أعطى الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس إشارة علنية الى أنه سيلجأ مع رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، الى اطلاق التشكيلة الجديدة مطلع العام المقبل، وعلى الأرجح قبل منتصف الشهر المقبل، بعد أن رسم سيناريو للمواعيد الدستورية لاكتمال تأليف الحكومة وللدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في 25 آذار (مارس) المقبل، قبل شهرين من انتهاء ولايته حيث لا يعود للبرلمان أن يقوم بأي عمل سوى إجراء الانتخابات الرئاسية. وإذ اعتبر سليمان أن «25 آذار خط أحمر» والحكومة يجب أن تكون تألفت (قبل هذا التاريخ) فإن السيناريو الافتراضي الذي أوحى به مع دعوته الى الاحتراز للمهل، هو أن الحكومة الحيادية التي ستصدر مراسيمها قد لا تنال ثقة البرلمان بعد تأليفها نظراً الى رفض قوى 8 آذار وكذلك رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط ما يعني وقوف أكثرية نيابية ضدها وسقوطها، ما يفرض تأليفها في موعد يتيح إجراء استشارات نيابية جديدة (تتطلب 3 الى 4 ايام) من أجل تسمية رئيس جديد للحكومة، يأخذ بدوره وقتاً لتأليف حكومته الجديدة ضمن المهلة الدستورية التي تسمح لها بالتقدم ببيانها الوزاري، وهي شهر، لنيل الثقة على أساسه وهذا يجب أن يتم قبل 25 آذار المقبل، أي أن مشروع الحكومة الثانية بعد السقوط المفترض للأولى، الحيادية، التي ينوي سليمان وسلام المضي بها قريباً، يجب أن تتألف قبل 25 شباط (فبراير) لتتمكن من النزول الى البرلمان قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس. وبدا سليمان حازماً في رده على سؤال حول رفض الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الحكومة الحيادية بشكل تهديدي، فقال: «صلاحيات رئيس الجمهورية مستمدة من الدستور وليس من الأطراف السياسية والزعامات. والإيضاحات التي وصلتني (اجتماعه الاثنين الماضي مع رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد) أنه ليس تهديداً بل تسهيل لرئيس الجمهورية». واستخدم سليمان التعبير نفسه الذي استخدمه نصرالله عند رفضه الحكومة الحيادية وقال: «ونقطة على السطر». وعلّقت مصادر سياسية على توجه سليمان نحو الحكومة الحيادية بالقول إنه حين يلجأ الى هذا الخيار على رغم تهديد قوى 8 آذار بعدم تسليم الوزارات وبالنزول للشارع، فإنه يكسر بذلك حاجز الخوف من خطوات سياسية من هذا النوع لأنه يستند الى الدستور الذي ينص على تمثيل العائلات اللبنانية ولا يفرض تمثيل أحزاب محددة في الحكومة، فضلاً عن أنه يختبر مدى التزام الأطراف الدستور، بمعنى أن يعتمدوا الآلية التي ينص عليها لإسقاط الحكومة الجديدة بحجب الثقة عنها طالما لديهم الأكثرية ضدها، بحيث يعقب ذلك اتباع الآلية الدستورية لتأليف الحكومة البديلة منها. وأوضحت مصادر قريبة من توجه سليمان أن المستغرب هو أن بعض الفرقاء يرمون مشكلة تعذر التوافق على الحكومة عليه إذا قرر ممارسة صلاحياته للخروج من الفراغ القائم، كأنهم غير مسؤولين هم عما وصلت إليه البلاد بسبب عدم اتفاقهم على تشكيل الحكومة الجديدة منذ 9 أشهر. ولم تستبعد أوساط مواكبة للتعقيدات الحكومية أن يكون النصف الثاني من الشهر المقبل كافياً لتظهير الصورة بعد تأليف الحكومة الحيادية بحيث يعطى الوقت الكافي لتأليف الحكومة الثانية إذا جرى إسقاط الحيادية. وإذا تعذر التوصل الى توافق على الحكومة التي تليها، فإن البلد ذاهب نحو الفوضى السياسية، لأن حكومة الرئيس ميقاتي تكون ذهبت بصدور مراسيم الحكومة الحيادية، وستبقى الأخيرة مع احتمال رفض 8 آذار الاعتراف بها.
مشاركة :