تحيي الدنمارك وسط مراقبة أمنية مشددة اليوم (الأحد) الذكرى الأولى لاعتداءات كوبنهاغن التي نفّذها شاب متطرف من أصول فلسطينية، قتل شخصين قبل أن تُرديه الشرطة. وسيضع رئيس الوزراء لارس لوك راسموسن إكليلاً من الزهور أمام المركز الثقافي وكنيس استهدفتهما الاعتداءات، قبل أن يحضر مراسم تنظمها جمعية «فين نورغارد» التي تدعم المهاجرين الشباب. وبعد ذلك، تُنظم وقفة بين مكاني الاعتداءات، حيث رُصفت سلسلة من 1800 شمعة، وكل ذلك تحت مراقبة مكثفة للشرطة. يذكر أنه في 14 شباط (فبراير) 2015، أطلق عمر الحسين وهو دنماركي من أصل فلسطيني (22 عاماً) النار من سلاح رشاش على مركز ثقافي حيث كان عدد من الشخصيات يشاركون في مؤتمر حول «الفن والتكفير والحرية». وبين هذه الشخصيات، سفير فرنسا فرانسوا زيمراي ورسام الكاريكاتور السويدي لارس فيلكس الذي يُعتبر هدفاً للإسلاميين منذ رسومه الكاريكاتورية للنبي محمد التي نشرتها صحيفة «يلاندس بوستن» الدنماركية المحافظة عام 2005. وقُتل المخرج الدنماركي فين نورغارد (55 عاماً) وأصيب ثلاثة من رجال الشرطة. وتمكن المهاجم من الهرب. ومساء اليوم نفسه، قتل يهودياً (37 عاماً) هو دان أوزان، أمام كنيس وأصاب إثنين من عناصر الشرطة بجروح. لكن الحسين قُتل بعد ساعات في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في حي نوربرو الشعبي. وكان الشاب خرج للتو من السجن، حيث أمضى عقوبة اعتداء بواسطة سكين. وقال لارس فيلكس «يجب أن نكون في حصن منيع» أثناء مشاركته أمس في نقاش في مجلس النواب، بسبب زيادة الإجراءات الأمنية. ومنذ عام، يتقدم التحقيق بعيداً عن أعين الرأي العام. وسبق لعمر الحسين أن أعلن على «فايسبوك» مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وفي مقهى للإنترنت، قبل فترة وجيزة من مقتله، كتب الى "إخوته"، متفاخراً بنيله مكاناً في "الجنة" وحوّل مدخراته إليهم. وكشفت إحدى الإذاعات قبل أيام عدة انه كان يحمل قرآناً في جيبه لدى مقتله. ومع ذلك، لم تعلن الشرطة شيئاً عن دوافعه حتى لو أنها لم تعد موضع شك. ونقلت وكالة «رتزاو» عن المسؤول السابق في الأجهزة الأمنية هانز يورغن بونكيسن قوله أنه «يمكن تفسير ما حصل من خلال حقيقة اننا لم نكن نريد الخلط بين الإسلام والإرهاب». وخلال العام الماضي، شهد النقاش حول هجرة المسلمين مزيداً من الحدة، إذ سجلت الدنمارك 21 ألفاً من طالبي اللجوء في عام 2015 لتصبح بالنسبة إلى عدد سكانها، إحدى الدول الأوروبية التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين إلى جانب ألمانيا والسويد والنمسا وفنلندا. وغيّرت المملكة الصغيرة التي كانت تستقبل اللاجئين برحابة صدر، موافقها بشكل تدريجي بدافع من "الحزب الشعبي" المعادي للهجرة والداعم في البرلمان للحكومات اليمينية. وأكد وزير الخارجية كريستيان جنسن ذلك شخصياً قبل فترة، قائلاً أن «الهجرة مشكلة أكبر من الإرهاب» وأن الحكومة لا تتراجع في مجال التقشف حيالها، وقررت تمديد آجال لمّ شمل العائلات ومصادرة ممتلكات المهاجرين كي يشاركوا في عملية تمويل استقبالهم. وواجهت هذه الإجراءات انتقادات في المجتمع الدولي، لكن الدنماركيين لم يتجاوبوا معها، فيما تؤكد استطلاعات الرأي أن غالبية الدنماركيين تعتبر الهجرة الشاغل الأكبر. وقال أحد ممثلي المسلمين الدنماركيين سامي كوجوكان أن «البعض يستغل هذه المرحلة (...) لإبراز خطاب الكراهية. وهذا بات أكثر وضوحاً من السابق». ويشكل هذا الأمر تحدياً جديداً للسلطات المتهمة بانتهاج سياسة اندماج فاشلة. وقال وزير الداخلية سورين بيند في مقابلة تلفزيونية «من واجبنا تهيئة الظروف للأشخاص (المهاجرين) كي يشعروا بأنهم مثلنا» في المجتمع.
مشاركة :