يمثل تعديل القواعد الضريبية العالمية، ولا سيما في ظل غیاب مبادئ عالمية واضحة يستند إليها في هذا الصدد، سابقة أثارت اهتمام الشركات التي ترى أن الأولوية ينبغي أن تكون لاستقرار النظام وموثوقيته، بدلا من زيادة تكاليف الامتثال وما سيلي ذلك من معارك سياسية حتمية. وقال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك في مؤتمر الأمن المنعقد في ميونخ العام الماضي، "قد يعني ذلك أننا مضطرون إلى دفع مزيد من الضرائب في أماكن مختلفة، وفق إطار جديد، وهو أمر مقبول بالنسبة إلينا". وترى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن تعديل كيفية فرض الضريبة على الخدمات الرقمية مسألة عدالة وليست مسألة إيرادات فحسب، وركزت النقاشات السابقة حول ضرائب التجارة الإلكترونية على كيفية تطبيق ضريبة المبيعات، لكن هذه النماذج لا تغطي جميع أرباح الشركات التي تقدم خدمات مجانية مقابل الحصول على المعلومات. وأشار سانت ـ أمانز الذي وصفته صحيفة "بوليتيكو" العام الماضي، بأنه "أقرب ما يكون إلى محكم" في القضايا الضريبية العالمية، إلى تزايد مشاعر الإحباط تجاه الشركات التي تحقق أرباحا في دول دون أن يكون لها وجود مادي فيها. ويكمن التحدي الآن في مواصلة العمل على التوصل إلى توافق عالمي دون تعطيل الجهود الجارية. فلدينا خطط مفصلة، ونعلم وجهتنا، لكننا في حاجة إلى دافع سياسي لإعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح. وكجزء من عملها على القضايا ذات الصلة بتآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح، "مجموعة من السياسات المصممة لضمان قيام الشركات بدفع ضرائبها حيث تجني أرباحها"، وضعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي استراتيجية من جزأين. ويهدف العنصر الأول إلى تغيير كيفية إثبات وجود الشركات في بلد ما، وهو ما سيمثل فارقا كبيرا بالنسبة إلى الصناعات التي تعتمد على نماذج عمل جديدة تقوم على البيانات بدلا من المصانع المادية. ويتناول العنصر الثاني مسألة الحد الأدنى للضريبة لضمان خضوع أرباح الشركات للضرائب في بلد ما، وعدم إعفائها في جميع الدول ـ على غرار نظام "الدخل العالمي غير الملموس الخاضع للضريبة المنخفضة" الأمريكي، الذي تم إقراره 2017 لفرض حد أدنى للضرائب التي يجب على الشركات تحملها. وحسب تقديرات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ستسهم التعديلات المقترحة إلى جانب النظام الأمريكي المذكور في توليد إيرادات ضريبية جديدة تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 100 مليار دولار سنويا، أي نحو 4 في المائة من إيرادات ضرائب دخل الشركات على مستوى العالم، وتتأتى هذه الزيادة في معظمها من عنصر الحد الأدنى للضريبة. أما نماذج العمل الجديدة المقترحة فلن تسهم سوى بمكاسب ضئيلة حسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي نتيجة نقل الإيرادات من الدول التي تمثل مركز الاستثمارات إلى اقتصادات أخرى. ويعتزم الرئيس جوزيف بايدن، تعديل المنهج الأمريكي تجاه التجارة والتكنولوجيا والعلاقات عبر الأطلنطي كجزء من تجديد الالتزام بتعددية الأطراف عموما، ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة ستتوقف عن معارضة الضرائب الرقمية المفروضة حاليا بالفعل. وكما ذكرت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، في تعليقات لمجلس الشيوخ، فإن هذه الضريبة "غالبا ما تميز ضد الشركات غير المقيمة وينشأ عنها ازدواج ضريبي"، إلى جانب تفاصيل مختلفة أخرى. وأشارت إلى أن الإدارة ترغب في مواجهة هذه الشواغل مع مراعاة الأثر السلبي المحتمل للعقوبات الثأرية في الأسر الأمريكية... يتبع
مشاركة :