عادةً ما يكون قدوم وليد للمرأة حادثًا سعيدًا يجعلها مقبلة على الحياة ويعطيها حافزًا قويًا، إلا أنه في بعض الحالات يهاجم الاكتئاب السيدات أثناء الحمل أو عقب الولادة؛ لدرجة توصلها لإيذاء نفسها وابنها. هذه الحالة لها أسبابها التي تجعل السيدة فريسة للاكتئاب، تعرضها متخصصتان في طب النساء والاستشارات النفسية، شارحتين في نفس الوقت كيف يمكن حماية السيدة منها، وإن وقعت فيها كيف يحدث العلاج، حسب "سكاي نيوز عربية". وتفرّق استشاري أمراض النساء والتوليد باسمة جبر بين اكتئاب ما بعد الولادة وبين "الكآبة النفاسية" التي تعرف باسم (baby bluse). قد تظهر "الكآبة النفاسية" عند 80 بالمائة من النساء، وتحدث مبكرًا بعد الوضع، لكن أعراضها أقل شدة وتزول سريعًا خلال أسبوعين. أما اكتئاب ما بعد الولادة فتتعرض له 15 بالمائة من النساء، وقد تتأخر أعراضه بالظهور لفترة قد تصل لأشهر، وتكون أكثر حدةً واستمراريةً. يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على تكيّف المرأة مع الحياة لدرجة إهمال نفسها ووليدها. وفقًا لباسمة جبر، فقد تختلف أعراض الاكتئاب ما بين امرأة وأخرى، وأشهرها: اضطرابات النوم، ما بين زيادة وقلة عدد ساعاته. اضطرابات في تناول الطعام ما بين النهم الشديد إلى العزوف عن الطعام. تترافق تلك الأعراض مع قلق وغضب وأرق وتبدلات مزاجية، مع شعور بالانفصال عن الوليد وشريك الحياة والأسرة. تتحول لحظة السعادة بالوليد إلى لحظات توتر وضيق وكره للحياة عند بعض النساء؛ فما الذي يلقي بهن إلى الاكتئاب؟ تجيب باسمة جبر، وكذلك استشارية الصحة النفسية نادية جمال بأن خللًا جسديًا داخليًا وأمورًا اجتماعية ونفسية تقف وراء هذه الحالة؛ ومنها: التبدلات الهرمونية، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص فيتامين "د". الطلاق والحياة في عزلة اجتماعية. ضيق المرأة من تغيرات شكلية وفسيولوجية وفي الروتين اليومي تحدث لها خلال الحمل. القلق من المسؤولية الكبيرة وعدم القدرة على تحمل أعباء الطفل. شعورها بالتقصير ناحية أسرتها وأصدقائها. وفي دراسة أجريت على 973 امرأة كان لديهن "اكتئاب ما بعد الولادة"، تبين إصابة 26.5 بالمائة منهن بذلك ما قبل الحمل، و33.4 بالمائة خلال الحمل. استشارية أمراض النساء والتوليد باسمة جبر تحذر من التهاون في التعامل مع هذه الحالة؛ لأنها أحيانًا تؤدي لارتكاب المرأة جرائم في حق نفسها أو وليدها دون وعي، ومن ذلك، احتمال أن تؤذي طفلها، أو تنتحر. وتعرض نادية جمال نصائح لتجنب الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة: وقوف الزوج بجانب زوجته ومشاركتها في كل التفاصيل خلال مدة الحمل، وإشعارها بالاهتمام. من أمثلة هذا الاهتمام متابعة غذائها، ومدح شكلها، وتقدير آلامها. أن يحيط الأهل والأصدقاء بالسيدة، ومساعدتها في المنزل إن أعجزها ألم الحمل عن العناية به. أما لو هاجم الاكتئاب فعلًا السيدة، فتقول باسمة جبر إنه يمكن التخفيف من حدته وتجاوزه بسلام، إذا: حرص الزوج والأسرة على التواصل الدائم والحنون مع السيدة، ومساعدتها في العناية بطفلها، وتشجيعها على الاسترخاء كلما شعرت بالتوتر والضيق. عدم تركها في عزلة أبدًا. تشجيعها على ممارسة الرياضة، والاستحمام بالماء الدافئ. اللجوء للعلاج للتخفيف من التأثيرات.
مشاركة :