عصام أبوالقاسم (دبا الحصن) اختتمت أمس فعاليات مهرجان «دبا الحصن للمسرح الثنائي» الذي نظمته دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة من 11- 15 فبراير الجاري. كما اختتمت أمس الأول فعاليات ملتقى الشارقة الثالث عشر للمسرح العربي الذي جاء تحت شعار «المسرح والعلوم»، مصاحباً للمهرجان. وشارك في جلسات اليوم الأخير، الناقد المغربي هشام بن الهاشمي الذي قدم ورقته تحت عنوان «المسرح والعلوم: قراءة في تجربتي برتولد برشت وتوفيق الحكيم»، كاشفاً موقف المسرحي الألماني من التقدم العلمي استناداً إلى ما تضمنه كتابه «الأرجانون الصغير»، وتأسيساً على مسرحيته «حياة غاليلو» التي سعى برشت من خلالها التأكيد على أن التقدم الإنساني في الميادين العلمية والتقنية، لم توازيه كيفية تخطيط إنتاج الثروات وتوزيعها. كما وزعت على حضور الملتقى ورقة الباحث السوري عبد الناصر حسو الذي لم يتمكن من المجيء من بلد إقامته، وجاءت تحت عنوان «أبو الفنون والعلوم: نصوص غربية وعربية»، وذكر فيها أن حضور العلوم كموضوعة في الكتابة المسرحية بكافة تجلياته ربما ظهر غير مستحب لدى المسرحيين أنفسهم في بداية الأمر على اعتبار أن العلم والفن لا يمكن أن يتعايشا، وعندما جذبت الموضوعات العلمية انتباه المتفرجين ودهشة المسرحيين، أصبح موضوعاً فنياً يغري مخيلة المبدع، ويسعى للبحث عن مناطق الخلل والارتياب أو مكامن البناء والتقدم في النظرية العلمية. وشهد اليوم قبل الأخير العرض المسرحي «كنبال» الذي قدمته فرقة كنفاس الجزائرية. بدا شغل المخرج واضحاً؛ ويمكن القول إن نص العرض وفكرته الأساسية هي «أكلة لحوم البشر» من تأليف الكاتب السوري ممدوح عدوان، وإخراج هشام شكيب. وظف شكيب أشكالاً تعبيرية عديدة حتى يمرر مضمون نصه المفعم بالسوداوية، الخطابة والموسيقى والتداعي الذاتي والإنشاد والنواح، كما تنّقل بممثليه في مواضع عدة من الخشبة، مستخدماً الإضاءة في تصميم وحدات مكانية متداخلة فوق الخشبة، وعمد إلى ضبط حركة الممثلين بين يسار ويمين وسط الخشبة، وفي حالات نادرة تقدم بممثله الرئيس (سفيان عطية) إلى أعلاها، خصوصاً عندما يصيح مخاطباً حشداً موهوماً أمامه. وأضفت تلك الحلول الإخراجية ملمحاً حيوياً على صورة العرض، وسرعت من إيقاعه المثقل بأوجاع الذات المقهورة ومنظورها السوداوي. في اللوحة الختامية من المسرحية، يردد البطل، بأسى وحزن: أنا لست منهم، لست منهم! وتغطي العتمة الخشبة وينتهي العرض. لكن، خلال ساعة، قبل صمته الأخير، ظل يتكلم، في حدة شديدة، عن طبع متوحش يسود بين البشر، يجعل الأم تقتل ابنها والابن يقتل والده، والأخ يعادي أخاه. وراح يحصي الناس ولم يستثن من قائمته المتوحشة أحداً، حتى أمه وأخواته وجيرانه، هو الذي فضّل أن يعتزل ويسكن وحيداً ومع ذلك لم يسلم من ألسنتهم وأقاويلهم. ثمة ممثل ثان (إدريس شرنين)، بدا أشبه بشبح للممثل الأول، فهو يردد عباراته ذاتها، وأحياناً يبدو ترديده العبارات أشبه بالرجع أو الصدى لكلمات الممثل الأول، الذي راح يغرق في لجة كراهيته العالم، حاشداً الشواهد والحجج التي تبرر تصوراته حول الناس من حوله، ليبدو في نهاية الأمر، وعلى عكس ما تقول كلماته وأفعاله فوق الخشبة، مماثلاً لأولئك الذين حاول الإيحاء بأنه ضدهم، أو ليس منهم.
مشاركة :