تحرص الحكومة المغربية على إشراك الفعاليات النقابية والاجتماعية في بلورة تصورات من شأنها أن تنهض بالواقع المعيشي للمغاربة، لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة، والتي تتداخل فيها عوامل ذاتية وخارجية. الرباط - تعهدت الحكومة المغربية بالعمل مع الفاعلين الاجتماعيين على وضع مقاربة شاملة تستهدف تحسين أوضاع العمال المغاربة، والرفع من المقدرة الشرائية للمواطنين خلال العام المقبل. جاء ذلك بمناسبة الاحتفال بعيد العمال الذي يصادف الأول من مايو من كل سنة، والذي يأتي هذا العام في ظل ظرفية دولية حساسة في علاقة بالأزمة الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم، وأيضا في ظل جفاف كان له عميق الأثر على منطقة شمال أفريقيا. وكشف يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في كلمة له، عن تشكيل لجنة لليقظة الاجتماعية تضم ممثلين عن الحكومة وممثلين عن الشركاء الاجتماعيين، لتقديم تصور متكامل بشأن تحسين القدرة الشرائية للشغيلة المغربية، حتى يتسنى أخذه بعين الاعتبار في قانون المالية برسم سنة 2024. وأكد السكوري أن الحكومة وهي تنظر إلى سوق الشغل والتشغيل، حرصت على الحفاظ ودعم القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين بتعبئة استثنائية، رغم الظرفية الصعبة التي يجتازها العالم كله والتي تخص التضخم الحاصل وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار، وهو ما تعاني منه كل بلدان المعمور جراء التقلبات الجيوإستراتيجية. يونس السكوري: الحكومة حرصت على دعم القدرة الشرائية بتعبئة استثنائية يونس السكوري: الحكومة حرصت على دعم القدرة الشرائية بتعبئة استثنائية وشدد الوزير المغربي على أن الحكومة حرصت على حماية المستهلك ومحاربة كل تلاعب واستغلال لوضعية ارتفاع الأسعار، حيث تتبعت اللجنة الوزارية المركزية عن كثب تطور الأسعار من خلال حملات مكثفة في الأسواق في مختلف مناطق المملكة. والأسبوع الماضي، عقدت الحكومة المغربية جولة من الحوار الاجتماعي مع النقابات وأرباب العمل، وتم الاتفاق على استئناف المباحثات في سبتمبر المقبل، للاتفاق على خطط عمل بشأن النهوض بالطبقة الشغيلة. وكانت الجولة الأخيرة من المحادثات ركزت بالأساس على الآليات الكفيلة بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، والاستجابة لتطلعات الطبقة العاملة، وأكدت الحكومة خلالها أهمية إقرار مجموعة من التشريعات، منها قانون الشغل وقانون الإضراب (قيدا الدراسة في البرلمان) وفق مقاربة تشاركية. وتحرص حكومة عزيز أخنوش على التواصل مع الفعاليات النقابية والاجتماعية، للتوصل إلى حلول وسطى في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية يمر بها المغرب كما غيره من الجوار الإقليمي. ويرى متابعون أن هذا الحرص يصطدم أحيانا بتعنت من قبل النقابات التي لا يزال بعضها يتشبث بحزمة مطالب، لا يمكن للحكومة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به المملكة الاستجابة لها، على غرار مسألة الزيادات في الرواتب، وخفض الضريبة على القيمة المضافة للمواد الأساسية. واتخذت نقابات مغربية من الاحتفال بعيد العمال الاثنين مناسبة للاستعراض، في موقف يرى متابعون أنه يزيد من تأزيم الأوضاع، ويعقد فرص التوصل إلى تسوية مع الحكومة، التي تجد نفسها عالقة بين إكراهات