منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، واجه مئات الرجال الروس تهماً جنائية بسبب معارضتهم للحرب ورفضهم المشاركة بها. ومن بين أولئك الرجال، كان ميخائيل تشيلين، الضابط في خدمة الحرس الفيدرالي الروسي، الذي قرر في الخريف الماضي تجنب القتال في أوكرانيا من خلال التسلل عبر الحدود الجنوبية إلى كازاخستان. ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد نجح تشيلين في عبور الحدود الروسية في الظلام دون كشف أمره، ولكنه اعتقل في كازاخستان التي رفضت طلبه للحصول على اللجوء السياسي وأعادته إلى روسيا ليواجه المحاكمة بتهمة الفرار من التجنيد. وفي مارس (آذار) الماضي، حُكم عليه بالسجن ستة أعوام ونصف وتم تجريده من رتبته. وتشيلين هو من بين مئات الرجال الروس الذين واجهوا تهماً جنائية بسبب رفضهم الحرب. ويتهرب بعض أولئك الرجال من التجنيد، بينما يرفض الكثير من المجندين بالفعل أوامر القادة العسكريين بإرسالهم إلى ساحات القتال في أوكرانيا. وفي العام الماضي أدين 1121 شخصاً بالتهرب من التجنيد العسكري الإلزامي، وفقاً لإحصاءات من المحكمة العليا الروسية. بالإضافة إلى ذلك، تم رفع دعاوى جنائية ضد أكثر من 1000 جندي، معظمها بسبب التخلي عن وحداتهم، وفقاً لمسح قضائي واسع أجرته شبكة Mediazona الإخبارية الروسية المستقلة. وشددت روسيا مؤخراً العقوبات الخاصة بالتغيب أو التهرب من التجنيد، وقالت إن عقوبة رفض أي أمر بالمشاركة في القتال هي السجن لمدة تتراوح من ثلاث إلى عشر سنوات. ونتيجة لذلك، قام عدد من الرجال الروس باتباع عدة حيل لتجنب القتال. وقال أحد الضباط إنه أصيب برصاصة في ساقه كجزء من اتفاق بين عدة جنود لإطلاق النار على بعضهم بعضاً، والادعاء بأنهم أصيبوا في تبادل لإطلاق النار. وأشار الضابط إلى أن السلطات اعتبرتهم أبطالاً، وأنه احتاج إلى ستة أشهر للتعافي من إصابته، قبل أن يأمره الجيش بالعودة إلى أوكرانيا، إلا أنه قرر الهرب. وقال الضابط، وهو الآن على قائمة المطلوبين في روسيا: «أنا مستعد للموت من أجل روسيا، لكنني لا أريد القتال، لا أريد المخاطرة بحياتي من أجل المجرمين التابعين للحكومة». ويحاول الكرملين الحفاظ على السرية قدر المستطاع فيما يخص المعلومات حول الجيش والتحقيقات المتعلقة بالتهرب من الخدمة العسكرية. لكن شبكة Mediazona تؤكد أن أعداد هذه التحقيقات تسارعت بشدة بعد التعبئة «الجزئية» التي أمر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) الماضي لتعزيز قواته في حربها بأوكرانيا. وقال عدد من المحامين الذين يدافعون عن الجنود إن العديد من القضايا الجنائية تتعلق بجنود رفضوا أوامر بالمشاركة في الحرب، مما أدى إلى مواجهات مع قادتهم. وأشار أحد المحامين، ويدعى ديمتري كوفالينكو، إلى أنه تم توكيله من قبل عائلات أكثر من 10 جنود قالوا إنهم أُلقي بهم في حفر، يُطلق عليهم اسم «الزندان»، بالقرب من خط المواجهة بعد رفضهم القتال. وقال المحامي: «يدرك الكثير من أولئك الجنود أنهم ليسوا مستعدين للقتال - وأن قادتهم ليسوا مستعدين أيضاً، وأن عليهم أن ينفذوا الأوامر دون فهم أو اقتناع». ونقلت شبكة «أسترا» الإخبارية المستقلة ومؤسسات إخبارية روسية أخرى، عن أقارب نحو 300 مجند رفضوا القتال العام الماضي قولهم إنه تم احتجاز أولئك الجنود لفترة في قبو بشرق أوكرانيا، ولم يُطعموا ولم يُسمح لهم بالذهاب إلى المرحاض أو الاستحمام. وفي منطقة بيلغورود بالقرب من الحدود الأوكرانية، اعتُقل جنديان روسيان في نوفمبر (تشرين الثاني)، ووجهت إليهما تهمة رفض الامتثال لأمر القتال، وتم تجريدهم من رتبهم، وتقييد أيديهم، وإلقائهم في سيارة عسكرية أمام وحدتهم. وفي وقت سابق من هذا الشهر، حُكم على كليهما بالسجن ثلاث سنوات، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الروسية. وهددت مجموعة «فاغنر» الروسية العسكرية الخاصة بإعدام المنشقين عنها، ووردت أنباء متفرقة عن قيامها بإطلاق النار عليهم. والشهر الماضي، وقّع الرئيس الروسي قانوناً يسهّل استدعاء المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، في نصّ أقرّه مجلس النواب (الدوما)، خلال يومين. ويسمح القانون الجديد بتعبئة جنود الاحتياط إلكترونياً، عبر بوابة المؤسسات الحكومية الروسية، أو عند تبليغ طرف ثالث بأمر الاستدعاء، بعدما كان ينبغي تسليم أمر الاستدعاء للمطلوب باليد شخصياً. وتقول روسيا إنها حشدت ما يزيد قليلاً عن 300 ألف رجل، العام الماضي؛ لدعم «عمليتها العسكرية الخاصة» في أوكرانيا.
مشاركة :