أبوظبي - منّي بونعامة: شهادة إبداعية أم سيرة ذاتية، أم مخطوطة روائية، احتمالات تواردت على أذهان الحضور وهم يستمعون إلى ورقة الكاتبة والشاعرة الفلسطينية عطاف جانم التي ألقتها، مساء أمس الأول، في الأمسية التي نظمتها جماعة الإبداع في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي في مقره في المسرح الوطني بحضور نخبة من الكتاب والأدباء. تناولت الورقة سيرة الشاعرة ومسارات حياتها العلمية والعملية من بدء تكون ذائقتها الأدبية وتشكل حسها الإبداعي وصقل ملكتها الشعرية، ومزجت فيها بين الشعر والنثر، وباحت فيها بأسرار القصيدة ورائحة المكان واختلاف الزمان ناسجة خيوط الأمل من عتمة الليل الذي اعترى بدايات كفاحها وعطائها الذي امتزج بحرقة الغربة وألم الفراق ولوعة الشوق وزفرة الحنين إلى الولد والوطن والأهل. تعالق السرد في الورقة مع مسيرة الشاعرة وتحركاتها عبر الأمكنة مختزلة سنوات من العطاء الشعري والعملي والكفاح والتأقلم مع الظروف مهما كانت ومع الزمن مهما جار. واستحضرت الشاعرة في مستهل الورقة بدايتها وقالت: كان جمعة اللامي ومحمد الماغوط ينشران كل ما أبعث به تباعاً في الخليج الثقافي، قصائد، قصة، تحقيقات، وجميل أبو صبيح يستحثني على أن أبعث للاتحاد في أبوظبي أيضا وبمكافأة مجزية، كذلك نشرت في الطليعة العراقية والأقلام وصحف فلسطين وسواها. وجاءت شهادة الشاعرة شاملة وحاوية كل محطة من المحطات التي مرت بها في حياتها العلمية والعملية والأسرية، محتفظة باللحظة العابرة الغابرة ومرارتها وألمها، ومستحضرة ما مرت به من أشجان وأحزان وحنين إلى الوطن والولد والأهل ورائحة المكان التي تناثرت عبر كلماتها شلالاً من الأفراح والأحزان. ووثقت الشاعرة في هذه الرحلة الإبداعية كل محطاتها بدءا بالدراسة والعمل والكتابة، ثم الغربة عن الأهل والولد، ثم العودة مرة أخرى فالاغتراب ثانية. رحلة مفعمة بالشوق والتوق قادت الشاعرة إلى مطارح وأماكن ومعالم وثقت في الذاكرة والوجدان وأحالت إليها بالقلم والبنان. في الأردن والإمارات واليمن قصص وحكايات وبوح شفيف في شهادة أريد لها أن تكون إبداعية لكنها كانت أكثر من شهادة، بل رحلة عمر وعصارة تجربة، وحصاد السنين. وتوقفت الشاعرة في العين معبرة عن حنينها إلى المكان، والذي يعبر هنا عن ثلاث مدن (إربد، طولكرم، العين): في مدينة الجمال هذه، المكان حولي يترامى، والتحديات أكثر شراسة، ثمة أطفال صغار يفترشون وقتي، واستحقاقات العمل لا تقبل المهادنة، الكتابة تزاحمهم، أقفز من تحت الرماد، نلتقي في منطقة وسطى، فقد باحت القصيدة لي بأسرارها منذ زمن. وأحالت الشاعرة في ورقتها إلى ملامح من المشهد الثقافي في الإمارات والأردن واليمن، ونوع الحراك وطبيعة النشاط، محتفيةً بما استقر في خلدها وتنامى في وجدانها من شعر وقصص أضفت على الورقة طعما خاصا وعكست علاقة المبدع بالاحتراق والألم كما في الفرح والسرور. لا تزال طرقات قلبي مزدحمة بالمارين/ وبأصحاب الأبراج المقيمين فيه/ وموقدي الشموع/لا زال هناك ما يمكن أن أضيفه إلى جدوى الحياة/ إن كتب لي العمر/ لا يزال هنالك ألق في الروح.
مشاركة :