مصر وطن.. وليست جماعة أو طائفة - يوسف الكويليت

  • 12/26/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا يهم الظواهري أو أبو قتادة، أو أي زعيم متطرف أن يفتي بقتل الآلاف في عملية انتحارية، أو مهاجمة مستشفى مثل الذي حدث في اليمن، وخاصة من هم على عتبة الموت بحكم تقادم السن وكابوس فقدان الحياة لأي سبب، أو رجلين مثل الأسد في سورية، والمالكي في العراق أن يستخدما بالمال والنفوذ جبهة النصرة، وداعش في تنفيذ أهدافهما تحت طائلة حماية نظاميهما أمام العالم بدعوى إما نحن أو مواجهة الإرهاب؟ مصر كأي بلد عربي واجهت الإرهاب، فقد خرجت منها جماعات التكفير والهجرة التي نفذت العديد من الاغتيالات في رموز وطنية، أو قتل السياح وإشاعة الرعب، والمسلسل مستمر عندما تم تفجير مركز للشرطة في (الدقهلية)، والاحتمالات في وقوع مثل هذه الأحداث قائمة بأن يكون خلفها الإخوان المسلمون أو أنصارهم، وهي من الأمور غير المفاجئة في حال فقدانهم السلطة والنفوذ ليقدموا على عمل يعتقدون بشرعيته حتى لو كان المقصود مركزاً للشرطة، لكن الهدف جاء على قتل أبرياء وتدمير أو تضرر عشرات المساكن للآمنين.. التحقيقات الأولية لم تحدد المجرم ومن ينتمي إليه، ولكن بافتراض أن الإخوان المسلمين هم طرف في القضية، فخسارتهم أكثر من ربحهم لسبب أن القتل المتعمد في وطن يقيّم الأحداث بمشاعر وطنية دقيقة، فإن هذه التصرفات لا تجد من يراها بطولة وشجاعة وتضحية باسم المعاني السامية، ومن يرونها كذلك فسوف يواجون الشارع حتى من مؤيدي الجماعة بأنهم عناصر قتلة، وهنا سيرون حقائق تخالف أفكارهم، أي أن أي تظاهرة، أو إضراب أو اقتحام مؤسسة سوف يجد المقاومين أكثر من المؤيدين، وما يميز الواقع في مصر، أنه خالف ما حدث في بلدان الربيع العربي من تشققات في الجيش والأمن العام، وأجهزة الاستخبارات وغيرها، بحيث ظلت المؤسسات الأمنية والجيش وبقية عناصر الحماية الوطنية متماسكة وغير مخترقة، وقد تطول المعارك، وتستحدث أساليب العمليات، إلا أن تجارب السنين الماضية، سواء في عهد مبارك، أو ما بعده أعطت حقائق بأن المعركة مع المواطن الذي يريد الاستقرار ورفض أي عنف من أي جهة كانت ويرى في قواته المسلحة والشرطة وغيرهما ذراع حمايته، هي التي خلقت هذا التناغم والتماسك.. مصر اختُرع لها خلافات إسلامية - مسيحية، وهي حالة استفادت منها قوى التطرف سواء أكانت من صناعة الدولة، أم الجماعات الأخرى، ولا توجد أسباب أخرى تغذي الصراع بين فئات المجتمع لأن التعايش الوطني والاجتماعي، بل وإذابة القوى الأخرى من يسار ويمين ومن رافعي الشعارات المختلفة، استطاعت مصر إذابتهم في معدتها الكبيرة، وبقي الوطن يتعالى على الخلافات كلها، لأن الجذور الوطنية راسخة، وهو امتياز لا نجده في معظم الدول العربية أو الإسلامية.. حادث الدقهلية، قد يكون مقدمة لأخرى تتشابه بالكيفية والمضمون، غير أنه رهان فاشل من أي طرف يريد، عن عمد، أو غيره خلق هذه الفوضى، لكن تاريخ مصر الذي تجاوز حدود الزمن أثبت أنه لا يصاغ بالجريمة والإنكار للوطن، ولعل من انكشفت أساليبهم ونواياهم سوف تغرقهم مياه نهرها العظيم مثلما كان لسوابق الاحتلال والاستعمار وكل الحوادث الأخرى؛ لأن مصر وطن وليست جماعة أو حزباً أو طائفة..

مشاركة :