«إشراقة المجد».. ملحمة مدهشة وجسر للتواصل الحضاري

  • 2/22/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مصعب الصاوي احتشد أوبريت إشراقة المجد الذي انطلقت به فعاليات المهرجان بالقيم الثقافية والفنية مما جعله أهلاً للوقوف عند منابع الدهشة والإبهار فيه. الإمارات عامة، والفجيرة تحديداً، مكان له عبقريته الخاصة، فهو يجمع بين عناصر كونية طبيعتها التضاد والألفة معاً، فالصحراء بامتدادها الشاسع وقسوة سبل كسب العيش فيها ومغالبة الظروف الطبيعية جعلت إنسان الإمارات يولد صلباً يتسم بسعة الخيال والصبر. كما أن البحر هو الجسر الذي ربط الإمارات بالعالم فشاركت الإنسانية بجميع ألوانها وخبراتها وسحناتها في بناء معجزة النهضة الإماراتية. لذا ركزت سمات العرض الفنية على هذين العنصرين وما بينهما من حياة تمور بالكدح والعمل في الماضي أو الحاضر و المستقبل. الإمارات بهذا المعنى تمثل نموذجاً يحتذى في الشراكة الإنسانية من أجل نهضة الإنسان والخير والنماء والرفاه. توسل العرض بجملة من العناصر والمؤثرات السمعية والبصرية والأداء الحي لإيصال هذه الفكرة عبر رسائل العرض وشفراته في خلفية ديكور العرض ترك المخرج الباب مفتوحاً على (الأزرق) في إشارة إلى البحر، وعبر عن حركة البحر (بالدخان) المؤثر البصري المتحرك للقول إن الحياة تتحرك في محيط ديناميكي مداً وجزراً من البحر وإليه. هذه الخلفية عززها المخرج بتطبيقات من صور أرشيفية لرحلات البحر سواء لصيد الأسماك أو الغوص لاستخراج اللؤلؤ ومشهد السفن القديمة وسحنات الناس فضلاً عن الإشارة إلى ذراع بشرىة قوية ترفع الصاري في دلالة رمزية على أن الحياة لكي تبقى وتستمر تحتاج إلى اليد المتسلحة بالعزيمة والإرادة. ظهور شخصية الراوي يتأبط سجل المجد، وهو دفتر افتراضي يؤرخ للإمارات، أو المرأة التي تقدم بعض اللوحات من على خشبة المسرح يحمل أكثر من دلالة أهمها أن هذا المجد ومعركة الإمارات في البناء والتنمية صنعتا بتكامل وتعاون الجنسين. الأنثى في دلالات الفنون هي الأكثر شاعرية في التعبير عن الحياة المجتمعية ومعرفة أسرارها لذا كانت هذه القيمة المجتمعية حاضرة في العرض بدءاً بحاملات الزهور للشهداء وانتهاء بالعباءات المميزة للإماراتيات. ولم يغفل المخرج رغم احتشاد العرض بملحمة التطور التاريخي وبناء الإمارات بما فيها مداولات تأسيس الاتحاد، الإشارة إلى الفجيرة فظلت مستقرة في خلفيات المناظر بقلعتها وبوابتها التاريخية المنفتحة على مشهد البحر حيث الأفق اللامتناهي. واستخدم المخرج الحصان كمفردة حضارية تعبر عن الإنسان العربي الذي يعيش في الصحراء التي صنعت تاريخه وتجربته. وراعى مخرج العرض التنوع الإنساني في مزج فنون العالم في لوحة واحدة أيضاً ثم المزج بين الفنون التقليدية الشعبية في الإمارات، فامتزجت الحداثة والتاريخ معاً في لقاءٍ فني ٍ مبهر وظهرت الفنون الإماراتية التراثية نفسها في ثوب معاصر. ناقد من السودان

مشاركة :