جاء كلا اللاعبين اللذين سجلا لآرسنال في مواجهة ليستر، من مقاعد البدلاء وأظهرا إلى أي مدى يحتاج أرسين فينغر لتنويع أداء فريقه، حتى يتمكن من مواصلة السباق على لقب الدوري الإنجليزي (البريميرليغ). وقبل 10 ثوان على صافرة النهاية، وقف أرسين فينغر في منطقته الفنية، وقد على وجهه تعبير لرجل في أمس الحاجة للتعلق بآخر قشة. وقد بدت ملامحه الجامدة وكأنها تحكي حكاية موسم من العمل الشاق، كما يبدو معتادا في آرسنال بعد انتقاله إلى ملعب الإمارات. وقد كان ألم الفرص المهدرة ملموسا بقوة. من الصعوبة بمكان أن تفكر بتأن كبير وأنت في وسط العاصفة. أقر فينغر بالكثير بعد ذلك. لكن عندما نظر ليرى شكل فريقه في تلك الثواني الأخيرة قبل نهاية المباراة، عندما كان مسعود أوزيل يتأهب لتنفيذ ركلة حرة، ثمة شيء ما أعطاه بارقة أمل. قال مدرب آرسنال: «عندما حصلنا على ركلة حرة على ذلك الجانب، ورأيت مسعود يستعد لتنفيذها، ظننت أن لدينا فرصة هنا، لأن كراته متقنة للغاية، ولدينا لاعبون طوال القامة في وسط الملعب آنذاك - ويلبيك، وتشامبرز ومرتيساكر وغيرود. كان لدي أمل، شممت رائحة الأمل». ومع هذا، فالصلابة التي أظهرها ليستر حتى هذه اللحظة كانت توشك أن تحلق بهم وتحافظ على استمرار زخم مسيرتهم. وحتى الثواني الأخيرة كان يفوح من المباراة بقوة رائحة عناد «الثعالب». ومن خلال كاسبر شمايكل، وروبرت هوت وويس مورغان وبقية الفريق الذي لعب بعشرة لاعبين بعد طرد المدافع داني سيمبسون، نجح ليستر بشكل جماعي في الصمود في مواجهة آرسنال المستنفر بالكامل. كان هدف التعادل الذي أحرزه ثيو والكوت هو بمثابة الاختراق الوحيد، لكن كلا الفريقين كانا يعرفان جيدا أن فوز آرسنال فقط هو ما يكفي لتغيير الموازين بين الفريقين المتصارعين على اللقب. كان فينغر يترقب. أرسل أوزيل الكرة وسط غابة مزدحمة من اللاعبين في منطقة الجزاء، وبعد شهور من الغياب وإعادة التأهيل، وصل داني ويلبيك ليخطف الأضواء في البريميرليغ. كانت اللمسة التي صنعها بضربة رأس بديعة، خفيفة ولكنها كانت كافية لتحويل مسار فينغر وفريقه. وبحسب تعبير مدرب آرسنال: «كانت.. السعادة». بعد الهدف مباشرة، بدا أن معنويات ليستر قد تحطمت. أقر كلاوديو رانييري بأنه ولاعبيه كانوا في قمة الحزن والغضب أيضا. وقد زاد الهدف القاتل قبل نهاية المباراة من الشعور بخيبة الأمل بداخل مدرب ليستر بعدما حرمه اللعب بعشرة لاعبين من القدرة على مبادلة آرسنال الهجوم. ودبت الحيوية في المدرب الإيطالي وهو يقول إنه عندما كان لاعبا كان يكره أي منافس يحاول التسجيل في اللحظات القاتلة. في توقيت هو الأسوأ، كان مدافعوه مغيبين للغاية، بينما وجد ويلبيك المجال لإحداث الفارق. سيحصل ليستر على راحة لمدة أسبوع، لتقييم الأمور، قبل أن يتأهب لخوض المباريات المتبقية في الصراع الشرس على اللقب. ما زال ليستر يتصدر الترتيب بفارق نقطتين، وما زال يلعب بطاقة متجددة، وما زال يمتلك الطموح. ولكن هدف ويلبيك يحمل في طياته قوة كامنة ليغير إلى حد كبير مسيرة آرسنال خلال الجولات المتبقية. تأتي اللحظات المحورية بشكل غير متوقع في بعض الأحيان، ولم يكن فينغر يخطط حتى لضم المهاجم إلى تشكيلته، إلا أن أداءه القوي خلال التدريبات على مدار الأيام القليلة الماضية جعلته يغير رأيه ويضمه كبديل. قد يكون من قبيل الصدفة أن كلا اللاعبين اللذين سجلا لآرسنال جاء من مقاعد البدلاء خلال الشوط الثاني. لكن من المشكلات الكبرى التي كان على فينغر التعامل معها على مدار الشتاء، هو غياب اللاعبين من أصحاب الخبرات والذين يمثلون بدائل يمكن الاستعانة بهم عندما تكون