يشكل الإصلاح السياسي شعارا مشتركا لمعظم المترشحين لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الكويت الشهر المقبل، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل فعلا أن القوى المؤثرة في المشهد الكويتي جاهزة لتفعيل هذا الشعار على أرض الواقع، أم أنها ستتجاهله لأنها مستفيدة من الوضع الراهن؟ وتعيش الكويت منذ نحو عقد على وقع أزمة مزمنة بين الحكومات المتعاقبة ومجلس الأمة، أدت إلى إقالات متكررة لتلك الحكومات وحل البرلمان المنتخب. ويرى متابعون للشأن الكويتي أن البلاد التي لطالما تباهت بأنها صاحبة أول تجربة ديمقراطية في المنطقة باتت اليوم سجينة تلك التجربة، وأنها ليست في وارد كسر هذا الطوق على الأقل على المدى المنظور. ويقول المتابعون إن الإشكال الحقيقي يكمن في أن مجلس الأمة الذي يحظى بصلاحيات دستورية واسعة تتضمن مراقبة أداء الحكومة، واستجواب الوزراء، تحول إلى ساحة تصفية حسابات بين القوى المتدخلة في المشهد الكويتي وبينها الشقوق المتصارعة داخل الأسرة الحاكمة. ويشير هؤلاء إلى أن الصراعات أثرت بشكل كبير على إطلاق برنامج تنموي حقيقي داخل الدولة الخليجية العضو في منظمة أوبك، وأن إنهاء الصراعات يتطلب عقدا جديدا وإصلاحا سياسيا حقيقيا لن يتحقق دون إجراء تعديلات دستورية، تشمل النظر في صلاحيات المجلس التشريعي وأيضا عملية تشكيل الحكومات. ويلفت المتابعون إلى أن من الإخلالات المسجلة في التجربة السياسية الكويتية غياب أحزاب سياسية تتنافس على برامج، ما كرّس الطابع العشائري الذي بات يهيمن عليه اليوم الإسلاميون بشقيهم الإخواني والسلفي. فواز الجويعد: الإصلاح السياسي أولوية لتنمية الكويت فواز الجويعد: الإصلاح السياسي أولوية لتنمية الكويت وتعيش الكويت هذه الأيام على وقع حملة انتخابية، استعدادا لانتخابات تشريعية جديدة هي الثانية في أقل من عام بعد قرار المحكمة الدستورية في التاسع عشر من مارس الماضي إبطال الانتخابات السابقة التي جرت في سبتمبر، وأفرزت برلمانا سيطرت عليه قوى المعارضة. وعلى خلاف الحملات السابقة التي ركزت على البعدين التنموي والاجتماعي، فإن المترشحين للاستحقاق الذي سيجري في السادس من يونيو المقبل، ركزوا على نقطة الإصلاح السياسي، تماشيا مع نبض الشارع الكويتي الذي بات يرى بأن لا إصلاحات اقتصادية أو برامج تنموية حقيقية دون المرور بتحقيق إصلاح سياسي فعلي يخرج البلاد من الحلقة المفرغة. وقال فواز الجويعد المترشح عن الدائرة الرابعة في تغريدة عبر حسابه على تويتر الأربعاء "ابتعدنا كثيرا عن القضايا التي تهم الوطن والمواطن بسبب الصراعات السياسية.. الإصلاح السياسي هو أولوية لتنمية الكويت". من جهته صرح مرشح الدائرة الثانية عبدالوهاب العيسى أن ترشحه للانتخابات يحمل مجموعة من الأولويات على رأسها مشاريع الإصلاح السياسي، مضيفا “آمل أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة استقرار سياسي تحقق للمواطن الكويتي التنمية والاستقرار". وشدد مرشح الدائرة الخامسة فهد بن جامع على أن الهدف الأسمى اليوم هو إعادة الكويت إلى ما كانت عليه سابقاً، قبل أن يعيث فيها