حسمت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، الجدل الدائر على وسائط التواصل الاجتماعي، حول التعديل التشريعي على القانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن جرائم تقنية المعلومات، إذ أكدت لـالإمارات اليوم، أن المقصود باستخدام عنوان بروتوكولي وهمي على شبكة الإنترنت، يشمل إطلاق شخص على ذاته اسما لا يعود له، وليس بالضرورة أن يعود إلى شخص أخر، ويستخدم هذا الاسم لأجل تنفيذ جريمة ما، قد تكون ذما أو قدحا أو تشهيرا أو أية جريمة أخرى يرتكبها ويعاقب عليها القانون. واعتبر الشيخ محمد بن عبد الله النعيمي، رئيس اللجنة التشريعية والقانونية، أن بث معلومات وبيانات عبر هذا الإسم الوهمي على شبكة الإنترنت، بقصد ارتكاب جريمة، يعاقب عليه قانوناً بحكم أن مستخدم الإسم أو العنوان البرتوكولي الوهمي تعمد تضليل العدالة والحيلولة دون اكتشاف جريمته، وهو ما يفسر قضائياً على أنه قصد جنائي. ووافق أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، الأسبوع الماضي، على تغليظ عقوبة جرائم الإنترنت، ضمن تعديل تشريعي أجري على المادة 9 من القانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن جرائم تقنية المعلومات، لتراوح ما بين 500 ألف ومليوني درهم غرامة مالية، عوضاً على ما كانت عليه سابقا 150 500 ألف درهم. وقال النعيمي لـالإمارات اليوم، إن التعديل القانوني استند إلى التغيرات المتسارعة في استخدامات شبكة الإنترنت، وما لذلك من آثار تهدد السلم الاجتماعي، على غرار ترويج أفكار سلبية ضد الدولة ورموزها، أو استقطاب شباب إلى منظمات إرهابية، أو تبني تلك الأفكار وإعادة ترويجها، أو تنفيذ جرائم باستخدام شبكة الإنترنت، أو ترويج شائعات تضر بالمصلحة العامة، مؤكداً أن تغليظ العقوبة لتصبح جناية بدلاً من جنحة ليس إلا وسيلة لردع أية تجاوزات. وشرح مقرر اللجنة ذاتها، المستشار القانوني جاسم عبدالله النقبي، أن أي استخدام لجهاز متصل بالإنترنت ويحتاج إلى اسم مستخدم وكلمة مرور، أو يحتاج في سبيل الدخول إليه التسجيل بريدا إلكترونيا أو ما شابه ذلك، يعرض صاحبه -إذ ما ارتكب جريمة إلكترونية بواسطته- إلى عقوبة مشددة بموجب القانون، تتراوح بين السجن والغرامة المالية التي تصل إلى مليوني درهم، وينسحب ذلك على الأجهزة التي ترتكب الجريمة باستخدام عنوان بروتوكولي وهمي. والعنوان البروتوكولي للإنترنت، والمعروف بـ(IP address)، هو المعرف الرقمي لكل جهاز (كمبيوتر، هاتف محمول، آلة طابعة وغيرها) يتصل بشبكة الإنترنت، وهو مرتبط بشبكة معلوماتية تعمل بحزمة بروتوكولات الإنترنت، ويقابل عنوان (آي بي أدريس) في شبكات الإنترنت جهاز الكمبيوتر أو الهاتف رقم الهاتف، في حين يلجأ البعض إلى استخدام برامج لإخفاء أو تغيير (آي بي أدريس)، ثم يعمدون إلى ارتكاب جرائم بأشكال مختلفة عبر شبكة الإنترنت، على اعتبار أن أجهزتهم المتصلة بالإنترنت لن تكون معلومة الهوية لدى الأجهزة المعنية. وأضاف النقبي لـالإمارات اليوم، أن استخدام (عنوان عائد للغير) يتمثل أيضاً في قيام الشخص بإنشاء أو إدارة حساب على وسائط التواصل الاجتماعي، يحمل اسم شخص أخر بقصد الإساءة لهذا الشخص أو تضليل العدالة، أو أي وسيلة أخرى يصدر عنها قصد جرمي تقع عليه العقوبة ذاتها. وأوضح أن الجرائم الإلكترونية شأنها شأن الجرائم الأخرى، لها ركن مادي وآخر معنوي، وعليه، فإن استخدام اسم وهمي على شبكة الإنترنت أو تحايل على عنوان فيها يعد جريمة، لأن مرتكبها كان حريصا على إخفاء هويته، حتى إذا تم كشفه بالصدفة، ولو لم يرتكب شيئاً، مستشهدا بمثال تمت فيه معاقبة أحد الأشخاص بالحبس ثلاثة أعوام وغرامة مليون درهم، كونه استخدام شعارا لصفحته على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، يحمل اللون الأصفر وكف اليد، روجته جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في وقت سابق، وكان حينها يروج لأفكار سلبية ضد المجتمع. ونشرت الإمارات اليوم خلال الأسابيع الماضية، تقارير عدة تشرح التعديل القانوني على المادة 9 من القانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن جرائم تقنية المعلومات، إذ أفاد رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، المستشار القانوني زايد الشامسي، بأن قانون الجرائم الإلكترونية رغم كونه حديثاً (صدر في عام 2012)، إلا أن تطور أساليب استخدام وسائط التكنولوجيا في أغراض تؤذي المجتمعات، عجل بإجراء تعديلات على القانون، فكلما كانت الجريمة شديدة التأثير تشددت العقوبات في المقابل. فيما أفاد خبير تقنية المعلومات، الدكتور عبدالرحمن المعيني، بأن تداعيات استخدام شبكة الإنترنت في أغراض غير مشروعة تضم مجموعة من الجرائم بين الاجتماعية والاقتصادية، فمن التعدي على خصوصية الغير، والتأثيرات السلبية في السلم الاجتماعي، وصولاً إلى الاتجار في سلع وبضائع بصورة غير مشروعة، ما يتطلب فعلياً تشديد العقوبات للتقليص من حجم تلك الجرائم. وشرح المعيني وهو أمين سر جمعية الإمارات للملكية الفكرية، المخاطر الحقيقية وراء الجرائم التي يتم ارتكابها عبر وسائل التقنية الحديثة قائلاً: الجرائم التي تنفذ بواسطة شبكة الإنترنت تصنف على أنها جرائم عابرة للقارات، وإذا كان مرتكبها من الإمارات حتى لو استخدم عنواناً بروتوكولياً من الخارج، فإنه يؤذي الدولة، على عكس الجرائم التقليدية التي تنحصر في مكان جغرافي معين.
مشاركة :