«السينما السعودية».. رحلة الإبداع من منظور ثقافي

  • 5/29/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما لعبت الفنون دوراً محورياً في تشكيل الوعي لدى المجتمعات على مر العصور؛ فالفنون بشتى أنواعها تتجاوز كل الفوارق اللغوية منها والثقافية، لتمكّن الشعوب من مد جسور التواصل والتقارب والتعارف فيما بينها. وتأتي السينما كواحدة من أكثر الفنون تأثيراً في المجتمع الحديث، وجزءًا رئيساً من المشهد الثقافي المجتمعي، انطلاقاً من دورها المهم في إعادة تشكيل ثقافة المجتمع، وفكره؛ لتصبح بذلك من أقصر الطرق وصولاً وتأثيراً لعقل الجمهور وتفكيرهم ووجدانهم. وشهد قطاع السينما في المملكة مؤخراً، قفزات نوعيّة وتقدماً كبيراً، وذلك نتاج للجهود المتواصلة التي تقدمها المملكة لتعزيز صناعة السينما، كونها أحد القطاعات الثقافية الأسرع نمواً وعنصراً مهماً في صناعة الترفيه. ‏‎وتأتي هذه الجهود المبذولة في قطاع السينما، عبر أعمال وإسهامات تحاكي التطور الثقافي والحضاري؛ من خلال إقامة مهرجانات سينمائية محلية ودولية منها «مهرجان البحر الأحمر»، و «مهرجان أفلام السعودية»، لتصبح بهذا مركزاً للإبداع والتميز، وبيئة جاذبة تستقطب المخرجين والممثلين والفنانين والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وتوفر فرصاً استثمارية من خلال الدعم المالي للمشاريع السينمائية المحلية الذي يقدمه الصندوق الثقافي. وفي هذا الصدد حرصت المملكة على دعم صناعة الأفلام، وأسست العديد من الجهات الداعمة، من بينها «هيئة الأفلام» التي تهدف إلى بناء وتنمية قطاع أفلام سعودي إبداعي وتعزيز قدراته على مستوى الأسواق المحلية والدولية، كما تعمل على تشجيع الكوادر الوطنية في قطاع الأفلام، إذ تم تجهيز 66 صالة سينما بأحدث التقنيات في 20 مدينة حول المملكة، بإجمالي 607 شاشات عرض، وقدرة استيعابية تصل إلى 62,530 مقعداً، ويتم تشغيل هذه الصالات بواسطة سبع شركات عالمية، مما يوفر تجربة سينمائية فريدةً ومتنوعةً للجمهور. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله آل عياف، تطور صناعة السينما المحلية، وسعيها إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لإنتاج الأفلام، مشيراً إلى أن الإيرادات السينمائية في المملكة الوقت الحالي تحظى بأسرع وتيرة نمو لتقفز بذلك إيراداتها من 15% إلى أكثر من 40%، من خلال المشاركة في مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث كانت هيئة الأفلام قد أطلقت برنامجها التنافسي لحوافز الاسترجاع النقدي بنسبة 40% العام الماضي في المهرجان؛ لتشجيع منتجي الأفلام المحليين والإقليميين والدوليين لإقامة أعمالهم الإبداعية بالمملكة. ومن جانبها تلعب الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، دورًا حاسما في رقابة وتصنيف المحتوى، بناءً على مَعايير دقيقة تهدف إلى حماية المجتمع وتعزيز قيمه لكونها السلطة الرسمية والمسؤولة عن جميع الأفلام التي تعرض على شاشات دور السينما السعودية، حيث يتم التحقق من قيمة محتوى الفلم لتحديد التصنيف العمري المناسب له، وفي حال دعت الحاجة لإجراء تعديل ما يتم التأكد من نوعية هذه التعديلات وجودتها قبل السماح بعرض الفلم للجمهور. وفي شهر أبريل الماضي، تم فسح وتصنيف أكثر من 153 عملاً سينمائياً، وتضمنت هذه التصنيفات 28 فيلمًا سينمائيًا، بالإضافة إلى 44 مقطعًا تشويقيًا سينمائيًا، و27 عملاً مرئيًا خارج صالات السينما. كما تم إصدار 47 ملصقًا سينمائيًا، وسبعة إعلانات تجارية لصالات السينما، لجذب الجمهور وزيادة الإقبال على الأعمال السينمائية. وانطلاقاً من سعي المملكة لرفع كفاءة صناعة السينما، فقد وفّرت العديد من مواقع التصوير المميزة لأفلامٍ «هوليوودية» كبرى، حيث استضافت «العُلا» فيلم الحركة والإثارة «قندهار» للمخرج ريك رومان ووه، من بطولة جيرارد بتلر، وفيلم الإثارة «ماتش ميكر» من إنتاج «نيتفليكس». كما تَبرُز «نيوم» كأكبر منشأة حديثة بالمنطقة، بأربع مراحل تشغيلية، وست مراحل أخرى من المقرر افتتاحها بحلول نهاية عام 2023، مُقدِّمةً الدعم لما مجموعُه 30 إنتاجاً؛ منها فيلم الملحمة التاريخي «محارب الصحراء» لروبيرت وايت، وبطولة أنتوني ماكي، ومسلسل المغامرة الخيالية «رايز أوف ذا وتشيز» - أكبر مسلسل تلفزيوني أُنتج بالتعاون مع طاقم عمل سعودي-، وفيلم الكوميديا «دونكي» من إخراج راجكومار هيراني وبطولة النجم العالمي الشهير شاروخان. وعلى الرغم من كون الأفلام الأجنبية لا تزال تحتل الصدارة في شباك التذاكر، إلا أن الأفلام السعودية تنافس بقوة وتشهد إقبالاً متزايداً وفقاً لما ذكرته الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع إذ يقدّر الإجمالي لإيراداتها بحوالي 250 مليون دولار، وبزيادة 9% مقارنة بالعام السابق، وذلك بفضل الدعم الكبير الذي حظيت به من القطاع العام والخاص، إضافةً إلى تميزها بعرض الموضوعات التي تهم المجتمع المحلي.

مشاركة :