قالت مصادر مقربة من تيار «المستقبل» أن اجتماع زعيمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الطويل ليل أول من أمس، انتهى إلى توافق على أرضية مشتركة في ما يخص انتخابات رئاسة الجمهورية، مع إقرارهما بالاختلاف في شأن دعم الأول ترشيح زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وتبني الثاني ترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، تقضي بدعوة الكتل النيابية كافة إلى النزول إلى البرلمان للاختيار بين المرشحين للرئاسة وفقاً للعبة الديموقراطية ومنطق الدستور الذي يوجب إنهاء الفراغ الرئاسي. وأوضحت المصادر أن الزعيمين قدّما قراءتهما للتطورات المتعلقة بمعركة رئاسة الجمهورية منذ حصول الفراغ الرئاسي قبل زهاء 21 شهراً، والأسباب التي دفعت بكل منهما إلى الخيار الذي لجأ إليه في دعم مرشحه، لكنهما اتفقا على تجاوز الاختلاف والتباين في قراءة هذه التطورات وعلى أن «نلعبها حبياً»، كما قال مصدر في القوات لـ «الحياة». وشدّت مصادر «المستقبل» على أن الحريري وجعجع متفقان تماماً على ما قاله الأول عن أن هناك 3 مرشحين للرئاسة (هنري حلو إضافة إلى عون وفرنجية) وربما أكثر وعلى ضرورة نزول كل الكتل إلى البرلمان وليفز من يحصل على الأكثرية وسنقوم بتهنئته ونتعاون معه. وذكرت أن التوافق على هذا الموقف يحظى بالتفاف قوى 14 آذار كافة حوله من «الكتائب» إلى المستقلين وسائر الأطراف، إضافة إلى «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط، فضلاً عن أن رئيس البرلمان نبيه بري كان دعا كل الكتل إلى النزول إلى جلسة انتخاب الرئيس. ورداً على سؤال عن كيفية إقناع «حزب الله» بهذا التوجه طالما أنه يشترط موافقة «المستقبل» على مرشحه العماد عون كي يقبل بالنزول إلى البرلمان لتأمين نصاب الثلثين، قالت مصادر «المستقبل» أن هناك اتفاقاً على الضغط باتجاه تأمين النصاب وفق القاعدة التي طرحها الحريري وتدعو إليها «القوات» أيضاً. وباتت هناك أكثرية عابرة للاصطفافات والمذاهب والطوائف تدعو إلى النزول إلى البرلمان من دون فيتوات مسبقة على أحد سواء المرشحين الثلاثة المعلنين، أم غيرهم الذين قد يتقدمون بترشيحهم. وأضافت المصادر: «حجة حزب الله بالاستمهال وعدم العجلة هي أنه ليس قادراً على الضغط على حليفه الرئيس بري كي يؤيد عون، ولا على فرنجية كي ينسحب لأن الحريري سيقاطع جلسة انتخاب الرئيس إذا كانت حظوظ العماد عون هي الراجحة في الرئاسة. لكن المتغيّر الجديد الذي يفرض تأمين النصاب وانعقاد الجلسة هو أن الحريري أكد في خطابه الأحد الماضي أنه لن يقاطع الجلسة والتزم النزول إلى البرلمان لأن الدستور يوجب ذلك وقد يأتي رئيس بالانتخاب سأكون أول من يهنئه وبالتالي لم يعد هناك من حجة أمام الحزب». وحين سئلت المصادر عما إذا كانت إشارة الحريري في خطابه أو في تصريحاته إلى إمكان ترشح أكثر من الثلاثة المعروفين تعني أنه يفتح الباب للتوافق على مرشح غير عون وفرنجية ومن خارج الأقطاب الموارنة الأربعة، ردت مصادر «المستقبل» بالتهكم قائلة: «هم قبلوا بهذا الخيار ورفضناه؟ هذا الأمر مطروح منذ أكثر من سنة من جانب 14 آذار. لكن العماد عون وحلفاءه لم يقبلوا به. لذلك، وصلنا إلى حيث نحن. والعماد عون لن يقبل بغيره رئيساً حتى لو كان من حزبه، ويرى أن موافقة حزب الله على خيار كهذا تعني خيانة له». ودعت مصادر «المستقبل» إلى «عدم تفسير عبارة الحريري بإمكان وجود مرشحين غير الثلاثة المعلنين، بغير سياق التسلسل المنطقي لموقفه من وجوب التزام الدستور، والذي يعتبر مقاطعة جلسات الانتخاب هرطقة ويخالف نظامنا الديموقراطي الذي يعطي الحق لأي مرشح للرئاسة أن يطرح نفسه وأن نتيجة الاقتراع هي التي تحدد من يفوز بالأكثرية لنبارك له كائناً من كان. وموقف الحريري التزام الدستور والقاعدة الديموقراطية التي تقول بعقد جلسات لدورة أولى وثانية وثالثة ورابعة إلى أن يحصل أحد المرشحين على الأكثرية هو عودة القوى السياسية إلى البديهيات، في مواجهة المنطق الذي يقول بتعيين الرئيس بسحب المرشحين الآخرين وضمان تأييد من يريدون تعيينه، وعندئذ يوافق حزب الله على تأمين النصاب. هذا ليس الدستور». وعن الحجة القائلة بوجوب انتخاب الأكثر تمثيلاً والقوي في طائفته، قالت مصادر «المستقبل» أن الأمر يتعلق بتأمين الأكثرية. وإذا حاز الأكثرية فليكن. ولم يمنع أحد «حزب الله» من أن يقنع حلفاءه بأن يقترعوا له. وأوضحت مصادر «المستقبل» أن رئيس «القوات» كان متفقاً تماماً مع الحريري في هذا المنطق. فمع دعمه ترشيح العماد عون لم يعد هناك عذر أمام الأخير و «حزب الله» لمقاطعة جلسات البرلمان طالما أن الحريري التزم عدم مقاطتها حتى لو كانت للعماد عون حظوظ. وتساءلت مصادر «المستقبل» عما إذا كان ممكناً بعد موقف الحريري هذا تجاوز هذه الدينامية التي يفرضها منطق حضور الجلسات كائناً من كان الذي سيفوز بالأكثرية. وذكرت مصادر «المستقبل» لـ «الحياة» أن الإشكالية التي نشأت نتيجة المزحة التي أطلقها الحريري مع جعجع في مهرجان 14 شباط، وقال فيها كان من الأفضل لو أتممت المصالحة (مع العماد عون) قبل الآن، لكنت وفّرت على المسيحيين ولبنان كثيراً، تمّ تجاوزها بلحظات أثناء لقائهما، حيث أوضح الحريري أنه كان يمازحه و «خاطبتك هكذا لأنك كنت جالساً قبالتي عندما كنت ألقي خطابي». ورد جعجع: «أنا أيضاً اعتبرتها نكتة وضحكت حين قلتها ولو كان هناك مجال ليسمع صوتي لأجبتك وأنا أضحك (بالمثل الفرنسي) أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً». ولكن، عندما خرجنا من القاعة سمعت أن التعليقات عليها اشتعلت (على مواقع التواصل الاجتماعي). ورد الحريري: «أنا أتفهم أن يفهمها الناس بطريقة استفزتهم، لكن الواضح أني لم أقصد استفزازهم». وقال جعجع: «هذا واضح». وانتقل البحث إلى الوضع السياسي والرئاسة. وأكدت مصادر «القوات» أن التفاعلات التي نجمت عن مزحة الحريري مع جعجع انتهت فور حصول الاجتماع بينهما. وشدّدت على أنهما اتفقا على أن «دعم كل منهما مرشحاً للرئاسة لن يفسد في الود قضية، وعلى حماية 14 آذار مع التفاهم على ضرورة التوصل إلى قواعد عمل جديدة في إطار التحالف لتمتين دور قوى الاستقلال». وأكدت مصادر «القوات» أن الخلاف حول الرئاسة الذي عرضه كل منهما مبرراً موقفه، «ليس جوهرياً واللقاء يؤكد أهمية التواصل المباشر لأن بعد المسافة بوجود الحريري في الخارج يستفيد منه الخصوم والمصطادون في الماء العكر».
مشاركة :