«المركزي» الأوروبي بين مزيد من التيسير وشوكتي «غريكست وبريكست»

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تحاول منطقة اليورو الخروج من الركود، متسلحة بالمبادرات الجديدة التي من المفترض أن تقوم بتغيير جذري في البيئة التجارية والاقتصادية على مدى السنوات القليلة القادمة. ورغم المبادرات المستمرة لمنطقة اليورو لتحسين التحول الاقتصادي، إلا أنها تواجه صعوبات في إدماج أكثر من مليون مهاجر، وانخفاض أسعار الفائدة وتنامي السيولة الفائضة. وأثبتت الأزمات المتكررة صعوبة استعداد المركزي الأوروبي للتعامل مع المشكلات المصرفية عبر الحدود، وقام البنك بمواجهة التحدي بين عامي 2012 و2014 بالإشراف المباشر على 129 مؤسسة مالية، وهو ما يمثل 82 في المائة من إجمالي الأصول المصرفية في منطقة اليورو. وغير البنك المركزي الأوروبي من استراتيجيته في إنقاذ البنوك من الاعتماد على دافعي الضرائب، إلى آلية مشاركة القطاع الخاص في إنعاش البنوك، وذلك لتوفير 59 مليار دولار على مدى الثماني سنوات القادمة. وعلى الرغم من استمرار ماريو دراغي، رئيس المركزي الأوروبي، في سياسة التحفيز لبنوك المنطقة للخروج من الأزمة، فإن استطلاع «الشرق الأوسط» لأوساط المتعاملين بالبنوك الألمانية والفرنسية أمس أكد على أن أزمة منطقة اليورو ما زالت مستمرة، خاصة مع ركود اليونان، ومعدلات النمو البطيئة لإيطاليا، وتخلف البرتغال عن النمو المتوقع. وهو ما أكدته المصرفية الفرنسية فلورينا آنوك لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إن «الصورة تبدو أقل وردية». وفي الوقت ذاته، أظهرت بيانات معهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي الصادرة أول من أمس، أن الناتج المحلي لدول منطقة اليورو نما بنحو 0.3 في المائة في الربع الرابع من العام الماضي، على أساس ربع سنوي، محققا معدل النمو نفسه في الربع الثاني، ونما اقتصاد المنطقة بنحو 1.5 في المائة على أساس سنوي. بينما انخفض الإنتاج الصناعي 1 في المائة على أساس شهري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و1.3 في المائة على أساس سنوي. من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن هذه المعدلات لنمو الناتج المحلي الإجمالي لن تكون كافية لخلق ضغوط تضخمية كافية بالمعدل الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي، وهي اثنان في المائة سنويا. من جهة أخرى نما الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، بنحو 0.3 في المائة بالربع الأخير من 2015، وهو المعدل نفسه الذي حققه في الربع الثالث المنتهي في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن ساعد الطلب الداخلي على تعويض الفارق في ضعف الصادرات. من جهته، أكد مكتب الإحصاءات على نمو إجمالي الناتج الألماني بنسبة 1.7 في مجمل عام 2015، وقال المكتب إن الوضع الاقتصادي في ألمانيا في 2015 اتسم بالنمو الثابت والقوي، موضحا أن الإنفاق العام ارتفع بشكل عام، خاصة بعد تعزيز المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للتعامل مع مشكلة اللاجئين. وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا في الفترة نفسها نسبة 0.2 في المائة على أساس ربع سنوي، كما نما الناتج المحلي الإسباني بنحو 0.8 في المائة في الفترة نفسها، بينما جاء نمو الناتج المحلي الإيطالي مخيبا للتوقعات بنحو 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي، أما هولندا وبلجيكا فحققتا 0.3 في المائة، بينما حققت البرتغال وقبرص نسب نمو 0.2، 0.4 في المائة على التوالي على أساس ربع سنوي. وانكمش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لليونان بنحو 0.6 في المائة، وفنلندا بنحو 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي. وتأتي تلك المعدلات لتبرز تساؤلات حول مدى قدرة المركزي الأوروبي على استمرار سياسات التيسير الكمي، حيث يرى مراقبون أن التأثيرات المفيدة لتلك السياسية بدأت في الزوال، كما أن انخفاض أسعار النفط سيتسبب في ضعف التضخم في منطقة اليورو، على غرار موجات الاضطرابات التي تشهدها أسواق المال الأوروبية. ويتوقع الخبراء الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم أن منطقة اليورو، على المدى القصير، ستستمر في سياسات التحفيز وبرامج التيسير الكمي وخفض آخر في أسعار الفائدة، وربما بوتيرة أسرع، أما على المدى الطويل فيرجح محللون زيادة احتمالية خروج اليونان الذي أصبح وفقا لرؤيتهم «يلوح في الأفق»، وهو ما لا يرغبه بالتأكيد رئيس الوزراء اليوناني ألكسندر تسيبراس. وأكد تسيبراس على أهمية مساعدة منطقة اليورو لليونان والحفاظ عليها من تصويت الدول الأعضاء بخروجها، ما يسمي بالـ«غريكست»، «Greek exist». وقال الخبير الاقتصادي نيك كونيس، ببنك ABN إنه ما زال يعتقد أن هناك حاجة لمزيد من التيسير الكمي، متوقعا أن يتبنى المركزي مزيدا من التخفيضات في أسعار الفائدة اعتبارا من مارس (آذار) المقبل. على جانب آخر، يحتاج رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى تحسن أكبر في المؤشرات الاقتصادية لمنطقة اليورو، حتى يستطيع إقناع مواطني بلاده بالتصويت لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، بدلا من التصويت لخروج بريطانيا «بريكست»، «British exist».

مشاركة :