يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء المقبل، فعاليات المؤتمر السعودي الدولي الثاني للتقنية الحيوية، امتدادًا لسلسلة المؤتمرات التي تنظمها المدينة بشكل دوري، وتشمل مختلف التقنيات والتخصصات التي حددت كأولويات استراتيجية لتنويع الموارد الاقتصادية للمملكة. ويستهدف المؤتمر، الذي تنظمه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، تحت عنوان «تقنيات الخلايا الجذعية من التجارب المخبرية إلى التطبيقات السريرية»، نقل وتوطين التقنية لتعزيز مستوى الرعاية الصحية بالسعودية وتوفير البيئة المناسبة لتشجيع الإبداع والاستثمار في مجال تقنيات الخلايا الجذعية. ويبحث المؤتمر على مدى يومين أبرز المستجدات في مجال أبحاث الخلايا الجذعية وتطبيقاتها المختلفة في مجال العلاج الخلوي، وهندسة الأنسجة، واكتشاف وتطوير الدواء، بالإضافة إلى التحديات التشريعية لأبحاث الخلايا الجذعية. وفي غضون ذلك، قال مختصون في تكنولوجيا الصناعة والتقنية لـ«الشرق الأوسط»: «إن انتهاج السعودية لسياسة التحوّل إلى الاقتصاد المعرفي، استراتيجية تتبعها، بخلق نوع من الشراكات الذكية في مجال الاستثمار في الأبحاث وتحويلها إلى منتجات صناعية نوعية عصرية، تعزز تنويع الاقتصاد وتحميه من تقلبات أسعار البترول». من جهته، قال هادي رعد، مسؤول المنتجات الناشئة والابتكار بـ«فيزا» العالمية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية تتمتع بمقومات التحول للاقتصاد المعرفي، حيث تمتلك منصات علمية مهمة ترفد الساحة بأبحاث علمية وابتكارات واقتراعات، من شأنها تحقيق استثمار نوعي في هذا المجال». وأضاف: «تعدّ السعودية، ضمن قائمة البلدان المتقدّمة، من حيث الابتكار في منطقة الخليج العربي، إذ شهدت نموًا بارزًا من حيث استخدام الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعي وانتشار أجهزة الهاتف الذكية». ولفت رعد، إلى أن تقرير علم الإعلام الرقمي أوضح أن انتشار أجهزة الهاتف الذكية في العالم العربي وصل إلى 47 في المائة، مبينًا أنه أعلى من المعدل العالمي البالغ 45 في المائة، مشيرا إلى أنه سجّل أعلى معدل انتشار في المنطقة في السعودية، حيث وصل إلى 73 في المائة. وزاد: «تتطلّع السعودية نحو المزيد من التنويع في اقتصادها، إذ إن هناك نقاشات حول الحاجة لتطوير استراتيجيات الابتكار عبر القطاعين العام والخاص، الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي في استحداث الوظائف وتنمية القدرات التقنية في البلاد». ووفق رعد، تقود حملة ابتكار المدفوعات في السعودية، بشكل واسع الجهود التي يبذلها المصرف المركزي السعودي، الذي يعمل بشكل وثيق مع البنوك السعودية لتمكين نظام الدفع الموجّه للأفراد والشركات على حد سواء، مشيرا إلى أن هذا التوجّه يدعم جهود البنوك لتشجيع الأفراد وسوق التجزئة على استخدام البطاقات والتخلي عن العملة النقدية. وقال رعد: «يحتاج القطاعان العام والخاص، بشكل قاطع في السعودية، إلى جذب الاستثمارات في البحث والابتكار، لتعزيز تنويع الاقتصاد كعامل أساسي لتطوير اقتصاد مبني على المعرفة، الذي يعتبر الطريق الأمثل للحماية من تأثيرات التذبذب الحاصل في أسعار النفط». ونوه بأن البنك الدولي أكد أن الاقتصاد المبني على الابتكار والمعرفة يحقق نموًا أعلى، مبينًا أن هذا الأمر يتطلّب اعتماد مجموعة من السياسات، ومن ضمنها تطوير اقتصادات أكثر انفتاحًا واعتمادًا على المشاريع، وتجهيز قوى عاملة أكثر مهارة وكفاءة، وتحسين قدرات الابتكار والبحث وتوسعة إطار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها. وفي هذا الإطار، قال بهجت الدرويش من شركة «استراتيجي» لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي تسعى خلاله منطقة الشرق الأوسط إلى تحقيق النمو الاقتصادي، في ظل تراجع أسعار النفط والصراعات السياسية، يشهد نموذج النمو في السعودية، تحولاً ملحوظًا من الإنفاق الحكومي الضخم إلى الاقتصادات المدفوعة بالابتكار». وأوضح الدرويش أن نمو الإنترنت والرقمنة كمحرك للنمو ومولد للوظائف والأعمال القائمة على الابتكار، وجد مساحته في السعودية، مبينًا أن المملكة من خلال ذلك قادرة على تحقيق التأثير نفسه في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إتاحة الإنترنت للجميع في منطقة الشرق الأوسط أكثر من 380 مليار دولار إلى اقتصادات المنطقة. من ناحيتها، أكدت راوية عبد الصمد من شركة «استراتيجي» لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تعزز توجهها نحو التحول إلى الاقتصاد المعرفي من خلال عدة سياسات اقتصادية، منها إتاحة الإنترنت أمام الجميع، مما يعزز سوق الاتصالات، التي توفر طرقًا عدة للاتصال بالإنترنت، وسوق المحتوى، التي توفر الأسباب التي تدفع الناس لاستخدام الإنترنت، وسوق التجزئة، ذراع الخدمات والمبيعات للإنترنت. ووفق رواية، فإنه من آليات تحقيق التحول للاقتصاد المعرفي، تحديث قاعدة التكنولوجيا عن طريق استبدال التقنيات القديمة وتخفيف الضغط على موارد الطيف الترددي الشحيحة، بالإضافة إلى إيجاد المزيد من البنية التحتية المحلية والدولية للبيانات، مما يجعل الإنترنت أرخص سعرًا ويعزز سرعة وجودة البيانات. وفي السياق نفسه، قال جاد المير، من شبكة «بي دبليو سي»: «هناك آليات إضافية تحفز التحول للاقتصاد المعرفي في السعودية، منها عملية تبني استخدام الإنترنت، وهي التقنيات المبتكرة التي تسهم في توفير الاتصال بالإنترنت لسكان المناطق النائية والفقيرة، الذين يطلق عليهم مصطلح «النصف مليار الأخير». وأضاف المير: «إن التوجه السعودي نحو تعزيز الابتكار والاستثمار في البحوث العلمية، مرتكز أساسي لسياسة التحول للاقتصاد المعرفي، بجانب الاستفادة مما تتيحه فرص الوصول إلى شبكة الإنترنت، مثل الطائرات دون طيار، من شأنها أن تساعد سوق الإنترنت عمومًا من خلال تحسين جودة وفعالية الاتصال». وزاد: «إن الوصول إلى الإنترنت سيؤدي إلى تحقيق النمو وتوفير الوظائف وتحسين الدخل، من خلال توظيف شبكة الإنترنت بشكل يعتمد بشكل أكبر على الأجهزة الجوالة، وتضم المزيد من اللغات، وتركز على تحسين العملية التعليمية وتعزيز الخدمات الاجتماعية، وإيجاد مصادر جديدة للدخل».
مشاركة :