مسقط- العمانية يعد مسجد الخور (الشهداء) أحد المعالم التاريخية بمحافظة مسقط المجاور لقصر العلم العامر وقلعتي الجلالي والميراني وتكمن أهميته كونه مركز علم منذ بدايات القرن التاسع عشر الميلادي حيث يعد أول مدرسة نظامية في مسقط ما بين عامي (1871- 1888م) وتخرج منه العديد من العلماء والقضاة والولاة، وقد بدأ التدريس في فترة حكم السلطان تركي بن سعيد، وكان ناظرها ومعلمها ومفتيها الشيخ سليمان بن محمد بن أحمد الكندي صاحب كتاب (التحفة السنية على متن الأجرومية في علم العربية) وشارح (منظومة العقيدة لنور الدين السالمي). وقال الدكتور ناصر بن سيف السعدي باحث في التاريخ العُماني لوكالة الأنباء العُمانية إن مسجد الخور لا يعرف تاريخ بنائه بالتحديد، وتشير بعض الروايات إلى أنه بني على أنقاض المسجد الذي هُدم إبان وصول القائد البرتغالي البوكيرك مسقط عام 1507م، كما تشير أيضا إلى أن عقب طرد البرتغاليين على يد الإمام سلطان بن سيف اليعربي عام 1650م، أعيد بناء المسجد وعرف حينها بمسجد الشهداء. وبين أن المسجد تم تجديد بنائه أكثر من مرة، ويظهر من بعض الوثائق أن الشيخ هلال بن أحمد بن سيف البوسعيدي أعاد بناء المسجد وجدد أركانه، وكان ذلك في عهد السيد سعيد بن سلطان ( ت: 1856م)، وأوقف له الأوقاف لصيانته والاعتناء به، وجُدّد كذلك في عهد السلطان ثويني بن سعيد (ت: 1866م)، وبناؤه الأخير جُدّد في عهد السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه- عام 1980م. ولفت السعدي إلى أنه خلال القرنين التاسع عشر والعشرين إضافة إلى كونه دارا للعبادة، أصبح مسجد الخور منارة علمية في مسقط، يفد إليه طلبة العلم من المناطق العُمانية، وقد كان مكانا لتلقي العلم ونسخ الكتب، مبينا أن بعض المصادر تشير إلى أن المسجد أصبح مركزا للتعليم في عهد السلطان تركي بن سعيد(ت: 1888م)، ولكن يبدو أن التعليم في المسجد أقدم من ذلك، إذ يشير الشيخ خميس بن راشد العبري(ت:1854م) في كتاب "شفاء القلوب من داء الكروب" إلى أن الناسخ عبدالله النخلي نسخ رسالة حول عمل المداد في مسجد الخور، وكان ذلك بمحضر الشيخ ناصر بن أبي نبهان (ت:1847م)، ولعل الشيخ ناصر كان يلقي دروسه في هذا المسجد. وتابع قائلا إن المسجد استمر دوره في كونه مركزا لنشر العلم والثقافة، وقد تولى التعليم فيه العديد من العلماء، إذ يشير الشيخ محمد بن عبدالله السالمي في كتابه "نهضة الأعيان" إلى أن الشيخ سعيد بن ناصر الكندي عندما انتقل إلى مسقط عام 1863م، تلقى علوم اللغة على يد محمد بن صالح وحبيب بن يوسف الفارسي، " وكان يثني عليهما ثناء جميلا"، وفي عهد السلطان تركي بن سعيد عمل الشيخ سليمان بن محمد الكندي مدرسا، وممن عُين مدرسًا أيضا في مسجد الخور الشيخ حمد بن عبيد السليمي، والربيع بن المر الرستاقي من طلبة السيد أحمد بن إبراهيم بن قيس ناظر الداخلية في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وكان ذلك عام 1963م. واختتم الدكتور ناصر بن سيف السعدي باحث في التاريخ العُماني حديث قائلا: إن أهمية مسجد الخور العلمية تتمثل في تخرّج العديد من العلماء والقضاة والولاة الذين كان لهم الدور البارز في إدارة شؤون عُمان الإدارية والسياسية والقضائية، وتشير بعض الوثائق الأجنبية إلى مكانة مسجد الخور في إمداد الحكومة بالموظفين والإداريين، بما نصه "يستخدم مسجد الخور بجانب أنه مسجد، مدرسةً للتعليم" لإمداد الحكومة بالجهاز الإداري والقضائي.
مشاركة :