جدد رئيس تحالف "السيادة" خميس الخنجر تمسك القوى السياسية العراقية المنضوية ضمن الائتلاف السني، ببنود الاتفاق السياسي المبرم بين الأطراف السياسية، مشيرا إلى إنجاز أكثر من 80 بالمائة من التعديلات على بنود قانون العفو العام. ويشكل إقرار قانون العفو العام أحد بنود الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه بين الفرقاء في العراق، والذي تم بموجبه تسهيل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، بعد أزمة سياسية تجاوزت العام. وتضغط القوى السنية من أجل إقرار القانون، وسبق وأن وجّه "تحالف السيادة" اتهامات لشركائه الشيعة بالانقلاب على نص الاتفاق السياسي، واتهم الحكومة بالتهرب من تنفيذ التزاماتها لناحية تفعيل القانون. وخلال مشاركته في احدى الجلسات الحوارية ضمن أعمال اليوم الثاني لمنتدى العراق من أجل الاستقرار والازدهار، المنعقد في بغداد، قال الخنجر إنه "تم توقيع ورقة الاتفاق السياسي من قبل جميع القادة السياسيين بالائتلاف، ونعتقد أن هذه الورقة تمضي بالاتجاه الصحيح، مضيفاً أن "بنود الاتفاق السياسي ليست شروطاً بل رؤية، وهي ملزمة لجميع الأطراف". وذكر الخنجر أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قادر على حفظ التوازن بين الالتزام بورقة الاتفاق السياسي وتنفيذ البرنامج الحكومي المعلن، وأنه يقوم بخطوات جيدة ومقنعة لجميع الأطراف. "تم تنفيذ بعض البنود وإقرار الموازنة سيسهل تنفيذ بقية البنود الأخرى". وحول قانون العفو العام الذي يشكل أحد بنود الاتفاق السياسي المبرم بين القوى السياسية التي شاركت في تشكيل الحكومة الحالية، أوضح رئيس تحالف السيادة أن هناك خلطا بين الاتفاق على تعديل قانون العفو وعلى إقرار قانون جديد للعفو. وتابع "جرى الاتفاق السياسي على تعديل قانون العفو، بالتالي نحن نركز على نقطتين، الأولى تتعلق بتعريف الانتماء وهي نقطة مهمة لرفع الظلم عن الآلاف من الناس الذين وجدوا أنفسهم أسرى لدى تنظيم داعش الإرهابي، والنقطة الثانية هي إعادة التحقيق فقبل عام 2016 أخذت كثير من الاعترافات تحت قانون سيء الصيت أو بالإكراه والتعذيب وذلك مؤشر لدى الجميع، بالتالي فإن رفع المظالم عن الشعب العراق هو طلب جميع العراقيين". وأكد "نحن ضحايا للإرهاب ومناطقنا أكثر المناطق المتضررة من الإرهاب، نحن لا نريد إخراج الإرهابيين، نريد إخراج الأبرياء والعفو عن الأبرياء الذين ظلموا بجريرة الإرهابيين"، مشيرا إلى أن "اللجنة التي شكلت في مجلس الوزراء لإجراء التعديل على قانون العفو انجزت أكثر من 80 بالمئة، ونعتقد أنه بعد إقرار قانون الموازنة ستنجز خطوات مهمة بما يتعلق بهذا القانون". ويضغط تحالف "السيادة" على رئيس الحكومة من أجل الإيفاء بتعهداته وتمرير القانون، على اعتبار أنه جزء من اتفاق سياسي أبرم داخل تحالف "إدارة الدولة" (الإطار التنسيقي والقوى الكردية وتحالف السيادة)، كأساس لتشكيل الحكومة، فيما تثير قوى "الإطار" مخاوف من تمريره. وكان تحالف "إدارة الدولة" قد أعلن الإثنين الماضي اتفاقه على تمرير الموازنة المالية للعام 2023، وتحديد موعد أخير لحسم بنودها، فيما أكد أهمية بنود الاتفاق السياسي الذي شكلت على أساسها حكومة السوداني. ويرى مراقبون أنه رغم ما يحاط من أجواء إيجابية حيال إمكانية إقرار قانون العفو العام، لكن المسألة لا تخلو من تعقيدات بعضها أمني والآخر سياسي. ويشير