يمثل اضطراب الأسواق مصدر قلق أيضا بالنسبة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة. ذلك أن تراجع سيولة الصناديق التي يقع مقرها في الاقتصادات المتقدمة يمكن أن يحدث تداعيات كبيرة عابرة للحدود، ويزيد من تقلب عائد سندات الشركات في الأسواق الصاعدة. والآن، قد تتعرض صلابة قطاع صناديق الاستثمار المفتوح للاختبار مرة أخرى، وهذه المرة في ظل تصاعد أسعار الفائدة وارتفاع عدم اليقين الاقتصادي. فقد شهدت الشهور الأخيرة تدفقات خارجة من صناديق الاستثمار المفتوح في السندات، ومن الممكن أن تؤدي صدمة مفاجئة سلبية، مثل التشديد غير المنظم للأوضاع المالية، إلى زيادة هذه التدفقات، وتكثيف الضغوط في أسواق الأصول. وكما قالت كريستالينا جورجييفا، المدير العام للصندوق، في كلمة ألقتها العام الماضي، إن "صناع السياسات تعاونوا معا لجعل البنوك أكثر أمانا بعد الأزمة المالية العالمية ـ والآن يجب أن نفعل الشيء نفسه لصناديق الاستثمار". كيف ينبغي كبح هذه المخاطر؟ كما نشير في الفصل، يمكن الحد من تقلب الأصول الناشئ عن صناديق الاستثمار المفتوح إذا قامت هذه الصناديق بنقل تكاليف المعاملات إلى المستثمرين المنسحبين. فعلى سبيل المثال، من خلال ما يعرف باسم "التسعير المتأرجح"، تستطيع صناديق الاستثمار تخفيض سعر نهاية اليوم عند مواجهة تدفقات خارجة. ويحد هذا من حافز المستثمرين لاسترداد أموالهم قبل الآخرين. ويؤدي هذا إلى تخفيف ضغوط التدفقات الخارجة التي تواجه الصناديق في فترات الضغط، والحد من احتمالات البيع الاضطراري للأصول. لكن، في حين أن التسعير المتأرجح -والأدوات المماثلة على غرار رسوم الحماية من تآكل قيمة الأسهم، التي تنقل تكاليف المعاملات إلى المستثمرين المنسحبين بفرض رسوم عليهم- يمكن أن يساعد على تخفيف المخاطر التي يتعرض لها الاستقرار المالي، تتعين معايرة هذه الأدوات بالشكل الملائم حتى تحقق هذا الهدف، وهو أمر غير متحقق حاليا. ففي الغالب، تفرض على التعديلات التي تستطيع الصناديق إجراءها في أسعار نهاية اليوم -والمعروفة باسم عوامل التأرجح- حدود قصوى غير كافية، خاصة أثناء فترات الضغط في السوق. لذلك، ينبغي لصناع السياسات تقديم الإرشاد حول كيفية معايرة هذه الأدوات ومتابعة تنفيذها. وبالنسبة إلى الصناديق ذات الأصول ضئيلة السيولة، مثل العقارات، قد يكون من الصعب، حتى في الفترات العادية، معايرة التسعير المتأرجح أو غيره من الأدوات المماثلة. وفي هذه الحالات، ينبغي النظر في سياسات بديلة، كوضع حدود لعدد مرات قيام المستثمرين بعمليات الاسترداد. وقد تكون هذه السياسات ملائمة أيضا للصناديق التي يقع مقرها في دول لا يمكن فيها تنفيذ التسعير المتأرجح لأسباب تشغيلية. ينبغي أيضا أن ينظر صناع السياسات في تشديد مراقبة الأجهزة الرقابية لممارسات إدارة السيولة، واشتراط تقديم إفصاحات إضافية من جانب صناديق الاستثمار المفتوح بغية تقييم مكامن الخطر بصورة أفضل. إضافة إلى ذلك، يمكن المساعدة على إعطاء دفعة للسيولة بتشجيع زيادة التداول من خلال غرف المقاصة المركزية، وتعزيز شفافية عمليات تداول السندات. ومن شأن هذه الإجراءات أن تحد من المخاطر الناشئة عن أوجه عدم الاتساق في سيولة صناديق الاستثمار المفتوح، وتجعل الأسواق أكثر متانة في فترات الضغوط.
مشاركة :