يوم مأتم اللغة العربية العالمي (1) | أ.د. نجاح أحمد الظهار

  • 12/28/2013
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

لم أفرح كما فرح الباقون بيوم اللغة العربية، ولم أحتفل بما أُقيم لها من احتفالات، وربما عاتبني بعضهم وظن أنَّه تقصيرٌ منِّي وأنا التي من المفترض أن تملأ الدنيا فرحًا من أجل هذه الاحتفالات لما أُكِنُّه من حُبِّ وغرامٍ وحماسٍ ودفاعٍ عن لغة القرآن. قد يعتقد بعضهم أنَّ نظرتي مغرقة في التشاؤم، لكنَّني أقول لهؤلاء المعاتبين قد كنت بداية الأمر من المؤيدين لهذه الاحتفالات والمعتقدين بٍجَدوَاها في إحياء اللغة العربية، لكن الواقع أيقظني على حقيقة بت أؤمن بها، بأنَّ هذه الاحتفالات هي أشبه ما تكون بأيام المآتم، فكل أمرٍ نُريد أن ننفيه من الواقع، وندفنه في قاع الذكريات نجعل له يومًا، أو نجعل له عيدًا، حتى نُرضي الضمائر، أو أنَّ هذه الاحتفالات أشبه بالمسكنات المخدرة التي تجعلنا في غيبوبة عن واقعنا، فعيد الأم مثلًا نشأ بعد أن فَقَدت الأم في الغرب مكانتها، وعانت من إهمال أبنائها وهجرهم لها، فاخترع أولئك الأبناء يومًا يزورونها ويحتفلون فيه معها، ثم يرحلون وقد لا تراهم إلا السنة التالية أو التي بعدها. وأسبوع الشجرة في ديارنا تتحمس له المدارس والجامعات فَتُنتشر عنه المقالات والمحاضرات، وتقوم بعض المدارس بدفع طلابها إلى غرس عددٍ من النباتات لتؤخذ لهم الصور وتُنشر في الصحف والمجلات، فيقال عنها أنها من المدارس النموذجية، بينما ترى طلابها في الأسبوع الثاني وقد حطموا الأشجار والنباتات في داخل مدرستهم، بل إنَّ مدارسنا وجامعاتنا جدباء قاحلة، أما البلديات المخولة بالعناية بالتشجير وازدهار الحدائق والميادين تجدها أنفقت على الاحتفال بذلك الأسبوع من ندوات ومحاضرات ودعايات ما هو كفيلٌ بتشجير وتزيين البلاد بكاملها، لكن ما نراه طوال العام هو الحدائق الجرداء والميادين المُهملة، هذا على قلتها، ومع قِدم احتفالنا بهذا اليوم ما زلنا عَالة على غيرنا في المنتجات الزراعية، فما الذي نجنيه من هذه الاحتفالات؟؟ هذه بعض الأمثلة للاحتفالات السنوية التي أخذنا نُقلَّد فيها الآخرين الذين ربما كانت لهم أهداف يحققونها، أما نحن فنقلد دون أن نرى أهدافًا تتحقق، ثم تعالوا نقارن على غرارها واقع اللغة العربية، فكم من مؤتمرات، وندوات، ومحاضرات، وأمسيات شعرية أُقيمت في المدارس، والجامعات، والنوادي الأدبية في يوم اللغة العربية العالمي، فهل تغير من واقع لغتنا شيء، فالطالب ما زال يشعر بالانتقاص من التحدث بلغته، والأهالي أصبحوا يتسابقون ويتنافسون بإدخال أبنائهم المدارس العالمية، ويتفاخرون بنطقهم للغة الانجليزية، ومؤسسات المجتمع التي ترقص فرحًا في يوم اللغة العربية هي المسؤول الأول عن ضعف اللغة العربية في نفوس أبنائها، فجميع الوظائف تشترط إتقان اللغة الانجليزية، ومن ليس لديه هذه الشهادة يُحرم من التوظيف حتى وإن كان الأول على دفعته، أو يُوظَّف في وظائف أقل من شهادته، لم أسمع يومًا عن أي إدارة تشترط إجادة اللغة العربية كتابة وتحدثًا، على الرغم من أنَّ مُعظم مكاتباتنا باللغة العربية!!! d.najah-1375@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :