يمكن أن تأخذ ضريبة الأنشطة الاقتصادية الرقمية أشكالا متنوعة، بعضها بسيط كضرائب الاستهلاك على المشتريات عبر الإنترنت أو الاشتراك في الخدمات، وبعضها أكثر تعقيدا مثل الضرائب التي تستهدف تقييم الربحية وفصل الشركات الرقمية عن أجزاء الاقتصاد الأخرى. وهناك أيضا مسألة مدی اتساق الضرائب الرقمية مع قضايا السياسات التكنولوجية عبر الأطلنطي المرتبطة بالخصوصية والمنافسة والدعم الحكومي. وقال مارشال فان الستاين، أستاذ اقتصاد المعلومات في جامعة بوسطن الذي تضمنت جهوده في هذا المجال تقديم خدمات استشارية غير مدفوعة للمفوضية الأوروبية وفيسبوك، "أؤمن بوجود قدر من القومية التكنولوجية في الوقت الحالي. غير أن ذلك لا يعني عدم وجود مبرر للتدخل". وقال فان الستاين إن وفورات الحجم تعد أحد مبررات المعاملة التمييزية للشركات التكنولوجية الكبرى التي يمكنها جمع البيانات من ملايين المستخدمين عبر وسائل لا يمكن للشركات الأصغر مجاراتها. فبينما تربط الشركات التقليدية بين منتجاتها من خلال بيع أجهزة طباعة غير باهظة الثمن لزيادة مبيعاتها من الورق وخراطيش الحبر على سبيل المثال، تقدم المنصات التكنولوجية خدمات مجانية لجزء من السوق لتعظيم أرباحها من القطاعات الأخرى، كتوفير حسابات بريد إلكتروني مجانية وجمع البيانات في المقابل لأغراض الإعلانات أو عرض المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات من خلالها. وأضاف قائلا إن نماذج العمل التي تقوم عليها هذه المنصات مختلفة اختلافا جذريا فالوضع معكوس في هذه الشركات، حيث يقدم المستخدمون من خارج الشركة الجزء الأكبر من القيمة. ولكن توجد آراء معارضة أيضا. فقد أشار جيه. سكوت ماركوس الذي شغل في السابق منصب المستشار الأول لشؤون التكنولوجيا في لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية إلى أن المنصات الرقمية تنطوي على تحديات مماثلة لتلك التي تواجهها الصناعات التقليدية، لكن على نطاق أوسع. ويرى أن الميزة الأساسية لقطاع التكنولوجيا تكمن في سهولة حركة الأصول. "فالشركات الرقمية تتمتع بحرية أكبر مقارنة بالشركات التقليدية في اختيار محل وجود أصولها، ولا سيما الملكية الفكرية"، حسب قول ماركوس الذي يشغل حاليا منصب زميل أول في مركز بروجل Bruegel، وهو أحد مستودعات الفكر في بروكسل الذي يضم بين أعضائه عددا من الشركات التكنولوجية الكبرى. ومن منظور المواطنين قد تبدو ضرائب الاقتصاد الرقمي امتدادا منطقيا لالتماس الإسهامات من القطاعات الأكثر قدرة على الصمود في مواجهة الأزمة. فقد وصل الأمر بمنظمة أوكسفام الدولية، وهي مجموعة مناهضة للفقر تعكف على دراسة الضرائب كجزء من عملها في مجال مناصرة الفقراء، إلى اقتراح قيام الحكومات بفرض ضريبة أرباح فائضة على شركات التكنولوجيا والمستحضرات الدوائية والسلع الاستهلاكية التي شهدت انتعاشا خلال الجائحة وسط معاناة القطاعات الاقتصادية الأخرى. وعموما ترى المجموعة أن الضرائب المفروضة على قطاع التكنولوجيا ضئيلة مقارنة بقوته الاقتصادية. وقالت كيارا بوتاتورو مستشارة أوكسفام لعدم المساواة والسياسة الضريبية في الاتحاد الأوروبي "ازداد الاهتمام بضرورة فرض الضرائب على الشركات الرقمية والاقتصاد الرقمي عموما بسبب أزمة فيروس كورونا. فقد ازدادت أرباح الشركات الرقمية هذا العام كما نعلم وذلك على عكس الشركات التي خسرت جانبا كبيرا من أرباحها بسبب الأزمة".
مشاركة :