توقف شركات خليجية عن ضخ الاستثمارات يزعج الحكومة المصرية

  • 5/4/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

توالت الرسائل السلبية حول أداء الاقتصادي المصري بعد فترة من التفاؤل بقدرته على الصمود أمام الأزمات المتتالية ومقاومة التحديات، وتجاوزت نطاق التقارير القاتمة التي نشرتها جهات دولية ووسائل إعلام عالمية عن تعامل القاهرة الاقتصادي، ووصلت إلى حد إعلان شركات عدة وقف ضخ استثمارات جديدة في مصر. وقال فيصل فلكناز الرئيس التنفيذي للشؤون المالية والاستدامة للدار العقارية الأربعاء إن المجموعة ستؤجل أيّ استثمارات أخرى في مصر إلى حين استقرار الأوضاع. وترددت معلومات قبل أيام حول تجميد بعض الاستثمارات الخليجية في مصر، والتي كانت القاهرة تعوّل كثيرا عليها لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد. وأوقفت الشركة المتحدة للإلكترونيات “إكسترا” السعودية أيضا خططها التوسعية في مصر، والتي كانت تتضمن تأسيس شركة تابعة وضخّ استثمارات أولية مباشرة، مرجعة توقفها إلى “عدم وضوح التوقعات المستقبلية للسوق المحلية”. وقررت شركة تابي الإماراتية لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا تعليق عملياتها في السوق المصرية في فبراير الماضي، أي بعد ستة أشهر فقط من دخولها، بسبب الأزمة الاقتصادية، ما جعل نموذج أعمالها صعبا للحفاظ على ميزة المدفوعات دون فوائد. وأعلنت شركة التطوير العقاري في أبوظبي عن صافي أرباح بلغ 228 مليون دولار في الربع الأول من العام الجاري، بزيادة 22 في المئة على أساس سنوي. واستحوذت الدار ومؤسسة القابضة (إيه. دي. كيو)، أحد صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، على حصة قاربت 85.5 في المئة من أسهم شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) في 2021 مقابل 6.1 مليار جنيه مصري (198 مليون دولار)، وكان المبلغ في ذلك الوقت يساوي نحو 387 مليون دولار. وبدأت الدار تتخذ نهجا حذرا للغاية في إطلاق المشاريع داخل مصر، بعد أن كان الاستثمار في سوديك منطلقا لتوسيع أنشطة الشركة العقارية. وأشار فلنكاز إلى عدم ضخّ المزيد من الأموال في الأعمال حتى تستقر الأمور أكثر، وأبقت الشركة على نظرة متفائلة للأوضاع في مصر على المدى الطويل. وتطلعت شركات خليجية عديدة إلى فرص التوسع في مصر، والتي توفر سوقا كبيرة لمنتجات الشركات وخدماتها، حيث اشترت القابضة (إي. دي. كيو) في أبريل الماضي حصصا تبلغ قيمتها نحو 1.85 مليار دولار في شركات مصرية. وأشار هشام كمال رئيس جمعية مستثمري الألف مصنع بالقاهرة الجديدة لـ”العرب” إلى أن الاستثمار “لم يلق اهتمامًا كبيرًا من جانب السلطات في مصر، ولا يوجد مناخ قوي جاذب للاستثمار، ما دفع البعض للخروج فعلا أو تعليق استثماراتهم”. وبدأت الضغوط الاقتصادية والمالية المتواصلة وما يعتبره خبراء تخبطا، تدفع بعض المستثمرين الأجانب والمصريين إلى تعليق خططهم (مؤقتا) في مصر. وأثارت تصريحات إعلامية أدلى بها رجل الأعمال المصري ورئيس شركة أوراسكوم ناصيف ساويرس (شقيق نجيب ساويرس) أخيرا ردود فعل سلبية، حيث أعلن عدم ضخ استثمارات جديدة في مصر، وأبدى إعجابه بالاستثمار في السعودية. وبرر ساويرس موقفه بصعوبة القيام بدراسة ربحية للمشروعات على إثر استمرار أزمة صرف العملة، والضبابية التي تحيط بسعر الجنيه مقابل الدولار، وأن ما حصل في العامين الماضيين من ممارسات هو الذي أوصل الاقتصاد المحلي إلى ما هو عليه اليوم، خاصة أن وقف الإنتاج والبيع والاستيراد أثرت سلبا على الاقتصاد العام. وكان فلكناز لفت إلى أن الدار، والتي تتخذ من أبوظبي مقرا لمشاريعها وأصولها، تسعى أيضا إلى التوسع في السعودية، بالنظر إلى الفرص المحتملة في الرياض وجدة. وحيال القلق الذي يساور عددا كبيرا من المستثمرين، أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي الأربعاء تنظيم مؤتمر صحفي، بحضور وسائل الإعلام المصرية والعالمية، لشرح محددات الموقف الاقتصادي والرد على التساؤلات المطروحة على الساحة، بشأن عدد من الملفات المختلفة، في محاولة لتأكيد أن القاهرة على استعداد لتصويب مسارها الاقتصادي بصورة صحيحة. ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تعبّر عن وجود هوة بين الخطاب الاقتصادي المصري الذي يشجع المستثمرين وبين ما يحدث على الأرض، لأن هناك تقارير دولية أشارت مؤخرا إلى وجود عيوب هيكلية في آليات إدارة الملف الاقتصادي، وغموض في التعامل مع بعض جوانبه الحيوية، وأهمها وضع سعر صرف عادل للعملات الأجنبية، وتحقيق خطوات متقدمة في خصخصة الشركات الحكومية. ويضيف هؤلاء المراقبون أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي كان يسير بوتيرة جيدة في السنوات الأولى له بدأ يواجه عثرات بشأن قدرة المسؤولين على إدارته تبني تصورات جريئة تنهي ما تعتبره دوائر اقتصادية تذبذبا حكوميا. وأوضح الخبير الاقتصادي المصري عادل عبدالفتاح أن إعلان بعض الشركات العاملة تجميد استثماراتها في مصر “أمر مستحدث لم يظهر من قبل ويبدو وكأنه خطة ممنهجة تهدف إلى الضغط على القاهرة للإصلاح، أو إلحاق الضرر باقتصاد البلاد”. لكنه أضاف في تصريح خاص لـ”العرب” أنه لا يمكن إنكار وجود أزمة اقتصادية في البلاد تتطلب تضافر كافة الدوائر الحكومية المسؤولة عن الاستثمار لضبط السياسات النقدية والمالية للخروج من الأزمة الراهنة. وشدد على أن توالي إعلان الشركات تعليق استثماراتها في مصر يُفقد الثقة في مشروعاتها المستقبلية، خاصة شركات الاستثمار العقاري، وربما يدفع العملاء المحتملين إلى التخوف من حجز الوحدات السكنية أو التعامل معها مستقبلاً. وأخفق التوجه المصري نحو الخصخصة في بيع عدد من شركات الجيش التي أعلن عنها مؤخرا، وفشلت المسكنات الاقتصادية التي اتبعتها القاهرة لجذب المزيد من الاستثمارات في تعويض الشح الحاصل في العملات الصعبة داخل البلاد، وهو ما جعل جهات دولية مراقبة لتطورات الاقتصاد المصري تطالب بإدارة جديدة له.

مشاركة :