حرص الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة على تلبية الدعوة للمشاركة في الاحتفال الذي أقيم في العاصمة العراقية بغداد بمناسبة مرور مائة عام على ولادة رائدة الشعر الحديث في عالمنا العربي الشاعرة نازك الملائكة، فقد جاءت المشاركة في اليوم الأول للاحتفال مع كوكبة من الشعراء والنقاد وبحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء، خصوصاً أنه قد شرف حفل الافتتاح دولة رئيس الوزراء العراقي المهندس محمد شياع السوداني ولفيف من الشخصيات والمؤسسات الأدبية والثقافية في العراق، وضمن مراسيم حفل الافتتاح في اليوم الأول ألقى الشاعر محمد عبدالله البريكي قصيدة نخلة النهرين التي كتبها خصيصاً لهذه المناسبة، والتي لاقت حفاوة بالغة من قبل الحضور والمشهد الثقافي في العراق، والتي يقول في جزء منها: وَصَلْتُ فقالَتْ لي “شناشيلُها” الأُوَلْ: وَصَلْتَ أخيراً؟ قلتُ: أوَّلُ مَنْ وَصَلْ فقالتْ: ثلاثٌ؟ هَلْ ستكفيكَ كي ترى فصولاً من التاريخِ؟ قلتُ لها: أجَلْ وقبلَ امتطاءِ الريحِ والغيمِ كانَ لي حديثٌ معَ الأرضِ التي تحملُ الثِّقَلْ رأيتُ بها كوناً فسيحاً ممدَّداً ولكنَّهُ يشكو كثيراً مِنَ العِلَلْ سيدفُنُ فيها آدمُ اثنين خَلَّفا عليها شياطينَ الوقيعةِ والمَحَلْ ويُنْجِبُ فيها واحداً ليسَ يبْتَغي سوى أنْ يرى الإنسانَ لا يقبَلُ الزَّلَلْ سيولَدُ أطفالٌ من الحربِ أُسقِطقوا يقولونَ: قَدْ ضِقْنا بقصّةِ مَنْ رَحَلْ وهنا نلمس أسلوب الشاعر التخييلي، فقد استوعب الموقف وجسده من خلال ركائزه البلاغية ومهاراته في التأثير المباشر في المتلقين، كونه وظف مجازاته واستعاراته ولغته الفائقة في التماهي مع الحدث وتجلياته وأهميته في الوجدان الشعري العربي، كون نازك الملائكة رائدة الحداثة، وصاحبة النقلة الأولى في وضع إطار آخر لتطور القصيدة العربية. فإنْ ذُكِرَتْ في الشعرِ أنثى فإنَّها فتاةٌ من الفردوسِ تُشْفيكَ بالقُبَلْ وأشهى من “القيمرْ” ومن “شاي” صبحِها حديثٌ من النهرينِ أحلى من العَسَلْ ويختم البريكي قصيدته بهذه الأبيات: فلا الحُبُّ في وجهِ العراقيِّ صنعةٌ ولا الشِّعْرُ فيها فوضَويٌّ وَمُنْتَحَلْ هُنا سَبّحَتْ في دفتري ألفُ نخلةٍ كما سبَّحَتْ من قبلُ في الخافقِ الجُمَلْ وَمِنْ أجْلِ حُبِّ الناسِ جِئْتُ وَحُبِّها أُنَثِّرُ أشواقي على كلِّ مَنْ سَأَلْ فإنَّ عراقاً تُكْرِمُ النخلَ أرضُهُ على حبِّهِ للنَّخْلِ تَحْسِدُهُ الدُّوَلْ وَمَنْ لَمْ تكُنْ بغدادُ أمّاً لشعرِهِ فكيفَ على هذي البسيطةِ قَدْ نَزَلْ؟! وقال الشاعر محمد عبدالله البريكي” لقد سعدت بهذه المشاركة المهمة في احتفالية مرور مائة عام على رحيل الشاعرة نازك الملائكة، فالعراق بلد الشعر في صياغاته وتراكيبه وممتلكاته التعبيرية في الصورة والخيال، مشيراً إلى أنه ألقى هذه القصيدة ووضع لها اسم نخلة النهرين كناية عن عذوبة شعر نازك ومدى تأثيره في كل بيئات الشعر منذ أن أطلقت سراحه في محيطنا العربي، موضحا أن استقبال قصيدته بهذا الشكل من قبل الحضور ووسائل الإعلام في العراق يضعه أمام مسؤولية كبيرة، وأضاف: إن مثل هذه الاحتفالات الكبرى برموز الشعر العربي إنما يدل على الوفاء لمن ملأوا حياتنا بالجمال، وأضافوا للمشهد الشعري بصدق وإخلاص، متوجها بالشكر للقائمين على هذا الاحتفال وللشاعر الدكتور عارف الساعدي، معبرا عن سعادته بمشاركة شعراء مهمين في هذه المناسبة مثل كاظم الحجاج وعلوي الهاشمي وشوقي بزيع وآدم فتحي وغيرهم، فضلا عن جميع الأدباء والنقاد الذين ضمهم هذا الحفل الكبير.
مشاركة :