حين كتبت مقال "أنزور ومزبلة التاريخ" قبل أكثر من عام، كنت واثقاً من أن أنزور نوعية من البشر لم يعد لها مكان في ذاكرة التاريخ؛ نوعية "مرتزقة" تجاوزها الزمن ولم يعد يعبأ بها أحد وبما تعمل. أنزور ومن على شاكلته لا يعي أن الابتزاز وسيلة انتهت صلاحيتها ولم تعد وسيلة ناجحة للحصول على مكان في ذاكرة الناس. فشل هو وفيلمه التعيس في التواجد في أي من الصالات السينمائية المعروفة وحتى غير المعروفة في لندن وفي بقية دول العالم، مما اضطره إلى حجز صالة في أحد الفنادق اللندنية ليقدم عرضاً بائساً لفيلمه البائس. هذا الفشل الذريع الذي مني به الفيلم وعدم القبول الذي وجده من ملاك صالات السينما العالمية وموزعي الأفلام العالميين؛ دعاه إلى الترويج مرة أخرى عن فيلمه ويعرض استعداده للتفاوض من أجل إيقاف الفيلم! كوسيلة للارتزاق وابتزاز المال، وذلك بعد انهيار حلم العالمية الذي كان يطمح له مخرج "النكاح"، بسبب سوء مستوى الفيلم وانكشاف الإمكانيات الرديئة لهذا المخرج أمام شركات التوزيع السينمائي العالمية التي لا تجامل أحداً ولا تقبل توزيع إلا الأفلام الجيدة المبنية على أساس سليم ونبيل، لا على الحقد والافتراء وتصفية الحسابات! بعد هذا الفشل المخجل عاد ليعرض فيلمه في مدينة دمشق التي وصفها بأنها عاصمة تنبذ الإرهاب ومكوناته، وهو بذلك يُضحك الدنيا كلها لأن العالم كله ومنذ ثلاث سنوات يشاهد الوحشية والإرهاب الصادر من نظام بشار الأسد القاطن في دمشق، وكان حرياً بأنزور إذا لم يرغب في الوقوف مع المواطن السوري الذي يقتل يومياً عبر الكيماوي أو البراميل المتفجرة التي يسقطها النظام يومياً على شعبه، أن يكون محايداً أو على الأقل أن لا يتجنى على الآخرين. أن لا يقف مع القاتل ضد المقتول خاصة أنه يدّعي ويزعم أنه فنان.. والفنان الحقيقي لا يقف مع الطاغية ضد المستضعفين. أنزور، المؤيد لإرهاب الأسد، حين كان مغموراً وغير ناضج لم يجد مكاناً يعمل به إلا المملكة العربية السعودية، التي تلقفت أعماله وتعاملت معه كأحد المبدعين الذين يواجهون حرباً في بلاده بسبب شركسيته، بل واستقبلته واحتفت به وأكرمته، ليس خوفاً منه فهو لم يكن بالأساس يملك شيئاً في عالم الإبداع، كان نكرة، وتعامل معه السعوديون من جانب إنساني، لأنه ضحية النظام السوري الذي يأتي الآن ليمجد فيه ويصفه بالإنسانية؛ طمعاً في المغنم! لقد أكرمت المملكة "اللئيم" أنزور لكنه تمرد و"عض" اليد التي أكرمته، وتناسى أن المملكة وقفت مع بلاده سنين طويلة قدمت خلالها الكثير من الدعم المادي والمعنوي، ونسي أو تناسى أن المملكة وقفت مع سورية وشعبها في كل الأحوال خصوصاً في الصراع المزعوم مع إسرائيل. يقول أنزورو إن الفيلم يبحث بتاريخ الإرهاب وجذوره متناسياً أن المملكة عانت من الإرهاب أكثر من أي دولة في العالم، والمفارقة أنه هو شخصياً قام بإنتاج وإخراج مسلسل "الحور العين" قبل سنوات وكان يقول حينها إن هدف المسلسل توثيق معاناة المملكة من الإرهاب، فكيف أصبحت المملكة الآن دولة ترعى الإرهاب وتصدره؟! ألا يكشف هذا الموقف عن انتهازية هذا المرتزق؟ فقبل سنوات كان يقول إن المملكة ضحية الإرهاب، والآن يناقض نفسه بنفسه ويقول إنها منبع الإرهاب! والعجب من هذا التناقض سيزول تلقائياً إذا فهمنا شخصية أنزور الرخيصة اللاهثة خلف الدولار والتي هي على استعداد لأن تتخلى عن كل مبادئها من أجل حفنة دولارات، ورأيه الجديد في المملكة والذي يزعم أنه عبر عنه في فيلمه البائس، لم يكن إلا إرضاء لولي نعمته "الطاغية" الذي أنتج له الفيلم. هو بالتأكيد بعد فشل مشروعه ومن قام بتمويله أراد أن يعيد بعضاً من الحياة لمشروعه الفاشل، فقام بمحاولة الترويج بالتهديد والوعيد والابتزاز على أمل أن يجد شيئاً من الشهرة التي فقدها منذ مدة طويلة حتى في بلاده بعد أن اكتشف الجميع أن مشروعه الثقافي هو التركيز الكبير على المفاتن النسائية فقط وأن ما قدمه من أعمال ما هي إلا اجترار لغريزة المشاهد العربي. كل ما أتمناه أن لا يحقق مبتغاه من خلال الابتزاز الواضح وتركه ينبح، فلن يستمر بالنباح طويلاً، خاصة أنه لا يوجد في العالم كله، حتى في دمشق نفسها، من هو مقتنع بإمكانياته الفنية الهزيلة. إن استمرار الحديث عن الفيلم المسخ الذي أخرجه هذا المرتزق إنما هي مساهمة في الترويج له ولمخرجه وبالتالي حصوله على بعض مبتغاه في انتشاره وتسويقه بمشاركة إعلامنا المحلي كعادته في مثل هذه الظروف. إن الحل مع مثل أنزور هو التجاهل التام وعدم الخوض في تفاصيل أعماله وأقواله وما يتحدث عنه، وهذا هو السلاح القاتل الوحيد في وجه المرتزقة الباحثين عن الأضواء. اتركوه ينبح كما يشاء فلن يسمعه أحد.
مشاركة :