- تحلى الاقتصاد الهندي بالمرونة في بيئة اقتصادية تتسم بالتباطؤ العالمي وكثرة التقلبات، وتميّز بنمو الناتج المحلي، الذي يُقدّر تسارعه بأكثر من 7 في المئة على أساس سنوي خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي في آذار (مارس) المقبل. ويتوقع صندوق النقد والحكومة الهندية استمرار النمو في شكل سريع خلال السنة المالية المقبلة، إذ أعلن الصندوق أن انخفاض أسعار السلع وارتفاع الاستثمارات الناتجة من الإصلاحات السياسية الأخيرة سيعزّزان النمو، ولكن بعض المحللين حذر من المبالغة في التطلعات. وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع العام الماضي، والتي صدرت الأسبوع الماضي، أظهرت أن معدل النمو بلغ 7.3 في المئة على أساس سنوي، كما نمت الاستثمارات بأقل نسبة في سنة واحدة، في حين شهدت الصادرات أكبر انخفاض في أكثر من أربع سنوات، وسجّلت الواردات أكبر تراجع خلال سنتين». ورأى أن «العنصر الأكثر إيجابية في هذا الإصدار تمثل في زيادة نمو الاستهلاك الخاص، فضلاً عن أنّ تراجع الواردات بنسبة تفوق الصادرات أدى إلى ازدياد التوازن التجاري، ما يشكّل تطوراً مشجعاً في شأن خطط الهند لخفض العجز في الحساب الجاري». ولفت إلى أن «البيانات أظهرت وجود عوامل خارجية كانت محفّزة لنمو الاقتصاد، كما يتوقع صندوق النقد منهم مواصلة تقديم هذا الدعم، ولكن الاقتصاد يواجه عقبات من شأنها عرقلة النمو مجدداً خلال السنة المالية المقبلة». وأضاف عقاد: «خارجياً، سيساهم عاملان رئيسيان في شكلٍ إيجابي في النمو الاقتصادي للهند خلال السنة المالية المقبلة، يتمثل الأول في انخفاض أسعار النفط، ما قد يفيد الهند باعتبارها مستورداً صافياً للنفط، كما أنّ الحكومة، التي سبق واضطرت إلى خفض ما تدفعه للدعم، ستجد خلال الفترة المقبلة فرصةً مواتية لخفض عجزها المالي، كما أن تراجع أسعار بيع الطاقة بالجملة أيضاً، ساعد في ازدهار التصنيع». أما العامل الثاني فتمثل في تراجع قيمة الروبية الهندية نحو 10 في المئة خلال السنة الماضية، مع العلم ان تحسين القدرة التنافسية يساعد في تعزيز قطاع التصدير الضعيف في الهند. وداخلياً، أشار عقاد إلى أن «الظروف الاقتصادية المحلية أكثر تشابكاً، حيثُ أنّ تضخم العملة وسياسة الأسعار في أدنى مستوياتهما منذ الأزمة المالية العالمية، إذ يُتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في شكل أكبر خلال النصف الأول من العام الحالي، مع احتمال تزايد الخفوضات، إذ إنّ التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة يؤخر خطط مجلس الاحتياط الفيديرالي لرفع أسعار الفائدة». وعلى الصعيد المالي، أوضح أن «انخفاض نفقات الدعم سيُفسح المجال للحكومة للإنفاق بحرية أكبر على جوانب أخرى، ما يجب تأكيده في الموازنة المالية في وقت لاحق من الشهر الجاري». ومن شأن الزيادة المتوقعة في رواتب العمال العامة أن تدعم نمو الاستهلاك المنزلي، ولكن الزيادات في الأجور قد تستغرق وقتاً طويلاً حتى يتم تنفيذها، كما أنّ السياسات النقدية والمالية ستساعد في خلق بيئة محلية ملائمة لازدهار الأعمال التجارية. ولفت عقاد إلى ضرورة «تغيير عاملين رئيسين حتى يعاود الاقتصاد نموه خلال السنة المالية المقبلة. فيجب على حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يقود الحكومة، أن يشكّل غالبية في مجلس الشيوخ (راجيا سابها)، إذ إن غيابها أعاق قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق، في حين تستمر انتخابات الولاية حتى السنة المالية المقبلة، وذلك سيحدّد ما إذا كان الحزب سيحصل على الغالبية». ولفت إلى أن العامل الثاني يتمثل في الحاجة إلى هطول مزيد من الأمطار، إذ عانت المناطق الريفية خلال العامين الماضيين من الجفاف، ما أضرّ بالقطاع الزراعي، ومن شأن جني محصولٍ أفضل أن يوفّر دفعة تشتد الحاجة إليها في القطاع الأولي». وختم بأن «كلا العاملين خارجان عن سيطرة الحكومة الهندية، ولا بدّ من تحسينهما قبل تحقّق توقعات صندوق النقد الدولي والحكومة».
مشاركة :