مازالت محاولات المنظمات الإرهابية مستمرة في بث فكرها الضال واستقطاب الشباب وغسل أدمغتهم بسمومها التي لا يقبلها دين ولا عقل واستشهادها بأدلة تم تأويلها بما يتناسب مع أهدافها الضالة من زرع للفتنة واستباحة دماء الآمنين ممن يخالف فكرها، وهتك للأعراض وسلب للأموال. وليس هذا وحسب بل تطاولت أيديها على بيوت الله وكان آخر سلسلة تفجير المساجد الانتحاري الذي فجر نفسه أمام مسجد الإمام الرضا في الأحساء في المنطقة الشرقية، وكل ذلك باسم الإسلام في محاولة من هذه المنظمات الارهابية لتشويهه وتقديمه للعالم بصورة بشعة تنافي كل ما جاء به الإسلام وجعله دين إرهاب يحث على الكراهية والتطرف، ودينا لا يقبل الحوار. "الرياض" طرحت التساؤل على اختصاصيين وحقوقيين: هل أصبحت الحاجة ملحة على خطباء المساجد والأئمة لتجديد الخطاب الديني والدعوة إلى الوسطية وتقبل الحوار والرأي والرأي الآخر، أم أنها أصبحت ترفاً؟ الخطاب الديني بحاجة إلى تصحيح بداية شددت سهيلة زين العابدين- الناشطة الفكرية والحقوقية وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان- على أهمية العمل على تصحيح الخطاب الديني أولاً وليس تجديده لوجود الكثير من المفاهيم الخاطئة. وتقول: علينا أن نُقر ونعترف بأن هناك مفاهيم خاطئة تحتاج إلى تصحيح فكيف لنا أن نجدد شيئا مبنيا على أسس ومفاهيم خاطئة سواء في فهم الآيات القرآنية أو الاحاديث الشريفة، إضافة إلى مسألة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم وهي من اكبر العوامل التي استغلها من هم وراء هذه الجماعات الإرهابية التي اسمت نفسها بالجماعات الإسلامية واستخدموها في قتال الناس واستباحة دمائهم وتكفير جميع من يخالفهم ودفع الشباب من خلالها إلى الإرهاب والعنف والتطرف. أحاديث مغلوطة وبينت زين العابدين أن من الاحاديث التي تستشهد بها هذه الجماعات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى) ويعني ذلك أننا لابد أن نقاتل الجميع حتى يؤمنوا، وليس من المعقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام وقد ذكرت في القرآن آيات تنافي هذا الحديث مثل قوله تعالى"(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)"56 القصص"، وقال تعالى " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (99)"سورة يونس. هيئة كبار العلماء تتحمل مسؤولية وأضافت: لابد على هيئة كبار العلماء أن تتبنى مشروع تصحيح الخطاب الديني من خلال إعادة النظر في المناهج الدراسية الدينية في المدارس وكليات أصول الدين وكليات الشريعة، وأيضاً من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية وخطب أئمة المساجد فمن خلال تصحيح المفاهيم ستنحل الكثير من المشكلات منها عدم احترام الأديان الأخرى وتقبل آراء الآخرين. الإسلام صالح لكل مكان وزمان من جانبه، أكد خالد الرديعان-أستاذ مشارك في علم اجتماع جامعة الملك سعود- انه لابد من التسليم بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان كما نقول دائما لكن ما لا يجوز التشبث فيه هو التوقف عند النصوص وتجميدها وعدم إعمال العقل فيها. بعض النصوص تخدم مرحلة تاريخية معينة لكنها قد تصبح بحاجة إلى إعادة قراءة لتخدم مرحلة أخرى؛ بسبب ما يطرأ على سلوك البشر من أمور جديدة وبسبب بروز أحداث تستوجب ما يطلق عليها "النوازل" وهي المستجدات