توصلت كل من السعودية وروسيا وقطر وفنرويلا إلى قرار يقضي بتجميد الإنتاج النفطي في مستويات شهر يناير الماضي، في خطوة يتمثل هدفها في إنعاش أسعار النفط التي تشهد انخفاضاً مريعاً منذ أواسط العام 2014، إلا أنها اشترطت امتثال الدول الأخرى المنتجة بنفس القرار. وهو الاتفاق الأول من نوعه منذ 15 عاماً بين أوبك والدول المنتجة من غير المنظمة لدعم أسواق الطاقة العالمية. ولاقى قرار السعودية وروسيا ردود فعل متباينة، حيث لم يشكل القرار مفاجأة سارة للمستثمرين، وذلك بعد أن تم تداول خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت في مستويات متدنية بسبب تأملها في خفض الإنتاج وليس تجميده. وأشارت العديد من التحليلات إلى أن الاتفاق النفطي لن يكون ذا قدر أو تأثير كبير جداً على الأسعار الحالية للنفط لعدة أسباب. الطلب المتدني في أسواق الطاقة العالمية، فإن تجميد الإنتاج يعتبر خطوة أدنى قوة من خفضه، وربما تتعدى ذلك إلى أن تصبح بلا جدوى فعلية، بالنظر إلى الكميات الكبيرة التي ضختها كل من السعودية وروسيا إلى الأسواق العالمية يناير الماضي. وأشار سباستيان مارلير الخبير الاقتصادي لدى إيكونوميست أن روسيا أنتجت أعلى مستوياتها من النفط منذ حقبة الاتحاد السوفييتي بما وصل إلى 10.88 مليون برميل من النفط يومياً الشهر الماضي، بينما بلغ إنتاج السعودية نحو 10.2 مليون برميل للفترة ذاتها. الرفض الإيراني وبعد الانعتاق الإيراني من سياج العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، فإن من المرجح أن ترفض إيران الانضمام لركب الدول التي اتفقت على تجميد مستويات الإنتاج، نسبة لتعطشها الشديد لزيادة إنتاجها والعمل على تدعيم اقتصادها بعد سنوات من الحصار. وتخطط إيران لزيادة إنتاجها من النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً هذا العام. وأشار مهدي عسلي مبعوث إيران إلى منظمة الدول المصدرة للبترول الأربعاء في مقابلة صحفية إلى أنه من غير المنطقي أن يُطلب من إيران تجميد إنتاجها من النفط، وأضاف:من غير المنطقي أن يُطلب منا تجميد إنتاجنا من النفط في الوقت الذي كانت دول أخرى ترفع معدلات إنتاجيتها عندما كنا تحت وطأة العقوبات، وهي ذات الدول التي أدت إلى تهاوي الأسعار بسبب سياساتها وإصرارها، فكيف يمكنهم أن يتوقعوا تعاون إيران في هذا الصدد ودفع الثمن؟. عدم امتثال روسيا وقال محللون إن إحدى العقبات الأخرى في تحقيق الهدف من الاتفاق تتمثل في أن الدول غير الأعضاء في أوبك دائماً ما يتحايلون على الاتفاقيات التي يوقعونها مع أعضاء المنظمة، حيث أشار سباستيان مارلير الخبير الاقتصادي أن روسيا لم تلتزم في اتفاق مماثل مع المنظمة في العام 1990، وإن لها تاريخاً سيئاً مع هذا النوع من الاتفاقيات. ونوهت رويترز أيضاً إلى أن السعودية أقنعت كلاً من روسيا والمكسيك والنرويج في العام 2001 على المساهمة في خفض الإنتاج العالمي من النفط، إلا أن روسيا لم تلتزم بتاتاً بالاتفاق وقامت بعدها مباشرة برفع إنتاجها. وعلى الرغم من وضع منظمة أوبك سقفاً محدداً للإنتاج، فإن مستويات إنتاجها الفعلية تدور حولها علامات استفهام كبرى، حيث إن امتثال بعض الدول الأعضاء للاتفاقيات التي تبرمها أوبك فيما بينها دائماً ما كانت محل جدل بسبب عدم التقيد التام بما جاء في ثنايا تلك الاتفاقيات، حيث أشار دينيس غارتمان مؤسس وناشر النشرة الاقتصادية ذي غارتمان ليتر إلى أن أوبك وحتى وإن أعلنت عن خفض إنتاجها من النفط، فإنه لا أحد يأخذ الأمر بمحمل الجد. وهنالك نظرية أخرى أيضا تشير إلى احتمالية من أن أوبك لا تنشر أرقاما صحيحة حول إنتاجها النفطي، حيث قال وين جوردان الخبير الاستراتيجي في إدارة الثروات والسلع لدى يو بي اس: أن هنالك بعض الدول الأعضاء في أوبك تعلن أرقاماً أكثر من إنتاجها الفعلي، وذلك لكي تعلن خفض إنتاجها في اجتماعات المنظمة في شكل يبدو عليه أنها قامت بالفعل بخفض إنتاجها، وهو ما لا يحدث أساساً. يشار إلى أن أوبك رفضت مراراً خفض إنتاجها بسبب رغبتها في الاستفادة من استراتيجية الإنتاج منخفض التكلفة، وذلك لمنافسة قطاع النفط ذي التكلفة العالية مثل النفط الصخري وتضييق الخناق عليهم للتوقف عن الإنتاج أو خفضه بشكل كبير. ويمكن للاتفاق السعودي الروسي أن يعمل على إنعاش أسعار النفط العالمية بشكل طفيف، إلا أنه بلا شك سيضغط أكثر على منتجي النفط الصخري وإدخال لاعبين جدد إلى سوق النفط العالمية.
مشاركة :