المراقبون إلى أنه على المستوى الأمني فإن بعض القوى الشيعية تتخوف من إطلاق سراح المئات من العناصر المحسوبة على تنظيمات جهادية مثل داعش والقاعدة، وعلى الصعيد السياسي فإن بعض الأطراف الشيعية وفي مقدمتها "ائتلاف دولة القانون" يرفضون منح تحالف السيادة ولاسيما الحلبوسي هدية "مجانية" قبل انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في الخريف المقبل. ويوضح المراقبون أن قانون العفو العام ينطوي على تعقيدات كبيرة، لافتين إلى أن هناك الآلاف من العراقيين الأبرياء جرى انتزاع اعترافات منهم بالإكراه، وهناك الكثير منهم من راح ضحية وشاية كاذبة، ومن شأن إقرار هذا القانون أن ينهي محنتهم الطويلة. وأقر البرلمان العراقي قانون العفو العام في أغسطس 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن لم يجر تفعيله بسبب خلافات بين القوى السياسية، وقد شهد هذا القانون العديد من التعديلات خلال السنوات الماضية. وكان التعديل الأول جرى مطلع نوفمبر 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية منضوية حاليا ضمن "الإطار التنسيقي". وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله مَن يتم تسديد ما بذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد. وتم حينها تعديل فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقا لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو 2014، وهو تاريخ احتلال تنظيم داعش لمدينة الموصل شمالي البلاد. كما عدّلت الفقرة الخامسة من المادة الثالثة في القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو. وتم منح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير، إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولاراً) عن اليوم الواحد. ويقول نواب عراقيون إن قوى من "الإطار التنسيقي" لن تسمح بتمرير القانون دون إدخال المزيد من التعديلات على النص الحالي، وهذا سيعني إفراغ القانون من محتواه. وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي النائب رائد المالكي في وقت سابق إن "الاتفاق السياسي نص على تشريع قانون العفو العام، لكن لا يعلم الصيغة التي سيطرح بها، لأنه إذا كان على شاكلة القانون الذي شرّع عام 2016، فستكون هناك مشكلة، لأن القانون سمح بإعادة المحاكمات، وهذا انتقاص من مهنية القضاء وطعن فيه عندما قيل إن المحاكمات السابقة لم تكن حقيقية، وكانت الاعترافات تنتزع بالإكراه". ولفت المالكي في تصريح لصحيفة "الصباح" الرسمية، إلى أن "تشريع القانون من أجل العفو عن أناس غير ممكن، لأنه يمكّن العفو عنهم بصورة مباشرة من دون الحاجة إلى اتهام القضاء بأنه يحكم بالإكراه". وأكد أن "القوى السياسية يمكنها أن تقول إن تشريع القانون يكون من أجل المصلحة السياسية، وقررنا أن نعفو عن المتهمين بالإرهاب، إذا كان هذا هو المطلوب”، مشدداً على أن "العفو يجب أن تكون له مبرراته، لأنه في كل بلدان العالم هناك فئات ممن استوعبوا الدرس الذي من أجله تم الحكم عليهم بالسجن أو غيره، وبالتالي يستحسن أن يكون العفو عنهم بشروط". وأوضح عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أن "الدستور يمنع العفو عن جرائم الإرهاب وجرائم الفساد المالي والإداري"، ملوحاً بـ"الطعن بالقانون في حال تشريعه لإطلاق سراح الإرهابيين والفاسدين، لأنه سيكون مخالفاً للدستور".
مشاركة :