تبقى الحياة جديرة بالاهتمام، عندما نكون راضين ومطمئنين بالقضاء.. للحياة مؤكد حسابات تجمعنا، وتطرحنا، وتقسمنا، وتضربنا، وهندسة تحوينا بمثلثات ومربعات ومستقيمات، وكيمياء تغمرنا بتفاعلاتها. الحياة هي خطوط مستقيمة ومشينا المائل والمتسرع عليها هو ما يجعلنا نظن أنها متعرجة الحياة حتى لو كانت سريعة جدًّا، كل ما اجتزناه حلم استيقظنا منه دون أن نفسره لأننا عشناه على عجل، وكل ما هو مُقبل علينا مجهول لكن تبقى الحياة شعلة قد نستنير بضوء دورانها، أو نعيش في عتمة تقلباتها دون أن ننتبه. في حقيقتنا نحن منفصلون عن الحياة بأفعالنا الذاتية وخياراتنا الشخصية.. والحياة عجلة دائرة لا تنتظر أحدا ولا خياراته، فلا علاقة بذلك التداول الحياتي بما نكسبه في عيشتنا، فالحياة مقدرة من الله عز وجل كما هي أقدارنا ولا شأن لها بما ننجزه لأنفسنا، فالنجاح في معناه الفعلي ما نقوم به للآخرين لأجل أنفسنا غالبا. وأحيانا نصعّب على أحوالنا بسبب الحكم على المستقبل بوحي من الماضي. الحياة ليست عادلة أبدًا كما تبدو لنا ونظنها لكن قدر الله هو منتهى العدل هذه هي حقيقتها. في المدرسة يبدؤون بتعليم الدروس، أما في الحياة فإنك تبدأ بالامتحانات ثم تُعطى الدروس، في بعض الأحيان تبدو الحياة بطيئة وفي بعض الأحيان تبدو سريعة، وكل هذا مرتبط بالطريقة التي نعيش بها، لا تخف من أن تبدأ من جديد، إنها فرصة لإعادة بناء كل ما نريده بصدق، التغلّب على مصاعب الحياة هو ما يُعطيها معناها. "لا شيء يدعو للأسف لا شيء يدعو للتحسر والندم فقط علينا أن نستمر، ونحاول ونتمسك بالأمل، من يحلم بالبقاء لا يخاف إلا الله، إقامة الحياة المائلة ضرورة، وصمود الإرادة كبرياء.. فقد تعلمنا الحياة أن حياة يقودها عقلك أفضل بكثير من حياة يقودها كلام الناس، وتذكر أن الكتمان أشبه بنزيف داخلي لا يلاحظه أحد، ولكن ألمه داخلي يرهق صاحبه حد الهلاك". "في حقيقة الحياة الوقت ليس متأخرا أبدا لعمل تغيير يصب في صالحنا في قادم الأيام طالما ذلك بالإمكان مهما تخيلنا أنه فات على موعده وسيأتي بلا فائدة تذكر، وأن عجزنا عن اتخاذ القرار المناسب منذ ذاك الحين ومضي السنين على هذا الواقع البائس الذي اعتدناه ليس بعذر مثبط بقدر ما هو حافز دافع للتعجيل في تصحيح المسار، فمعاناة أعوام طويلة مضت لا تضاهي بعضا من معاناة يوم جديد". "دعونا نتأمل فالحياة لا تحكم على الإنسان بالشقاء، الإنسان يحكم على نفسه بذلك" عندما يعتقد أنه لا يستحق العيش بهدوء، وينغمس في اللهث بمتابعة تفاصيل ما يحدث حوله، ويضع نفسه بينها بقدر من الظلم، ويحاول أن يقسّم ما قسمه الله عز وجل. عندما يُغذي عقله بالأفكار السلبية، وعندما يُقيد قلبه بمشاعر التذمر، وعندما لا يمتلك أحاسيس الرضا والقناعة. ويبقى القول: التوجس كفن اليأس ومقبرة العيش، والشك عتبة القلق، وعدم الرضا نافذة النقمة.. لندرك أن لكُل إنسان في هذه الحياة وجهته، ولكل حياة إنسان.. وكل منا ينغمس في معطياتها وتفاصيلها واختلافاتها، فلا حياة تُشبِه حياة أخرى، كما لا إنسان يُطابِق إنسانًا آخَر، و"كُلٌ مُيَسَّر لما خُلِقَ له" عندما تعي ذلك؛ ستُدرِك أن لا جدوى من المُقارنة، وستتغَيّر أحكامك وتصوُّراتك وتعاطيك مع الكثير من الأمور.
مشاركة :