها للحد من نشر التعليقات. وظهر الإعلامي المصري الذي يعيش في الخارج باسم يوسف في مداخلة تلفزيونية على قناة "توك تي.في" البريطانية ليفند العمل، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق بالتحيز لعرق أو لون لأن حتى فيلم "كليوباترا" الذي قدمته النجمة إليزابيث تايلور عام 1963 لم يكن مرضيا بشكل كامل للمصريين لأنه صنع في وقت لم تكن هوليوود على إطلاع كاف بتفاصيل الحضارة المصرية القديمة. وأمام هذا الهجوم اضطرت الممثلة البريطانية بطلة الفيلم للرد عبر تغريدة قالت فيها "إذا كان لا يعجبكم فريق التمثيل فلا تتابعوا العمل"، مشيرة إلى أنها لن تتهاون مع أي تعليق مسيء لها وستلغي متابعة صاحبه. لكن الجدل حول الفيلم لم يتوقف ليأخذ منحى رسميا مع تقدم النائبة البرلمانية هناء أنيس رزق الله عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري بطلب إحاطة لوزراء الخارجية، والثقافة، والسياحة والآثار بشأن "محاولات تزييف وتزوير الحقائق التاريخية عن الحضارة المصرية". ومع بدء تعالي الأصوات المطالبة بتدقيق منهجية صنع الأفلام الوثائقية غيرت نتفليكس تصنيف العمل عبر منصتها من "وثائقي" إلى "وثائقي خيالي". وتنتمي كليوباترا للسلالة المقدونية وهي تتحدّر من الجنرال بطليموس الذي أصبح أثناء تقسيم إمبراطورية الإسكندر الأكبر ملك مصر الذي رأى الحضارة الهلنستية تزدهر على ضفاف النيل. وبينما تقول الأسطورة إنّ الملكة التي ولدت في العام 69 قبل الميلاد كانت تتمتّع بجمال رائع، يبقى مظهرها ولون بشرتها عرضة للتكهّنات والتفسيرات. وفي العام 2009، ذكر فيلم وثائقي بثّته شبكة "بي بي سي" البريطانية أنّ دماءً أفريقية كانت تجري في عروقها، ولكن من دون إثارة جدل.

مشاركة :