قامت الحركة السياسية التي يتزعمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمعروفة باسم الجبهة الشعبية الموحدة لعموم روسيا، بإنتاج سلسلة من الأفلام الكرتونية التي تظهر بوتين يدق أعناق المسؤولين المتهمين بالفساد، أو يطلق النار عليهم، أو يتخلص منهم بطريقة أو بأخرى، بعد أن استغلت المعارضة مسألة الفساد في روسيا لتوجه انتقاداتها للسلطات. وأفادت صحيفة تايمز البريطانية، في تقرير نشر أخيراً، أن أفلام الرسوم المتحركة تصور بوتين وهو يتخلص من شخصيات حقيقية، وجهت إليها الاتهامات، أو دينت بأعمال الفساد، كالاختلاس أو إساءة استعمال السلطة، وذلك من خلال اللجوء إلى عدد من الوسائل الوحشية. وفي حين بدا ظاهر تلك الأفلام ساخراً ومثيراً للضحك دون أن يتضمن مشاهد تدل علناً على أعمال عنف صريحة، إلا أنها انطوت على نحو مقزز على مدلولات مبطنة، تعكس الطريقة التي كان يتم من خلالها التخلص سريعاً من العناصر المناهضة للاتحاد السوفييتي في الماضي، على يد الزعيم الشيوعي الأسبق جوزيف ستالين، في مرحلة الثلاثينيات من القرن العشرين. وجاءت السلسلة الكرتونية التي أطلقتها الجبهة الشعبية الموحدة لعموم روسيا، أخيراً، تحت عنوان في استقبال بوتين. وتعكس العديد من حلقات السلسلة تماهياً يحاكي مشاهد مألوفة يبثها التلفزيون الروسي الرسمي لبيروقراطيين غاضبين، يظهرون في حوارات حافلة بالاتهامات، بينما يخوضون مواجهات ثنائية في مكتب بوتين. وهنا ما كان من بوتين غير المبالي بكلام محدثه، إلا أن استعمل ساعة يده لنداء صحن طائر، يقوم بمحو فيكتور جريبنيف المتهم بالفساد من الوجود بوساطة الليزر. ويميل الضحايا في السلسلة البوتينية إلى ملاقاة مصائر تتماشى مع طبيعة أعمالهم والتجاوزات التي ارتكبها كل منهم. وخلافاً لادعاءات الفساد الموجهة إلى الحكومة، والتي تركز على شخصيات بارزة في القيادة من النخب السياسية والاقتصادية، تسلط الأفلام الكرتونية الضوء على قضايا غامضة نسبياً، تضم مسؤولين غير معروفين كثيراً على الساحة السياسية. وقد ظهر في الفيلم المعروض، أخيراً، مدير شركة تابعة لشركة الخطوط الجوية الروسية إيرفلوت، وقد تعرض للضرب على الرأس بوساطة إحدى الحافلات التابعة للمطار، بعد أن تحولت إلى آلة تنتمي إلى فئة المتحولين بطلب من بوتين. كما حوّل بوتين مسؤولاً بيئياً إلى نشارة خشب بوساطة منشار، ووقف يراقب مدير شركة توزيع مياه تلتهمه أسماك البيرانا الضارية. ويظهر بوتين في جميع الأفلام صامتاً لا يتفوه بأي كلمة، قبل أن يقرر مصير كل متهم. وتأسست الجبهة الشعبية الموحدة لعموم روسيا عام 2011 على يد بوتين، على أساس تحالف قائم بين المنظمات غير الحكومية واتحاد روسيا، الحزب الموالي للحكومة المهيمن على البرلمان. وتهدف الجبهة إلى تصوير زعيمها على أنه لا يحتجز أسرى في الحرب على الفساد. وقال بوتين في اجتماع في الكرملين، أخيراً، إن 8800 شخص دينوا بالفساد خلال الأشهر الأولى من العام 2015، وأن 11 ألف مسؤول تعرضوا للعقاب. وأقر في الوقت عينه بضرورة العمل بشكل أكثر جدية لاستعادة الأصول المسروقة. ويشير منتقدو الكرملين إلى أن القيادة السياسية في روسيا بنيت على أساس المحسوبيات والرشى والإتاوات. وتأتي سلسلة الأفلام الكرتونية هذه في لحظة غير اعتيادية من الحياة السياسية في روسيا التي تستعد لخوض انتخابات تشريعية قومية وإقليمية ومحلية، تمهيداً لانتخابات رئاسية في مارس 2018 قد تعيد بوتين إلى سدة الرئاسة للمرة الرابعة، ووسط حملة من الادعاءات والاتهامات بالفساد ضد شخصيات بارزة، تشمل المتحدث الرسمي باسم بوتين ديمتري بيسكوف، والمدعي العام يوري تشايكا. وكشف فيلم من إخراج السياسي المعارض والناشط في مجال مكافحة الفساد ألكسي نافالني، أخيراً، تفاصيل العلاقة التي تربط عائلة المدعي العام يوري تشايكا وعصابة من القتلة المأجورين. ومع أن الفيلم شوهد أكثر من 4.5 ملايين مرة على موقع يوتيوب، إلا أن المحققين الرسميين رفضوا التحقيق في هذه الادعاءات. كما انهمر على روسيا، أخيراً، سيل من البيانات الصادرة عن رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف الذي وصف كل من يعارض بوتين بـالخائن، وعدو الشعب. قتل بالجملة ظهر في إحدى الحلقات، أمام بوتين، الحاكم السابق لجزيرة سخالين ، ألكسندر خوروشافين الذي صرف من الخدمة ، بسبب مزاعم أشارت إلى تورطه في قبول رشى. وما كان من بوتين إلا أن ضغط على أحد الأزرار، فسقط خوروشافين في فخ أسفل كرسيه. أما فيكتور جريبنيف القابع تحت الإقامة الجبرية بسبب اتهامات بالاحتيال ، فقد لقي هو الآخر مصيراً مشؤوماً عنيفاً. وبدا في السلسلة الكرتونية في لقاء مع بوتين على أرض موقع البناء يجادله حول عدم أهمية فقدان أموال البنائين.
مشاركة :