التي لم ينزل فيها حكم شرعي مباشر. هنا يصبح من الأهمية بمكان "الاجتهاد الشرعي" وهو عمل يقوم به الراسخون في العلم الشرعي وأهل الحل والعقد من أهل السياسة والكياسة بحيث يكون منطلقهم شرعيا، ومقاصدهم دنيوية في إسعاد البشرية دون أن يحدث تعارض مع ثوابت الدين أو أن اجتهادهم يقود إلى مفاسد، وبالتالي فتجديد الخطاب الديني ومراعاة العصر ومتطلباته أمر في غاية الضرورة حتى لا يقال بأن الإسلام جامد أو انه لا يناسب الحياة، أما الذين لا يجددون الخطاب الديني فإنهم قد يقعون في الجمود المذموم الذي ربما قاد إلى التشدد ومن ثم التطرف الديني؛ الآفة التي ابتلينا بها في السنوات الأخيرة. علماء التجديد وأكد الرديعان أن مهمة تجديد الخطاب الديني تقع بالدرجة الأولى على كاهل العلماء والمتخصصين في الشريعة الإسلامية فهم المعنيون بتجديد الخطاب الديني وهم من يقوم بالاجتهاد وطرح الرؤى. يلزم بهذه الخصوص أن يقوم العالم الشرعي باستشارة المتخصصين كل في مجاله فالعالم الشرعي قد لا يكون ضليعا بالأمور الأخرى ويستفاد من الاقتصادي والطبيب وعالم السياسة والهندسة عند النظر للمسائل الدنيوية. ومن المقترح بهذا الخصوص أن تضم هيئة كبار العلماء عددا من المتخصصين في العلوم الدنيوية حتى تأتي الفتوى متوائمة مع الواقع. المجمع الفقهي يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه لكننا نريد أن نرى ذلك عند هيئة كبار العلماء بحيث تستشير من يوثق بدينهم من أهل العلوم السياسية والطبية والاقتصادية وغيرهم من التخصصات العلمية بحيث تأتي الفتوى مراعية لظروف الزمان والمكان. الوسطية مطلب كما أوضح انه لا بد أن نكون "وسطيين" وان ننقي خطابنا الإسلامي من كل عبارات التشدد والتطرف لنجرد الإسلام من الإرهاب، ويلزم كذلك انفتاحنا على الآخرين مع تمسكنا بعقيدتنا وبما لا يخل بثوابتنا. يجب كذلك أن نتحلى بدرجة عالية من التسامح تجاه المختلفين معنا سواء أكان دينا أم مذهبا وأن نخفف من لهجة نبذ المختلفين أو تفسيقهم أو تبديعهم فهذا لن يحل المشكلة. الحوار بين أتباع الأديان مسألة في غاية الأهمية؛ فالحوار سيساعد على الوصول إلى المشترك بين أصحاب الأديان بحيث يتعاونون حول ما يتفقون عليه ويتسامحون حول ما يختلفون عليه فلكل دينه ومذهبه. وهناك آيات قرآنية كثيرة تؤكد على ذلك وتؤكد على الجدل بالحسنى. المملكة تتصدى للإرهاب فيما أكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي - في وقت سابق-، أن المملكة تعد لاعباً رئيسياً بالنسبة للمجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة في التصدي لتنظيم "داعش" الإرهابي. موضحا أن الرياض قد وفرت معلومات استخباراتية ساعدت في الحفاظ على أرواح المدنيين في دول أخرى. دور المملكة داخلي وخارجي وقال اللواء منصور التركي: المملكة لا تقوم بدورها في حماية أمنها الداخلي فقط ولكن تساعد العالم أجمع. وحول التهديد الذى يمثله تنظيم "داعش" في المملكة، قال التركي إن التنظيم نفذ 15 جريمة إرهابية مختلفة العام الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، مؤكدا أن الرياض ليس لديها حصانة من المشكلات التي تنتشر في المنطقة ويجب عليها أن تقوم بمسؤولياتها والحفاظ على وحدتها والدفاع عن أراضيها حتى لا تصل الأوضاع لمثل تلك التي تشهدها اليمن أو العراق أو سورية.
مشاركة :