محمد البريكي يؤثث مئوية نازك الملائكة بـ'نخلة النهرين'

  • 5/30/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حرص الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة على تلبية الدعوة للمشاركة في الاحتفال الذي أقيم في العاصمة العراقية بغداد بمناسبة مرور مائة عام على ولادة رائدة الشعر الحديث في عالمنا العربي الشاعرة نازك الملائكة، فقد جاءت المشاركة في اليوم الأول للاحتفال مع كوكبة من الشعراء والنقاد وبحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء، خصوصا أنه قد شرف حفل الافتتاح رئيس الوزراء العراقي المهندس محمد شياع السوداني ولفيف من الشخصيات والمؤسسات الأدبية والثقافية في العراق، وضمن مراسيم حفل الافتتاح في اليوم الأول ألقى الشاعر محمد عبدالله البريكي قصيدة "نخلة النهرين" التي كتبها خصيصا لهذه المناسبة، والتي لاقت حفاوة بالغة من قبل الحضور والمشهد الثقافي في العراق، والتي يقول في جزء منها: "وَصَلْتُ فقالَتْ لي “شناشيلُها” الأُوَلْ: وَصَلْتَ أخيراً؟ قلتُ: أوَّلُ مَنْ وَصَلْ فقالتْ: ثلاثٌ؟ هَلْ ستكفيكَ كي ترى فصولاً من التاريخِ؟ قلتُ لها: أجَلْ وقبلَ امتطاءِ الريحِ والغيمِ كانَ لي حديثٌ معَ الأرضِ التي تحملُ الثِّقَلْ رأيتُ بها كوناً فسيحاً ممدَّداً ولكنَّهُ يشكو كثيراً مِنَ العِلَلْ سيدفُنُ فيها آدمُ اثنين خَلَّفا عليها شياطينَ الوقيعةِ والمَحَلْ ويُنْجِبُ فيها واحداً ليسَ يبْتَغي سوى أنْ يرى الإنسانَ لا يقبَلُ الزَّلَلْ سيولَدُ أطفالٌ من الحربِ أُسقِطقوا يقولونَ: قَدْ ضِقْنا بقصّةِ مَنْ رَحَلْ". وهنا نلمس أسلوب الشاعر التخييلي، فقد استوعب الموقف وجسده من خلال ركائزه البلاغية ومهاراته في التأثير المباشر في المتلقين، كونه وظف مجازاته واستعاراته ولغته الفائقة في التماهي مع الحدث وتجلياته وأهميته في الوجدان الشعري العربي، كون نازك الملائكة رائدة الحداثة، وصاحبة النقلة الأولى في وضع إطار آخر لتطور القصيدة العربية. "فإنْ ذُكِرَتْ في الشعرِ أنثى فإنَّها فتاةٌ من الفردوسِ تُشْفيكَ بالقُبَلْ وأشهى من “القيمرْ” ومن “شاي” صبحِها حديثٌ من النهرينِ أحلى من العَسَلْ ويختم البريكي قصيدته بهذه الأبيات: فلا الحُبُّ في وجهِ العراقيِّ صنعةٌ ولا الشِّعْرُ فيها فوضَويٌّ وَمُنْتَحَلْ هُنا سَبّحَتْ في دفتري ألفُ نخلةٍ كما سبَّحَتْ من قبلُ في الخافقِ الجُمَلْ وَمِنْ أجْلِ حُبِّ الناسِ جِئْتُ وَحُبِّها أُنَثِّرُ أشواقي على كلِّ مَنْ سَأَلْ فإنَّ عراقاً تُكْرِمُ النخلَ أرضُهُ على حبِّهِ للنَّخْلِ تَحْسِدُهُ الدُّوَلْ وَمَنْ لَمْ تكُنْ بغدادُ أمّاً لشعرِهِ فكيفَ على هذي البسيطةِ قَدْ نَزَلْ؟!" وقال الشاعر محمد عبدالله البريكي "لقد سعدت بهذه المشاركة المهمة في احتفالية مرور مائة عام على رحيل الشاعرة نازك الملائكة، فالعراق بلد الشعر في صياغاته وتراكيبه وممتلكاته التعبيرية في الصورة والخيال"، مشيرا إلى أنه ألقى هذه القصيدة ووضع لها اسم "نخلة النهرين" كناية عن عذوبة شعر نازك ومدى تأثيره في كل بيئات الشعر منذ أن أطلقت سراحه في محيطنا العربي، موضحا أن استقبال قصيدته بهذا الشكل من قبل الحضور ووسائل الإعلام في العراق يضعه أمام مسؤولية كبيرة. وأضاف: إن مثل هذه الاحتفالات الكبرى برموز الشعر العربي إنما يدل على الوفاء لمن ملأوا حياتنا بالجمال، وأضافوا للمشهد الشعري بصدق وإخلاص، متوجها بالشكر للقائمين على هذا الاحتفال وللشاعر الدكتور عارف الساعدي، معبرا عن سعادته بمشاركة شعراء مهمين في هذه المناسبة مثل كاظم الحجاج وعلوي الهاشمي وشوقي بزيع وآدم فتحي وغيرهم، فضلا عن جميع الأدباء والنقاد الذين ضمهم هذا الحفل الكبير.  