عند الحديث عن المضاربة في أيّ سوق من الأسواق العالمية، يُفيدك المختصُّ بأنّها ظاهرة إيجابية، تساعد السوق على توفير السيولة اللازمة؛ لجعل السوق أكثر جاذبية، ويُوفِّر ميزة الدخول والخروج بسرعة، علاوة على إيجاد توازن بين العرض والطلب من زاوية وجود اختلاف في الرؤية بين مختلف الأطراف في عملية التداول. وعادةً ما يكون المضارب متفاعلاً يوميًّا مع السوق؛ لتحقيق استفادة معقولة مع محدودية القدرة على السيطرة، وتوجيه السوق أو التأثير على سهم بعينه. فالسوق عادةً يتفاعل مع المعلومة، والشركات موجودة لتحقيق النمو والربحية، أو تختفي من التداول، وعادة ما تكون عملية المضاربة حول مستقبل الشركة ومنتجاتها وقدرتها على تحقيق النمو في أرباحها. ومن النادر في الأسواق العالمية أن تجد شركة خاسرة، أو متدهورة، ويرتفع سعرها، ولكن ممكن تجد شركات رابحة ربما تُسعَّر بأعلى من قيمتها، بناء على توقّعات حول نموها، وارتفاع ربحيتها. ولكن المضاربة عندنا أخذت بُعدًا ثانيًا وجديدًا، يتمثّل في السيطرة وتوجيه السوق حسب رغبة المضارب الذي عادةً ما تتعزّز قوته من خلال دخول عدد كبير من المتداولين الأفراد معه للاستفادة من الفرصة لتحقيق الثراء، وعلى أمل تدبيلة أو تدبيلتين، والتي عادةً ما تنتهي -نتيجة الطمع والرغبة في الاستفادة- بأن يتعلَّق الفرد. فالطبيعة الإنسانية تكره الخسارة، ونُصرُّ على البقاء على أمل أن يعود السهم للارتفاع، وتحقيق الربح والخروج من التعليقة. ولعلّ ما يُساعد المُضارب هو قدرته على الاستحواذ على كمية كافية تُساعده على التدوير، ورفع السعر من خلال عمليات مدروسة من زاوية العرض والطلب، ومن خلال إدارة مجموعة للمحافظ. ومع ارتفاع السعر بسبب الكميات المملوكة، وتوافر السيولة اللازمة لبدء تحريك السهم سعريًّا؛ يجتذب عدد كبير من المتداولين ممّا يُسهِّل عمله في رفع السعر، بغض النظر عن ربحية أو قوة السهم. وعادةً ما يُركِّز المضارب على الأسهم الرخيصة قليلة الكميّات، حتى يستطيع توجيه السوق. ويُساعد المُضارب تحقيق أهدافه وجود عدد كبير من المتداولين الأفراد الراغبين في تحقيق ربح سريع، بغض النظر عن قوة الشركة وربحيتها. علاوة على انزلاق بعض المحافظ الكبيرة، وربما بعض مديري الاستثمار الممثلين لبعض المستثمرين المؤسسين في الدخول في نفس اللعبة. مع تطوّر عملية المضاربة وحاجتها للخبر لصناعة الحركة السعرية، وبدأوا في الدخول في الشركات الرابحة لتحقيق الربحية لهم. ولعل ضعف الإيمان بالمستثمر المؤسسي -خاصة في ظل الأداء خلال السنوات الماضية- جعل استمرارية المتداول الفردي أمرًا واقعًا لدى الكثيرين في السوق. يُضاف لها بعد ضعف دراية الفرد بأهدافه الاستثمارية، وكيف يبنيها، أدّى إلى أن الإستراتيجية المستخدمة من قبل الفرد تعتمد على تتبع ومضاهاة تحرُّكات المضارب ومحاولة الاستفادة منه. هناك حاجة ماسّة لتثقيف الفرد حول بناء هدفه الاستثماري، وبناء محفظته على هذا التوجّه، فالمتداول الفردي يمكن تحويله لمستثمر في السوق إذا حدَّد لنفسه هدفًا من استثماراته، وهو إن كان يرغب في الحفاظ على استثماراته من خلال توليد مصدر دخل مستمر، أو إن كان يرغب في الحصول على نمو في استثماراته، ويُضحِّي بالدخل السنوي. والفرد عادة إمّا يبني لنفسه استثمارات تُعطيه دخلاً مستمرًا مستقبلاً، أو يرغب في توفُّر دخل مع الحفاظ على أصوله. وإذا استطعنا تحويل تفكير الفرد إلى الاتجاه الصحيح، لن تلقى المضاربة الزخم الذي يُدعمها، ونستطيع الحفاظ على استثمارات الأفراد من الخسائر الضخمة، ويكون السوق أكثر استقرارًا.
مشاركة :