الواقع ومطالب هذه الفعاليات. حكومة أخنوش تحرص على التواصل مع الفعاليات النقابية والاجتماعية للتوصل إلى حلول وسطى في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية يمر بها المغرب وقال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، في وقت سابق، إن الحوار الاجتماعي كلف خزينة الدولة حوالي 9 ملايير درهم، دون احتساب المبلغ المخصص للترقيات التي كانت مجمدة على مدى سنتين. وأوضح بايتاس، في معرض رده على أسئلة الصحافيين خلال ندوة صحفية عقب اجتماع لمجلس الحكومة، أن هذا المبلغ موزع على نتائج الحوار الاجتماعي في مختلف القطاعات، والذي جرى في أجواء طبعها الاحترام وتحمل المسؤولية بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، مشيرا في هذا السياق إلى أن الحكومة تعتبر هؤلاء الفرقاء شركاء أساسيين في حل مختلف قضايا الشغيلة. وشدد بايتاس على أن “الحكومة أوفت بعدد كبير من التزاماتها رغم الظرفية الصعبة. كما أنها تواصل انخراطها في الحوار الاجتماعي بعد انطلاق جولة أبريل في أجواء إيجابية ومسؤولة تطبعها الثقة بين الأطراف”. وذكر الناطق باسم الحكومة بأنه تم تشكيل لجنة مشتركة (القطاع العام والقطاع الخاص) في إطار حرص الحكومة على متابعة القضايا والملفات وكل ما يمكن تحقيقه في إطار الحوار الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بالرفع في الرواتب، مضيفا أن قانون الإضراب يندرج أيضا ضمن هذا الزخم الذي يشهده الحوار الاجتماعي، حيث سيتم في الأسابيع المقبلة الإعلان عن مستجدات تتعلق بهذا القانون. اقرأ أيضاً: الحكومة للمغاربة: نواجه وضعا استثنائيا اقرأ أيضاً: الحكومة للمغاربة: نواجه وضعا استثنائيا ويشهد المغرب منذ العام الماضي ارتفاعا في معدّل التضخم بسبب تقلّبات الأسواق الدولية والجفاف الذي أثّر على القطاع الزراعي الأساسي للنمو الاقتصادي في المملكة. وسجّل معدّل التضخّم في مارس ارتفاعا بنسبة 8.2 في المئة خلال عام، وذلك بسبب ازدياد أسعار المواد الغذائية بـ16.1 في المئة، وفق أرقام رسمية. ووضع هذا الغلاء الحكومة تحت ضغط اجتماعي في الآونة الأخيرة. ورفع المصرف المركزي في مارس الماضي معدّل الفائدة الرئيسي إلى 3 في المئة، للمرة الثالثة منذ سبتمبر، في محاولة منه للحدّ من التضخّم. وفي مواجهة الانتقادات، أكّد رئيس الحكومة قبل أسبوعين أنّ وزراءه يعملون “على برنامج دعم مباشر للأسر (…) سينطلق العمل به بمجرّد الانتهاء من تحضيره”. وقال أخنوش إن هذا التوجه الجديد في تدبير برامج دعم الأسر محدودة الدخل، يأتي تنفيذا للتعليمات الملكية التي حثّت على الضرورة الملحة لإعادة هيكلة العرض الاجتماعي لبرامج الدعم، عبر إصلاح حقيقي للأنظمة والبرامج الاجتماعية المعتمدة حاليا، بغية التأسيس لمسار جديد من العمل الاجتماعي الذي يرتكز حول الجودة، من خلال المزيد من الدقة في وضع البرامج، وتعميم إجراءات التتبع وتقييم الأثر، والتحفيز على الابتكار وعلى تحقيق النتائج. ويفترض أن يعوض هذا النظام، المنتظر منذ نحو عقد، الدعم الذي يصرف حاليا للتحكّم في أسعار الغاز والدقيق والسكر. ويُعوَّل على هذا النظام للحدّ من الفوارق الاجتماعية الحادّة في البلاد.كما تراهن الحكومة على أن يبلغ النمو الاقتصادي هذا العام 4 في المئة، بينما يتوقّع المصرف المركزي ألا يتجاوز 2.6 في المئة.
مشاركة :