تناقض الديمقراطية العربية المعاصرة | أ.د. نجاح أحمد الظهار

  • 7/11/2013
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

المشاهد والمتابع للأحداث المؤلمة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية، لن يجد سبباً لهذه الفوضى إلاَّ الفِهم المغلوط لمعنى الديمقراطية، التي تَمَّ استيرادها من الغرب، ومحاولة تطبيقها على عالمنا العربي والإسلامي، فالديمقراطية في العقلية العربية المعاصرة تعني في ظاهرها الدَّعوة إلى الحُريَّة والعدالة والمساواة، وهذه المصطلحات موجودة في أجندتنا، ولكن بتوافقية مع مفاهيم ديننا ونظمنا وعاداتنا وتقاليدنا، وبيئتنا وثقافتنا، لكنَّنا تركناها ولهثنا خلف المفاهيم الغربية التي قد تتوافق مع ثقافتهم وتنجح في إصلاح بيئتهم، ولكن التقليد الأعمى، والشعور بعقدة التفوق الغربي، مع عقدة النَّقص التي تربَّت في النفوس، كل ذلك سمح للمفهوم الغربي أن ينبت في غير أرضه، فكان هذا التناحر وهذا التقاتل بين فئات كلها تَدَّعي الفِهم الصَّحيح للديمقراطية. ففئة يُذكر أنَّها تحرص على الرئاسة والقيادة، والتَّفرُّد بالرَّأي، وإقصاء الآخر، مع التشدد في الرؤية والمنطلق. والفئة الثانية التي تعتنق معاني الديمقراطية الغربية بكل مضامينها تدَّعي أنَّها تكفل حُريَّة الرأي لكل الأفراد، والعدالة والمساواة المطلقة بين كل الأطياف. لكنَّها عند التطبيق لجأت إلى أسلوب تكميم الأفواه، والانتقام، وإقصاء الآخر، والتُّهم الجاهزة، ولم تعط الفرصة إلى الفئة المخالفة لها في الفِكر والتَّوجُّه، هذه الفرصة التي مُنحت لها بموجب الديمقراطية، لتمارس أداءها على الواقع، وبعدها يُمكن الحُكم عليها بالنجاح أو الفشل، ومن حق الشَّعب أن يُعيد انتخابها أو يرفُض. فالمشهد الذي نراه بأعيننا يجزم بعدم فهمنا لمضمون الحُريَّة والعدل والمساواة واحترام الفرد، سواء بمفهومه الإسلامي أو الغربي. تأمل ما تتناقله وسائل الإعلام العربية التي يُفترض أن تكون هي من تنشر ثقافة المفاهيم الصحيحة، تجدها هي من تُشوِّه هذه المفاهيم تشويهاً تطبيقياً، فتراها تنحاز إلى فئة دون أخرى، مع التحريض المقيت، ومصادرة الرأي الآخر، فأين العدل، وأين المساواة، وأين احترام الرأي والحرص على تنمية الفرد. ولو استمعنا إلى خطاب القياديين والمثقفين من مختلف الأطياف، نعلم يقيناً أنَّه خطاب تصادمي، يستحيل معه التلاقي على سياسة توافقية تنهض بالمجتمع وبالأمة، فأنت لا تسمع إلاَّ الصُّراخ والشَّتم بأقذع الألفاظ،أوالدُّعاء بأعظم الأدعية وبالاً وتنكيلاً، وكذلك قنوات التواصل الاجتماعي تراها تفتقر لِفِقه الحِوار واحترام الرَّأي، فثقافة فَرض الرَّأي والتَّحَزُّب ماتزال تُسيطر على الفِكر. وتُؤدِّي إلى قَطع التَّواصُل والتَّراحم. كلنا بحاجة إلى إعادة تدريب واقعي، وتأهيل ثقافي وديني، لمفهوم حُريَّة الرَّأي، وأدب الحِوار، وصياغة مفاهيم العدل والحُريَة والمساواة بما يتوافق ويتلاءم مع هويتنا، حتى ينجح تحقيقها وتُؤتي أكلها. علينا أن ننتهز هذه الأيام الفضيلة، وما يشيع فيها من روحانية ترقق القلوب، ومعانٍ تُنير العقول، لنجتمع على كلمة سواء. نحن بحاجة إلى أصوات متعقلة تدعو إلى التآخي،فتجمع ولا تُفرِّق، تحقن الدِّماء ولا تُزهق. اللهم اجمع كلمة المسلمين على خير، ونَوِّر بصيرتهم، ووَحِّد صفوفهم،واحقن دماءهم، إنَّك وَلِيُّ ذلك والقادر عليه. d.najah-1375@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :