وما زال الخافي أعظم، هذه حال الكثير ممّن يقعون ضحايا مواقع التواصل والمحادثات التي يزيد عددها يوماً بعد يوم، وتحدّث خياراتها، لتتيح للمستخدمين التواصل صوتاً وصورة، وفيديو، بشكل يدفع البعيدين إلى البحث عن أصدقاء ولو افتراضيين، للتسلية، ما دامت هذه المواقع متاحة مجّاناً. الهروب إلى استخدام هذه المواقع، وبهذا الإفراط، ما هو إلا بديل لما كان متاحاً وبأسعار عالية. ومع حجم المنافسة العالمية بين الشركات المزوّدة، أصبح للتواصل ألف وسيلة ووسيلة مجّاناً، والثمن أسرارنا وخفايا حياتنا. حجم ضحايا مواقع المحادثة أكبر بكثير ممّا يعرفه العامة، وفي أحاديث جانبية خارج نطاق القضاء والشرطة، فإن عدد من يقعون ب غفلة وسذاجة في براثن صيادي هذه المواقع غير معلوم لدينا، وتستّرهم على ذلك مردّه، الستر على ما وقعوا ضحيته. ولكن يبقى السؤال الأخطر، هل يقوم ضحايا جرائم الابتزاز بدفع المال الذي يطلبه منهم الصيادون للتستر على ما حصلوا عليه من صور وأسرار خاصة وعائلية؟ وكم يدفعون؟ ولمن؟ وإلى متى سيدفعون؟ هل هناك حل لهذه المشكلة، خاصة أننا أمام ضحية معلومة، ومجرم افتراضي، كل ما يجيده هو الابتزاز؟ من هنا فإن الدعوة واجبة لأصحاب القرار في قيادات الشرطة والقضاء نيابةً ومحاكم إلى إنشاء أقسام للجرائم التي يريد أصحابها أن تبقى طيّ الكتمان، حفاظاً على أسرهم ووظائفهم. هذا القسم إذا ما أنشئ، فقد توضع له ضوابط معيّنة، عبر لائحة تنفيذية، لتحديد أنواع القضايا التي يمكن قبولها فيه، وتقييدها، وطريقة نظرها والتحقيق فيها، وصولاً إلى الأحكام، وحتى تدمير بعض المواقع الخارجية التي تنشط في عمليات الابتزاز. وحتى لا يكون هذا القسم متاحاً للجميع، فقد يُصار إلى فرض رسوم أعلى بقليل من تكاليف قيد القضايا أمام المحاكم، حتى يحافظ على جدية من يقبلون عليه، وتوضع له ضوابط لحفظ القضايا التي ينظرها حتى صدور الحكم، وحفظها في سجلات خاصة. والأكيد أن الأنجع من ذلك كله، يتمثل في تجفيف منابع هذه الجريمة أصلاً، عبر التوعية والتنبيه على الأبناء في المدارس والجامعات، من خطورة هذا النوع من الجرائم، ولا ضير من التعاون مع الشرطة للحصول على بعض القصص لروايتها للطلبة، ليكونوا على دراية بما قد يقعون في حبائله. jamal@daralkhaleej.ae
مشاركة :