الحرف التقليدية في مصر تشق طريقها إلى العالمية

  • 5/18/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تشتهر مصر بفنونها الحرفية منذ عهد الفراعنة، وعلى الرغم من أن الشباب بدأوا يهجرون هذه الحرف لصالح مهن أكثر ربحية، يعمل مصريون آخرون على الرقي بمنتجاتهم الحرفية إلى مستوى الفخامة لتشق طريقها إلى الأسواق العالمية، كما يسعون للحفاظ على هذا الموروث من خلال عصرنته وافتتاح مراكز تكوينية للأجيال الصاعدة. القاهرة - ظلت المصرية عزة فهمي لمدة 50 عاما تحني ظهرها على سطح مكتبها لممارسة عملها في تصميم المجوهرات، وراهنت في ذلك على مدرسة التراث والأسلاف القديمة، حتى أصبحت علامتها التجارية من بين الأفخم في العالم. وعرفت مصر الحرف اليدوية منذ عهد الفراعنة حيث تميز الشعب المصري في صناعة الحرف اليدوية من حيث استخدام المنتجات الطبيعية من القطن والأصواف والخشب والحرير، كما اشتهرت على مدى تاريخها بصنّاعها المهرة الذين أبدعوا في مجالات عدة. وتعمل وزارة الثقافة المصرية على استمرار هذه الحرف بعمل ورش مستمرة في الهيئة العامة لقصور الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية، إلى جانب مدينة الحرف التراثية والتقليدية بالفسطاط، وكذلك عمل المهرجانات والملتقيات السنوية والدورية، لتظل الحرف الحرفيون على تواصل مستمر. بين المجوهرات ومشغولات القطن أو الحرير، يعد التراث المصري القديم أساس نجاح بعض العلامات التجارية المحلية لمشغولات حرفية ويدوية اكتسبت شهرة واسعة في العالم. وبينما تتسارع وتيرة استخدام التقنيات في الموضة في أنحاء العالم، بما في ذلك مصر، يفضّل بعض المتخصصين الاستمرار في الاعتماد على أساليب تقليدية لإنتاج أعمالهم. وتقول السيدة السبعينية التي تحمل علامتها التجارية العالمية اسمها “عزة فهمي” إن مشغولاتها “تعكس الهوية المصرية”، وهي مستوحاة من الفن والعمارة الإسلاميين. السلطات سمحت مؤخرا لبعض العلامات التجارية الشهيرة بعرض منتجاتها في المتحف المصري الكبير ضمن جولات وأنشطة محدودة وتزيّن قطع مجوهراتها ملكة الأردن رانيا ونجمة البوب العالمية ريهانا. وتُعتبر صناعة النسيج من أشهر أنواع الحرف اليدوية في مصر، فكانت تُستخدم منذ الحضارة المصرية القديمة، وكان الكتان هو الأكثر شهرة في صناعة المنسوجات وظل مشتهرًا بمرور العصور، وكذلك الصوف أيضًا. وتقول هند الكحال التي تدير مع شقيقها إحدى العلامات المصرية البارزة في مجال صناعة وبيع السجاد اليدوي “نتعاون مع مصمّمين مهمتهم إضفاء لمسة عصرية على الزخارف الفرعونية والمملوكية”. ومن أعلى سطح مصنع “الكحال” حيث تمّ تعليق السجاد والبُسط لتجفّ من مرحلة الصباغة، تضيف هند “بعد ذلك، يأتي النول (…) كل شيء يصنع يدويا”. وتتابع “نحن محظوظون في مصر، لأننا قادرون على الاعتماد على ستة آلاف عام من التاريخ”. وتؤكد على ذلك غويا غلنجر مالكة العلامة التجارية المصرية “ملايكة” لصناعة الكتان والمفروشات الفاخرة. وتقول من المصنع الواقع في غرب القاهرة إن “التحدي الرئيسي هو التأكد من أن قطعنا تصلح لكل زمان، ودائما مصنوعة يدويا بشكل جيد جدا”. وفي ظلّ اعتماد سلاسل التوريد العالمية على التطوّر والتوسّع التقني، أصبحت الأجيال الشابة تدير ظهرها لحرف الآباء والأجداد لصالح وظائف أكثر سهولة وربحية، ما يصعّب عمل هذه العلامات التجارية. أنامل ناعمة للتطريز أنامل ناعمة للتطريز وتقول المستشارة في الهندسة الثقافية دينا حافظ إن “تدريب الحرفيين لا يزال يعتمد بشكل أساسي على التعليم غير الرسمي”. ومن أجل ذلك أسست فهمي مركزا خاصا بالتعاون مع الجامعة الأميركية في القاهرة حتى يتلقى “المصممون الجيدون والعقول المبدعة تعليما جيدا، ويفهم الحرفيون رؤية المصمم”. كذلك تسعى “ملايكة” لتدريب النساء على خمس تقنيات للتطريز في مركز “خيوط الأمل” التعليمي بالقاهرة، ليبعن أعمالهن بعد ذلك سواء للمصنع أو لعملائهن بشكل خاص. وتواجه هذه الصناعة تحديات أخرى في ظل معاناة مصر من أزمة اقتصادية بسبب نقص النقد الأجنبي وانخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي، ما يعرقل استيراد المواد الخام التي تحتاجها هذه العلامات. وتقول حافظ إن قطاع الحرف اليدوية “يفتقر إلى هيكلية (…) نحن بحاجة إلى نظام حقيقي، لكن في الوقت الحالي الاعتماد كله على مبادرات شخصية”. وتضرب مثلا على ذلك “المغرب أو تركيا، فهما بلدان تبدو فيهما الفرص والعقبات مثل مصر إلى حدّ كبير، ولكنهما نجحا في إطلاق تصميماتهما على الساحة الدولية”. وتتابع أن الأمر في مصر مختلف حيث “محاولات تأسيس علامات تجارية في الخارج يستغرق وقتا”. خبرة في النسيج والسجاد خبرة في النسيج والسجاد وفي إطار إستراتيجية دعم ورعاية الحرف التراثية كجزء هام ورئيسي من المكون المادي للهوية الثقافية المصرية، أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي في يونيو 2017 إلى إمكانية تشكيل مجموعة من الشباب ليتولوا مهمة الاهتمام بالصناعات اليدوية والتراثية بمختلف المحافظات، وليكونوا نقطة اتصال بين الدولة والمصنعين بهدف إقامة المعارض وتسويق تلك المنتجات والترويج لها لكي تسوّق تلك الصناعات خارج مصر. ويحاول المصمّمون المصريون الاستفادة من الأسواق الكبرى في المبيعات والتسويق لعدم ثقتهم في الأسواق الناشئة. وتصف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية الجهود المصرية لدعم قطاع الحرف اليدوية بأنها “محدودة ومتفرقة”. وعلى الرغم من أن المنتجات والمشغولات اليدوية في مصر قد تجد لها سوقا في الخارج من خلال المجلس التصديري للصناعات والحرف اليدوية التابع لوزارة التجارة والصناعة، إلا أن حافظ تشكّك في “إدراك السلطات المصرية حقا للقوة الناعمة التي يمكن أن يتمتع بها هؤلاء المبدعون”. وتعلّق “القيود المالية والروتين واللوائح الجمركية لا تيسّر الأمور تماما”. وسمحت السلطات المصرية مؤخرا لبعض العلامات التجارية الشهيرة في مصر بعرض منتجاتها في المتحف المصري الكبير، ضمن جولات وأنشطة محدودة، قبل أن تتجه أنظار العالم صوبه هذا العام في انتظار افتتاحه الرسمي.

مشاركة :