تشهد سوق الذهب في مصر نشاطا كبيرا حيث يقبل المصريون على الاستثمار في المعدن الأصفر من خلال شراء السبائك والجنيهات والمشغولات الذهبية من أجل الحفاظ على مدخراتهم المالية في ظل تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم، وفق خبراء مصريين. وتضاعف الطلب على السبائك والجنيهات الذهبية خلال الربع الأول من العام 2023 في السوق المصرية ووصل إلى 7 أطنان، لتحل مصر في المركز الخامس عالميا من حيث الطلب عليهما، حسبما ذكر مجلس الذهب العالمي في تقريره قبل أيام. كما ارتفع الطلب على المشغولات الذهبية 6 % خلال نفس الربع ليصل إلى 9.2 طن ما قفز بإجمالى الطلب على الذهب فى مصر خلال الفترة المذكورة إلى 16.2 طن بنسبة ارتفاع قدرها 33 %. ومع الإقبال الكبير على الشراء وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في السوق السوداء شهدت أسعار الذهب قفزات غير مسبوقة، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ بعض القرارات لضبط سوق الذهب. ومن بين هذه القرارات إعفاء المصريين القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم على واردات الذهب لمدة ستة أشهر. كما أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية عن إطلاق أول صندوق في مصر للاستثمار في الذهب، بينما أكدت البورصة المصرية أنه سيتم نشر أسعار الذهب على شاشات البورصة. وقال سكرتير عام شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية نادي نجيب إن الذهب بكل تأكيد معدن ثمين واستثمار آمن يحافظ على قيمة المبالغ المالية التي تدفع في شرائه بل وزيادتها، وهذا ما دفع المواطنين إلى شراء الذهب. وأضاف نجيب لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هناك سببا آخر وراء شراء المصريين للذهب بكميات كبيرة هو انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع التضخم الذي رفع أسعار جميع السلع والمنتجات. وسجل معدل التضخم السنوي في مصر خلال أبريل الماضي 31.5 % مقابل 14.9 % لنفس الشهر من العام السابق، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ورد سكرتير عام شعبة الذهب على تسعير الذهب في مصر بأعلى من سعره العالمي بالقول "نحن نسترشد بالبورصات العالمية في هذا المجال وسعر الذهب في مصر مرتبط بالسعر العالمي الذي انخفض حاليا إلى 1965 دولارا للأوقية الواحدة". وتابع أنه يتم تحديد سعر الذهب في مصر من خلال عملية ضرب السعر العالمي للأوقية في سعر الدولار بالسوق الموازية (السوداء) في مصر لأنه ليس هناك تمويل للذهب في السوق الرسمية. وقال نجيب إن كل محلات الصاغة في مصر ملتزمة بهذا التسعير ولا يوجد محل يستطيع أن يبيع بزيادة أو أقل من ذلك. ووصف قرار الحكومة بإعفاء المصريين القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم على واردات الذهب بأنه قرار مهم جدا سيؤدي إلي زيادة كميات الذهب في مصر. وأكد أن هذا القرار كان له تأثير على انخفاض أسعار الذهب خلال الفترة الماضية لأنه من المتوقع دخول كميات كبيرة من الذهب للسوق المصرية، كما أن الأشخاص الذين كانوا يريدون أن يشتروا ذهبا توقفوا عن الشراء لحين انتظار انخفاض السعر. ورأى أن إنشاء صندوق للاستثمار في الذهب خطوة جيدة على المدى البعيد وسيكون له أثر إيجابي على سوق الذهب في مصر. من جانبه، قال مصطفى درويش صاحب محل لبيع المشغولات الذهبية في محافظة الجيزة جنوب غرب القاهرة إن سعر الذهب في مصر شهد خلال الأشهر الماضية قفزات كبيرة حتى تخطى سعر جرام الذهب عيار 24 مبلغ 3000 جنيه قبل أن يبدأ في الانخفاض التدريجي خلال الأسبوعين الماضيين. وأرجع درويش لـ((شينخوا)) هذا الانخفاض إلى قرار الحكومة إعفاء المصريين القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية على واردات الذهب. وأعرب التاجر المصري عن اعتقاده بأن هذا القرار سيجعل هناك وفرة من الذهب في مصر، مشيرا إلى أن القرار دون شك له تأثير في انخفاض الأسعار. ولفت إلى أن الأكثر مبيعا لديه هو السبائك والجنيهات الذهبية التي شهدت، وما تزال، طلبا كبيرا من المصريين على شرائها. وعزا الإقبال على شراء السبائك والجنيهات إلى "انخفاض قيمة المصنعية" الخاصة بها مقارنة بالمشغولات الذهبية. وداخل محل الصاغة، كانت نورهان عبد الرحمن برفقة زوجها تشترى جنيهين ذهبيين. وقالت السيدة الثلاثينية، وهي مدرسة بالمرحلة الإعدادية، لـ((شينخوا)) إنها جاءت لشراء الذهب في ظل انخفاض سعر الجرام خلال الأيام الماضية، وهذه فرصة قبل ارتفاع سعره مرة أخرى. وتابعت "اتوقع ارتفاع أسعار الذهب مرة أخرى خلال الشهر القادم بسبب التعويم (تحرير سعر الصرف) المحتمل"، ونوهت بأنها تستهدف من شراء الذهب "الحفاظ على قيمة الفلوس التي تنخفض بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع".
مشاركة :