الفساد، مضيفاً أن “الكرسي لم يكن هدفنا، ولا العضوية غايتنا، فلن يضيفا لي شيئاً، لكن مشاركتنا جاءت لإعادة الوجه الحقيقي لدولتنا الحبيبة". أما مرشح الدائرة الأولى علي الكندري فقال “تقدمت بأوراق ترشحي لمواجهة الخلل الذي يجب أن يعالج؛ لأننا كشعب نتطلع إلى إصلاح سياسي ينتشل البلاد مما فيها من تعطيل تنموي"، مشددا على أنه مرشح مستقل، ولا يمثل الحركة الدستورية الإسلامية (حدس). وأضاف الكندري أن أيّ إصلاح اقتصادي أو مالي أو غير ذلك، لا يمكن تنفيذه من دون البدء بالإصلاح السياسي. من جانبه، أكد مرشح الدائرة الأولى محمد عباس جوهر حيات أن إصلاح مؤسسات الدولة لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق إجراء إصلاحات سياسية تطال السلطات الثلاث، وإجراء انتخابات شفافة وتعديل النظام الانتخابي، إضافة إلى الحاجة لإصلاح السلطة التنفيذية من خلال حسن اختيار الوزراء. وتجري المنافسة على الانتخابات المقبلة في ظروف استثنائية نتيجة احتدام الصراع بين أجنحة الأسرة الحاكمة، وسط توقعات بإمكانية تراجع نسب التصويت، بعد أن أصاب اليأس جزءا كبيرا من الشارع الكويتي، في إمكانية أن تحقق الانتخابات التغيير المنشود. ويرى مراقبون أن حالة اليأس لا تطال فقط القاعدة الانتخابية بل وحتى المترشحين، الذين كان إقبالهم ضعيفا، فيما فضل البعض الآخر الاقتصار على الدواوين وعدم القيام بحملات ضخمة ومكلفة. محمد جوهر حيات: إصلاح مؤسسات الدولة لن يتحقق دون إصلاحات سياسية محمد جوهر حيات: إصلاح مؤسسات الدولة لن يتحقق دون إصلاحات سياسية ويشير المراقبون إلى أن هناك اليوم في الكويت شعور سائد بإمكانية أن تتخذ المحكمة الدستورية نفس القرار بالنسبة إلى البرلمان المقبل، أي حله، حيث أن الأسباب التي استندت عليها في قرار حل برلمان 2022 لا تزال قائمة. وتقدم نواب سابقون في "مجلس 2022 المبطل" ومواطنون بالطعن أمام المحكمة الدستورية على حكمها القاضي ببطلان عملية الانتخاب برمتها في الدوائر الخمس لمجلس 2022 مطالبين بإعادته. واستند النواب في طعنهم إلى جملة من الأسباب منها أن "الحكم المطعون فيه ببطلان المرسوم رقم 136 لسنة 2022 بحل مجلس الأمة 2022 متضمنا قضاءً في مسألة تخرج عن اختصاصات المحكمة الدستورية". وجاء في وثيقة الطعن أن الحكم المطعون فيه فصل في عمل من أعمال السيادة، والذي يخرج عن الاختصاص الولائي للمحاكم قاطبة، كما تضمن إخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، إلى جانب إغفال الحكم محل الطعن فحص الأسباب الواردة بمرسوم حل مجلس الأمة 2020. ومن المنتظر أن تنظر المحكمة الدستورية في الطعون في السابع عشر من الشهر الجاري، وسط تساؤلات حول ما سيفضي إليه الوضع في حال قررت قبول تلك الطعون، وما مصير انتخابات مجلس الأمة المقبلة. ويتألف مجلس الأمة من 50 عضوا يُنتخبون عبر الاقتراع السري المُباشر، وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد الذي أقرّه أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عبر قانون "مرسوم الضرورة" عام 2012، وقلل بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد.
مشاركة :