كشفت دراسة اقتصادية، أن السعودية تحتل مكانة رائدة في قطاع الطاقة المتجددة من خلال إطلاق أجندتها الخضراء الطموحة ذات الرؤية المستقبلية، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط مليئة بمصادر الطاقة المتجددة وتتأثر صورة الطاقة في العالم بشكل كبير بالتطورات في الشرق الأوسط. وأفادت الدراسة بأن مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الخضراء تهدف إلى توحيد قادة الشرق الأوسط حول رؤية مشتركة لتمكين أهداف بعيدة المدى للاقتصاد الأخضر. وأشارت إلى أن الجهود الخضراء التي تدعمها دول الشرق الأوسط لها مؤيدون خارج المنطقة، فيما يمكن أن تنسب جاذبية المبادرة نظرها لهدفها النبيل والفرص الواعدة، داعيا إلى تعاون البلدان في جميع أنحاء العالم لتعزيز التأثير الإيجابي على البيئة. وأوضحت الدراسة أن أهداف رؤية السعودية 2030 طموحة، وتعد المحرك الرئيسي نحو النمو المستدام، إذ تتضمن تنويع مصادر الطاقة والحياد المناخي وحماية البيئة من العواقب السلبية نتيجة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يدفع السعودية إلى تنفيذ خطط طويلة الأجل لبناء منشآت ضخمة للطاقة المتجددة بمعايير دولية. ولفتت إلى أن الهيدروجين يكتسب زخما كحل لخفض انبعاثات الكربون وتوسيع خيارات قطاع الطاقة المتجددة، مما يجعل نهج السعودية في مجال الطاقة المتجددة "هجين" لفتح الأبواب أمام إمكانيات ريادية بيئية واقتصادية وتنموية. وأفادت بأن توليد الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط ارتفع بنسبة 12.8 % في العام الماضي، على أساس سنوي، وتعد هي الأعلى في أي منطقة عالميا، مشيرا إلى أن المكاسب في قدرة توليد الطاقة المتجددة أسهمت في تحسين حصة الطاقة النظيفة في المزيج الكهربائي بالمنطقة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة. وأشارت إلى أن ثلاث دول عربية شهدت ربط المزيد من الطاقة المتجددة في العام الماضي، مقارنة بما أضيف لها في العقد السابق، فيما يمثل هذا التحول نقلة في منطقة أكبر منتجي ومصدري الوقود الأحفوري في العالم نتيجة للتوسعات المستمرة ومشاريع الطاقة المتجددة الجديدة. وأوضحت أن التنمية المستدامة والازدها من أهم أهداف المنطقة، إذ تعد التقنيات الخضراء موجة المستقبل، وتزداد شعبيتها، فيما ستصبح المنتجات الأفضل للبيئة والمناخ شائعة بشكل متزايد. وقالت الدراسة: إن مشاريع الطاقة المتجددة تتطلب الكثير من التخطيط وبيوت الخبرة التقنية وكمية مواد خام ضخمة وتكاليف رأس مال عالية لإكمالها مشيرا إلى أن الباحثين والتقنيين وخبراء التنظيم والتشريعات يعملون باستمرار على ابتكار تقنيات وأنماط عمل جديدة لدعم تبني الطاقة المتجددة على نطاق واسع.العقبات في رحلة مشاريع الطاقة المتجددة. ونوهت بوجود العديد من العقبات في رحلة مشاريع الطاقة المتجددة، إذ أن على سبيل المثال تتضمن طاقة الرياح العديد من الأجزاء المتحركة، مما يتطلب صيانة منتظمة، فيما تعتمد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على حالة الطقس وظروف أخرى مما يجعل التقطع في التوليد تحديا، إالصيانة المنتظمة ضرورية. وأضافت أن الطاقة المتجددة كثيفة المواد، مما يتطلب المزيد من التعدين لتصنيع المكونات الصناعية الرئيسية في توليد وإنتاج الكهرباء، الأمر الذي يمثل صعوبات، إلا أن منطقة الشرق الأوسط حققت تقدما ونجاحا نحو التوسع والنمو في مشاريع الطاقة المتجددة. وأوضحت أن توربينات الرياح والشفرات والمغناطيس أمثلة المكونات الصناعية المعقدة ذات الصلة بمشاريع طاقة الرياح، فيما تعتبر الألواح الشمسية أهم مكون لمشاريع الطاقة الشمسية، مما يدفع إلى الحاجة لعدد كبير من المكونات المصنعة، مثل المحرك والبطاريات للسيارات الكهربائية ويتطلب مزيدا من الأنشطة والمعالجة التي يتعين القيام بها في المناجم، إضافة إلى مواد خام بسعر مجد اقتصاديا لتسريع انتقال الطاقة والحد من التداعيات السلبية للتغير المناخي. وأضافت أن الابتكار في علم المواد سيكون عاملا رئيسيا في دفع تلك الخطوة إلى الأمام، إذ أن البطاريات التي تخزن المزيد من الطاقة والشحن بسرعة أكبر ستحدث طفرة، مما يزيد من عدد المركبات الكهربائية الصديقة للبيئة، مشيرا إلى أن الاستخدام الواسع لمصادر الطاقة المتجددة أصبح ممكنا بفضل بطاريات أخف وزنا وأصغر حجما وأكثر كفاءة. ولفتت إلى أن أعمال مشاريع الطاقة النظيفة تتطلب الكثير من المواد الخام إلا أنها تولد فوائد اقتصادية في شكل وظائف ومهارات جديدة فضلا عن التطورات التكنولوجية في شكل تصاميم محسنة للأجزاء والمعدات الصناعية. وأفادت بأن مشاريع الطاقة المتجددة ستستحدث وظائف جديدة جزئيا نتيجة إقبال الشباب ممن اجتذبتهم مبادرات الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، فيما ستدفع المواهب الريادية عجلة الطاقة المتجددة إلى الأمام في الأسواق. وقالت الدراسة: إن من خلال التعاون الدولي يستمر بروز الهيدروجين الخالي من الكربون كوقود نظيف، إذ يمتلك الهيدروجين كثافة طاقة أكبر من أي ناقل كتلة آخر ، يمكنه أن يحل محل ثلاثة أضعاف كمية البنزين. وتابعت: "بكثافة طاقة وقود لا مثيل لها,يمكن لأصغر جزيء في الكون (الهيدروجين)، تغذية وامداد لأكبر العمليات الصناعية على وجه الأرض، بالإضافة إلى تشغيل الزراعة والتبريد والتنقل وتخزين الطاقة". وأضافت، أن الاستثمارات في وقود الهيدروجين ستمكن حصة متزايدة بشكل ملحوظ من سيارات الهيدروجين ومنتجات خلايا وقود الهيدروجين، مما سيعيد تشكيل أسواق الطاقة. وأوضحت أن خيارات إنتاج الهيدروجين منخفضة الانبعاثات على نطاق واسع تعرف بـ: " الهيدروجين الأخضر المشتق من التحليل الكهربائي من كهرباء تولد من مصادر متجددة"، و"الهيدروجين الأزرق المشتق من الغاز الطبيعي الذي تم اقترانه بعملية احتجاز الكربون وتخزينه". وذكرت أنه يمكن وصف الدور النسبي المستقبلي للهيدروجين الأخضر والأزرق في نقل الطاقة بقدرات كل منهما على ضغط وتخفيض التكاليف بمرور الوقت. وبينت الأبحاث والدراسات المتعمقة اللتي تركز على نطاقات مختلفة من تطورات تكنولوجيا الهيدروجين، ومسارات السوق، والإطار التنظيمي والتأثيرات البيئية نتائج واعدة على كامل مدى سلسلة قيمة الهيدروجين. بالنسبة لنقل الهيدروجين يمكن ضغطه للمسافات القصيرة، ولمسافات نقل أطول يتم تحويل الهيدروجين إلى سائل، منها على سبيل المثال: التحويل إلى الأمونيا لتسهيل نقله لدول العالم المستهلكة للطاقة. وأفادت الدراسة بأن تطوير عملية الإنتاج, والتخزين والتوزيع يدعم انتشار الهيدروجين كوقود نظيف حوال العالم، إذ أن الهيدروجين سيكون الضوء الرائد في قطاع الطاقة النظيفة. وبحسب الدراسة أدى تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء الصناعي إلى تمكين الصيانة التنبؤية وتحسين كفاءة عمليات الطاقة المتجددة، مما يعزز من تقنية إنترنت الأشياء التي تدعم مستويات أعلى من الرؤية والشفافية وإمكانية التتبع من خلال مستويات غير مسبوقة من المراقبة والتحكم والإدراك. وأوضح الباحث في مجال الطاقة، م. محمد الغزال في الدراسة، أن تلك الثورة الصناعية الرابعة تمكن من اتخاذ قرارات أكثر مسؤولية تجاه البيئة وتمكين أعمال طاقة متجددة مستقرة ومضمونة بتعتمادية عالية. وذكرت أن تمكين مشروعات الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر يدعم منطقة الشرق الأوسط كمرشح قوي لقيادة مزيج الطاقة المتنوعة والطاقة النظيفة في المستقبل.
مشاركة :