ونازك صادق الملائكة من مواليد (23 أغسطس/آب 1923- 20 يونيو/حزيران 2007) شاعرة عراقية، ولدت في بغداد في بيئة ثقافية وتخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944، من أم شاعرةً وأب كاتب، دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن- ماديسون في أميركا. وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت. عاشت في القاهرة منذ 1990 في عزلة اختيارية وتوفيت بها في 20 يونيو/حزيران 2007 عن عمر ناهز 83 عاما بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية ودفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة. يعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماة "الكوليرا" من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي. وقد بدأت الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمنية مقاربة جداً للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقة وعبدالوهاب البياتي، وهؤلاء سجلوا في اللوائح بوصفهم رواد الشعر الحديث في العراق بعد صراع طويل دار بينهم حول بداية كتابة الشعر الحر أو الحديث. وبدايتها وُلدت نازك الملائكة في بغداد لأسرة مثقفة، وحيث كانت والدتها سلمى الملائكة تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة" وكانت تحبب إليها الشعر ولها أثر كبير في تنمية موهبتها وكانت تحفظها الأوزان الشعرية المشهورة (التي حددها علم العروض)، أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة "دائرة معارف الناس" في عشرين مجلداً. وقد اختار والدها اسم نازك تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد التي قادت الثوار السوريين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة. وجدتها (أم أمها) شاعرة هي الحاجة هداية كبة ابنة العلامة والشاعر الحاج محمد حسن كبة، وخالاها "جميل الملائكة" و"عبدالصاحب الملائكة" شاعران معروفان وخال أمها الشيخ محمد مهدي كبة شاعر وله ترجمة رباعيات الخيام نظماً. درست نازك الملائكة اللغة العربية وتخرجت عام 1944، ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية والإنجليزية والفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقلت للتدريس في جامعة بغداد ثم جامعة البصرة ثم جامعة الكويت. وانتقلت للعيش في بيروت لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 على خلفية حرب الخليج الأولى إلى القاهرة حيث توفيت، وحصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996، كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالاً لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي والذي لم تحضره بسبب المرض وحضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبدالهادي محبوبة، ولها ابن واحد هو البراق عبدالهادي محبوبة، وتوفيت في صيف عام 2007. أما أعمالها ومجموعاتها الشعرية هي: "عاشقة الليل" 1947 نشر في بغداد وهو أول أعمالها التي نشرت، "شظايا ورماد" 1949 - عدة طبعات، "قرارة الموجة" 1957، "شجرة القمر" 1968، "يغير ألوانه البحر" 1977، "مأساة الحياة وأغنية الإنسان" 1977، "الصلاة والثورة" 1978، "قصيده الشهيد"، وديوان "نازك الملائكة" (الأعمال الشعرية الكاملة) - عدة طبعات، المختار من شعر نازك الملائكة. أما مؤلفاتها: "قضايا الشعر المعاصر" 1962 - عدة طبعات، "التجزيئية في المجتمع العربي" 1974 وهي دراسة في علم الاجتماع، "سايكولوجية الشعر" 1992، "الصومعة والشرفة الحمراء" 1965، "مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية"، ومجموعة قصصية "الشمس التي وراء القمة" عام 1997 صدرت في القاهرة.

مشاركة :