المباراة بحاجة إلى قوة دفع جديدة. وكان هذا واضحا بالنسبة إلى خط الهجوم، خلال الشهور التي غاب خلالها أليكسيس سانشيز وكذلك ويلبيك، مع تواضع الحصيلة التهديفية لأوليفييه غيرود ووالكوت. قارن مقعد بدلاء آرسنال عندما حل الفريق ضيفا على ستوك سيتي قبل شهر من الآن، حيث انتهت المباراة بالتعادل السلبي. على ملعب بريطانيا، وبينما كان الفريق بحاجة لتنشيط صفوفه لاقتناص النقاط الثلاث بدلا من الاكتفاء بنقطة واحدة، كانت خيارات فينغر من اللاعبين الذين يمكنهم التسجيل تنحصر في حارس المرمى ديفيد أوسبينا، والمدافعين غابريل (نيسان)، وكالوم تشامبرز وكيران غيبز، ولاعبي الوسط المدافعين ميكيل أرتيتا ومحمد النني والمراهق أليكس إيوبي. أما في مواجهة ليستر، فقد استطاع فينغر أن يدفع بوالكوت وويلبيك، وهما لاعبان دوليان إنجليزيان يحملان خبرات سنوات كثيرة من اللعب في البريميرليغ. وقد كانا حاسمين. وبعد أن نال سيمبسون البطاقة الحمراء، وبمجرد أن وضح اتجاه سير المباراة في شوطها الثاني، كان هناك فارق صارخ ما بين جيمي فاردي، المعزول في نصف الملعب والخاضع لرقابة دفاعية ثنائية طول الوقت، وما بين الترسانة التي حشدها آرسنال بعد دخول والكوت وويلبيك لتعزيز جهود غيرود وسانشيز وأوزيل. قال فينغر: «هذا يكشف لك على هذا المستوى أن البدلاء يلعبون دورا كبيرا. عندما تسيطر على مجريات المباراة يمكنك الدفع بمهاجمين مثل والكوت أو ويلبيك، وهو ما يغير فرصك بالكامل». وقد كانت هناك علامات استفهام على القدرة التهديفية لآرسنال خلال هذه الفترة؛ فمن بين الأربعة الكبار الذين ما زالوا ينافسون على اللقب، كان فريق فينغر الأقل إنتاجية أمام المرمى. وبعد 26 مباراة في البريميرليغ، سجل آرسنال أقل بواقع 8 أهداف مقارنة بالموسم الماضي، وأقل بواقع 15 هدفا عما سجله تشيلسي، حامل لقب الموسم الماضي، في نفس المرحلة. لكن فينغر يأمل أن يستعيد الفريق قدرته التهديفية من جديد - وهو يحتاج لهذا بالتأكيد. سجل غيرود هدفا وحيدا خلال المباريات الـ9 الأخيرة التي لعبها في البريميرليغ. كما وأن الهدف المؤثر الذي أحرزه والكوت في شباك شمايكل جاء بعد فترة صيام تهديفي أدت لاهتزاز ثقته. أما سانشيز فما زال يبحث عن نفسه بعد أن ظل بعيدا عن الأضواء لشهرين. إن التحديات القادمة لا يمكن مواجهتها إلا بمزيد من المشاركة لهؤلاء اللاعبين، ومزيد من التنوع، ومزيد من التجديد ومزيد من الخيارات. من جهته يثق ويس مورغان مدافع ليستر سيتي أن فريقه سيضع وراء ظهره هزيمته المؤلمة أمام آرسنال وسيواصل سعيه لإحراز لقب الدوري الإنجليزي. وبهدف يلبيك مهاجم آرسنال في اللحظة الأخيرة يتعرض ليستر لهزيمته الثالثة فقط في الدوري هذا الموسم. وأكد مورغان أن اللاعبين سيعودون سريعا لطريق الانتصارات. وأبلغ مورغان موقع النادي على الإنترنت: «إنها نتيجة مخيبة للآمال. من الصعب تقبل استقبال هدف في آخر لعبة بالمباراة بهذه الطريقة والخروج بلا شيء». وأضاف: «نحن فريق يقاتل لاعبوه من أجل بعضهم البعض.. ونفعل ما هو ضروري لمساعدة بعضنا البعض. سنتعافى ونعود ضد نوريتش في المباراة القادمة». ولم تكن الهزيمة كافية للإطاحة بليستر من على قمة الترتيب رغم أن الفارق تقلص مع أقرب ملاحقيه إلى نقطتين. ومنح المدرب رانييري لاعبيه إجازة لمدة أسبوع من أجل إعادة شحن طاقتهم قبل المباراة القادمة ضد نوريتش سيتي يوم 27 فبراير (شباط). وتابع مورغان: «سنحصل على راحة بسيطة نخرج فيها كرة القدم من أذهاننا. المباريات الثلاث الأخيرة كانت صعبة لذلك سنحصل على بعض الوقت بعيدا عن كرة القدم وسنعود بأذهان منتعشة».
مشاركة :